أعلنت وزارة الصحة في القطاع الذي تديره حركة حماس، السبت، أن عشرات الفلسطينيين قتلوا في الغارات الإسرائيلية الأخيرة في قطاع غزة، وذلك بعد أن انضم رئيس المخابرات الإسرائيلية إلى محادثات في باريس سعيا إلى فتح الطريق أمام المفاوضات بشأن هدنة.
وتأتي المحادثات بعد أن أثارت خطة غزة ما بعد الحرب التي كشف عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو انتقادات من حليفتها الرئيسية الولايات المتحدة، ورفضتها حماس والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل.
وتأتي المحادثات أيضا جنبا إلى جنب مع تفاقم المخاوف بالنسبة للمدنيين في غزة الذين هم في حاجة ماسة إلى الغذاء. وقالت وكالة الأمم المتحدة الرئيسية لإغاثة الفلسطينيين، الأونروا، إن سكان غزة “في خطر شديد بينما العالم يراقب”.
وقالت حماس يوم السبت إن القوات الإسرائيلية شنت أكثر من 70 غارة على منازل المدنيين في مدن غزة بما في ذلك دير البلح وخان يونس ورفح خلال الـ 24 ساعة الماضية. وقالت وزارة الصحة إن 92 شخصا على الأقل قتلوا.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه “يكثف العمليات” في غرب خان يونس باستخدام الدبابات والنيران قريبة المدى والطائرات.
وقال بيان عسكري إن “الجنود داهموا منزل عنصر كبير في المخابرات العسكرية” في المنطقة ودمروا فتحة نفق.
وقالت حركة حماس، الحركة الإسلامية الفلسطينية التي تحكم قطاع غزة منذ عام 2007، إن القتال يدور في منطقة الزيتون شمال قطاع غزة.
وفي مخيم جباليا للاجئين القريب، تتصاعد حدة التوتر، ونظم عشرات الأشخاص يوم الجمعة احتجاجا مرتجلا.
وكتب على لافتة رفعها أحد الأطفال: “لم نموت من الغارات الجوية ولكننا نموت من الجوع”.
وفي المخيم، كان الأطفال الممزقون ينتظرون بترقب، وهم يحملون حاويات بلاستيكية وأواني طهي ممزقة للحصول على القليل من الطعام المتاح. وقد اعتاد السكان على تناول بقايا الذرة الفاسدة وأعلاف الحيوانات غير الصالحة للاستهلاك البشري وحتى أوراق الشجر.
وقالت وزارة الصحة في غزة إن الطفل الرضيع محمود فتوح، البالغ من العمر شهرين، توفي بسبب “سوء التغذية”.
وقالت منظمة إنقاذ الطفولة الخيرية “من المتوقع أن يتزايد خطر المجاعة طالما استمرت حكومة إسرائيل في عرقلة دخول المساعدات إلى غزة” وكذلك الوصول إلى المياه والخدمات الصحية وغيرها من الخدمات.
ودافعت إسرائيل عن جهودها لتوصيل المساعدات إلى غزة، قائلة إن 13 ألف شاحنة محملة بالمساعدات دخلت غزة منذ بداية الحرب.
وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في تقرير يوم الجمعة إنه في رفح، بالقرب من الحدود المصرية، ورد أن الناس يوقفون شاحنات المساعدات لأخذ الطعام، وهو ما يدل على يأسهم.
– خطة مثيرة للجدل لما بعد الحرب –
وبدأت الحرب بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنته حماس في السابع من تشرين الاول/اكتوبر والذي اسفر عن مقتل نحو 1160 شخصا في اسرائيل، معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس استنادا الى ارقام رسمية.
كما احتجز مسلحو حماس رهائن، ولا يزال 130 منهم في غزة، من بينهم 30 يُفترض أنهم ماتوا، وفقًا لإسرائيل.
