خلال الشهر الماضي، انشغل الكثير منا بالأخبار المتعلقة بالكارثة الإنسانية التي تتكشف في غزة. إذا قرأنا عن الأحداث من خلال التقارير والتحليلات فقط، فإننا أحيانًا نبدأ في التعامل مع الأشخاص الذين يقفون وراء الأخبار على أنهم مجرد أرقام أو إحصائيات. في مثل هذه الأوقات، الأدب هو الذي يسمح لنا بالتواصل مع الناس بكل إنسانيتهم. ومن خلال الخيال، يمكننا أن نرى الشعب الفلسطيني ليس فقط كأمة عانت من مأساة وظلم هائلين، ولكن كأشخاص عاديين تحتوي قصصهم أيضًا على الفكاهة والحب والرومانسية، والتفاصيل الدنيوية للحياة اليومية التي تجعلهم ذات صلة وعالمية.
أردت أن أشارككم بعضًا من كتبي المفضلة لمؤلفين فلسطينيين والتي أثرت فيّ بتألق قصصهم.
منتهي
صباح في جنين
“صباحات في جنين” لسوزان أبو الهوى هي قصة مكتوبة بشكل جميل ومتعددة الأجيال لعائلة فلسطينية. ما يجعل السرد الخيالي قويًا جدًا هو أنه يعتمد بالكامل تقريبًا على أحداث حقيقية على مدى 50 عامًا.
على الرغم من أن أجزاء من الكتاب تؤلم القلب، إلا أنها أكثر من ذلك بكثير. الصباح في جنين يجعلك تفكر فيما يعنيه تسمية مكان ما بالوطن وتجربة الحياة في أقصى الحدود: خسارة كبيرة، وعكسها، حب كبير.
في مقدمة المجموعة، كتبت الكاتبة عدنية شبلي رد فعلها على قراءة إحدى قصص عزام: «النص نقش في روحي شوقًا عميقًا لكل ما كان، بما في ذلك العادي والمبتذل والمأساوي، إلى هذا الحد». وأنني لم أعد قادراً على قبول الحياة الصغيرة المهمشة التي نفينا إليها منذ عام 1948، عندما تحول وجودنا إلى «مشكلة».
التفاصيل البسيطة
تبدأ رواية عدنيا شبلي عام 1949، وهي مستوحاة من قصة حقيقية، عندما قتل جنود إسرائيليون مخيمًا للبدو في صحراء النقب، وأسروا شابة فلسطينية واغتصبوها وقتلوها ودفنوها في الرمال. وبعد سنوات عديدة، تكتشف امرأة في رام الله أن جريمة القتل حدثت قبل 25 عامًا في نفس يوم عيد ميلادها. أصبحت مهووسة بهذه “التفاصيل الصغيرة”. يطبق شبلي ببراعة الروايتين ليبين كيف أن الحاضر مسكون بالماضي.
الباريسي
تدور أحداث الفيلم على خلفية الحرب العالمية الأولى، وهو فيلم “الباريسي” لإيزابيلا حماد، وهو ملحمة تاريخية للشاب الفلسطيني مدحت كمال الذي يذهب إلى فرنسا لدراسة الطب. مع مرور السنين، تترابط قصص مدحت الشخصية عن الحب والخسارة والخيانة مع الجغرافيا السياسية في عصره: تفكك الإمبراطورية العثمانية، والنضال الفلسطيني من أجل الاستقلال عن الانتداب البريطاني، والظل الذي يلوح في الأفق للحرب العالمية الثانية.
لقد أطلقوا علي لقب اللبؤة
لم أقرأ قط شيئًا شجاعًا مثل هذه المذكرات التي كتبتها عهد التميمي، التي كانت في السادسة عشرة من عمرها فقط عندما سُجنت لمواجهتها جنديًا إسرائيليًا بعد مقتل ابن عمها. ومع ذلك، بدأ نشاطها في سن أصغر بكثير من خلال الاحتجاجات السلمية مع سكان قريتها النبي صالح عندما تعدى المستوطنون الإسرائيليون على بئر المياه العذبة في قريتهم. تعرضت عائلتها، بما في ذلك والديها، للمعاملة الوحشية بشكل روتيني وتم نقلهم إلى السجون.
ما أحببته في هذه المذكرات، التي كتبتها الصحفية دينا تكروري بشكل جميل، هو رؤية عهد لأول مرة كفتاة صغيرة: تتمتع بروح الدعابة، ومهتمة بالموسيقى والروايات، وشوق إلى أن تكون قادرة على الذهاب إلى هناك. الشاطئ مع عائلتها دون تصاريح أو حظر تجول. لسوء الحظ، في وقت كتابة هذا التقرير، عادت عهد إلى السجن بتهمة التحريض على العنف حيث أصبح الوضع في الضفة الغربية سيئًا في الأسابيع الأخيرة.