القاهرة
بدأت مصر مرحلة جديدة من الخصخصة تشمل الشركات المملوكة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية الذي يسيطر عليه الجيش.
تم إنشاء جهاز مشروعات الخدمة الوطنية رسميًا في عام 1979 “من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي النسبي من متطلبات القوات المسلحة وكذلك تسويق الفائض محليًا ودوليًا”. لكنها تحولت إلى العقبة الرئيسية أمام ظهور فرص متكافئة للشركات.
تقول مصادر في القاهرة إن الحكومة المصرية مستعدة للمضي قدمًا في بيع الشركات المملوكة للدولة لدرء الاتهامات بعرقلة الإصلاحات الاقتصادية التي يطالب بها القطاع الخاص والمؤسسات المالية الدولية.
اتخذت وتيرة الخصخصة زخماً جديداً هذه المرة مع دخول الشركتين العالميتين شل ونورث بتروليوم في سباق الاستحواذ على الشركة الوطنية لبيع وتوزيع المنتجات البترولية (وطنية). وتنضم العروض المقدمة من الشركتين العالميتين إلى العروض المقدمة من شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، وشركة بترول الإمارات الوطنية (إينوك)، وشركة بترومين السعودية.
وبحسب أيمن سليمان، الرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي، فمن المتوقع أن تكشف الحكومة عن العرض الفائز قبل نهاية العام.
وتسعى الحكومة من هذه المبيعات إلى جني دخل بالعملة الأجنبية وتلبية متطلبات الإصلاح لصندوق النقد الدولي، كخطوة للحصول على دعم مالي دولي إضافي.
وعلى الرغم من الانتهاء من الفحص النافي للجهالة الذي قامت به الوطنية، إلا أن عملية بيع أصولها توقفت مؤخرًا بسبب استبعاد عدد من محطات الوقود التابعة لها من الصفقة. وبدلاً من ذلك، قامت الحكومة بتوسيع هذه الأصول إلى شركة جديدة مملوكة للدولة.
وقالت مصادر قريبة من الصفقة لصحيفة العرب ويكلي إنه من المتوقع أن تبيع شركة الوطنية للبترول مبدئيًا 176 من أصل 255 ساحة أمامية.
وقال الخبير الاقتصادي أحمد معطي إن المنافسة الشديدة التي تعاني منها شركة الوطنية ترجع إلى القطاع الواعد الذي تعمل فيه. وأضاف أن الحكومة أخرت خصخصتها للتأكد من أن الشركة على أرضية مالية قوية لجذب المستثمرين.
كما تقترب الحكومة من بيع الشركة الوطنية لإنتاج وتعبئة المياه الغازية (صافي) المملوكة للجيش أيضًا. أعلن الصندوق السيادي لمصر عن الانتهاء من إجراءات العناية الواجبة وسيتم الاستحواذ على الشركة من قبل مستثمرين من الإمارات أو السعودية بنهاية العام الجاري
وقعت شركة أبوظبي القابضة، إحدى الأذرع السيادية للإمارة، عقوداً نهائية مع الصندوق السيادي المصري لشراء أسهم في ثلاث شركات حكومية في قطاع الطاقة.
جدد صندوق الاستثمارات العامة السعودي (صندوق الثروة السيادية التابع له) اهتمامه بالاستحواذ على المصرف المتحد المصري بعد توقف المفاوضات بين الجانبين بسبب خلاف مع السلطات المصرية حول تقييمه. ومن المتوقع أن تبلغ قيمة الصفقة حوالي 700 مليون دولار.
واعتبر توقف بيع البنوك بمثابة تعثر في برنامج الاستثمار الضخم الذي وعدت به دول الخليج بعد أن دفع الغزو الروسي لأوكرانيا المستثمرين الأجانب إلى سحب أكثر من 20 مليار دولار من الأسواق المصرية، مما أدخل اقتصادها في أزمة.
وأشار المحلل المالي المصري سيد العويدي إلى أن الحكومة تواجه ضغوطا من صندوق النقد الدولي لتسريع عملية الخصخصة، وتحرص على بيع الشركات لمستثمرين استراتيجيين لضمان نجاحها، بدلا من طرحها في السوق.
وعلى الرغم من كل المطالبات المتكررة من صندوق النقد الدولي بخفض قيمة الجنيه والإسراع بإجراءات الإصلاح الاقتصادي الأخرى، فإن التوقعات تشير إلى أن القاهرة ستؤجل القرارات الصعبة التي قد ترفع التضخم إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها الشهر المقبل.
ونتيجة لذلك، خفضت ثلاث مؤسسات دولية، موديز وفيتش وستاندرد آند بورز، التصنيف الائتماني لمصر مشيرة إلى تدهور نسبة القدرة على تحمل الديون والنقص المستمر في احتياطيات العملات الأجنبية.
ويتوقع المحللون أن تحصل مصر على تمويل جديد من صندوق النقد الدولي قبل نهاية عام 2023، في إطار مذكرة تفاهم بين الطرفين، على أن تكتمل إجراءات الإصلاح مع بداية العام المقبل.
وتسعى القاهرة حاليا إلى جذب التمويل بالدولار حيث من المقرر أن تسدد نحو 1.45 مليار دولار من ديونها لصندوق النقد الدولي خلال شهري نوفمبر وديسمبر.