وأدى الهجوم الانتقامي الإسرائيلي إلى مقتل ما لا يقل عن 29606 شخصا، معظمهم من النساء والأطفال، وفقا لأحدث حصيلة نشرتها وزارة الصحة في غزة يوم السبت.
ومع استمرار الحرب بعد أكثر من أربعة أشهر، كشف نتنياهو يوم الخميس عن خطة لغزة ما بعد الحرب تقضي بإدارة الشؤون المدنية من قبل مسؤولين فلسطينيين دون أي صلة بحماس.
وتقول الخطة إنه حتى بعد الصراع، سيكون للجيش الإسرائيلي “حرية غير محددة” للعمل في جميع أنحاء غزة لمنع أي عودة للنشاط الإرهابي، وفقا للمقترحات.
وتقول أيضًا إن إسرائيل ستمضي قدمًا في خطة جارية بالفعل لإنشاء منطقة أمنية عازلة داخل غزة على طول حدود القطاع.
وقال أسامة حمدان، وهو مسؤول كبير في حماس، إن نتنياهو “يطرح أفكارا يعلم جيدا أنها لن تنجح أبدا”.
كما أثارت الخطة انتقادات من الولايات المتحدة.
وقال جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي “يجب أن يكون للشعب الفلسطيني صوت وتصويت… من خلال السلطة الفلسطينية المنشطة” التي تتمتع حاليا بسيطرة إدارية جزئية في الضفة الغربية.
وأضاف أن الولايات المتحدة “لا تؤمن بتقليص حجم غزة”.
– “أعيدوهم” –
وسافر وفد إسرائيلي برئاسة رئيس جهاز المخابرات الموساد ديفيد بارنيا إلى باريس في محاولة جديدة للتوصل إلى اتفاق لإعادة الرهائن المتبقين.
وقد شاركت الولايات المتحدة ومصر وقطر بشكل كبير في المفاوضات السابقة التي كانت تهدف إلى تأمين هدنة وتبادل الأسرى والرهائن.
وتصاعدت الضغوط على حكومة نتنياهو للتفاوض على وقف إطلاق النار وتأمين إطلاق سراح الرهائن. وخططت مجموعة تمثل عائلاتهم لما وصفته بـ”تجمع حاشد” للمطالبة باتخاذ إجراء أسرع، تزامنا مع محادثات باريس مساء السبت.
وقالت أفيفيت يابلونكا (45 عاما)، التي اعتقلت شقيقتها حنان يابلونكا في 7 أكتوبر/تشرين الأول، خلال عشاء السبت التقليدي لعائلات الرهائن في تل أبيب: “نستمر في القول لكم: أعيدوهم إلينا! ومهما كانت الطريقة”.
وأجرى مبعوث البيت الأبيض بريت ماكجورك محادثات هذا الأسبوع مع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت في تل أبيب بعد أن تحدث مع وسطاء آخرين في القاهرة التقوا بزعيم حماس إسماعيل هنية.
وقال مصدر في حماس إن الخطة الجديدة تقترح وقف الصراع لمدة ستة أسابيع وإطلاق سراح ما بين 200 و300 سجين فلسطيني مقابل 35 إلى 40 رهينة تحتجزهم حماس.
وساعد بارنيع ونظيره الأمريكي من وكالة المخابرات المركزية في التوسط في هدنة لمدة أسبوع في نوفمبر شهدت إطلاق سراح 80 رهينة إسرائيلية مقابل 240 سجينًا فلسطينيًا محتجزين في السجون الإسرائيلية.
وأدت الحرب إلى هجمات متكررة على السفن في البحر الأحمر وخليج عدن من قبل المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن والذين يقولون إنهم يتصرفون تضامنا مع الفلسطينيين في غزة.
روبيمار، سفينة الشحن المسجلة في بريطانيا والتي تم التخلي عنها في خليج عدن بعد أحد هذه الهجمات، بدأت تتسرب إليها المياه وتركت بقعة نفطية ضخمة.
بور-إيت/روكس
