القاهرة
سترفع مصر، وهي في كثير من الأحيان أكبر مستورد للقمح في العالم، سعر الخبز المدعوم بشدة لأول مرة منذ عقود، وهو قرار حساس سياسيا تم تأجيله لسنوات.
وقال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في مؤتمر صحفي يوم الأربعاء إن سعر الخبز المدعوم سيقفز 300 بالمئة إلى 20 قرشا (0.0042 دولار) من 5 قروش اعتبارا من يونيو المقبل.
وتراهن الحكومة على أن الغضب المكبوت للطبقات الفقيرة لن يمتد إلى ما هو أبعد من التذمر على وسائل التواصل الاجتماعي. يقول مراقبو الوضع المصري إن الكثير من المصريين ليسوا على استعداد لتحدي السلطات والمخاطرة بشن حملة أمنية.
ويستفيد نحو ثلثي سكان مصر البالغ عددهم أكثر من مائة مليون نسمة من برنامج يعطي خمسة أرغفة من الخبز المستدير يوميا مقابل 5 قروش للرغيف. وأدت محاولة تغيير نظام الدعم إلى أعمال شغب في عام 1977.
تعتبر هذه الصدقات بمثابة شريان حياة للفقراء، ولكن غالبًا ما يتم انتقادها باعتبارها إسرافًا وضغطًا على الميزانية.
ويقول محللون إن القلق الرئيسي لملايين المصريين، الذين اعتادوا على شراء الخبز بأسعار مدعومة، هو رؤية قرار الحكومة يثير دوامة تضخمية تنال من قدرتهم الشرائية حيث يمكن أن يؤثر ذلك على أسعار بقية السلع الأساسية والسلع الأساسية.
وقال الباحث في الاقتصاد السياسي كريم العمدة لصحيفة “العرب ويكلي” إن الحكومة الحالية قد تدفع الثمن في النهاية على الرغم من أن أسعار الخبز الجديدة لا تزال “محتملة” بالنسبة لغالبية المصريين.
وقال العمدة إن “الدعم المفرط لأسعار الخبز كان بمثابة رشوة حكومية للفقراء من قبل الأنظمة المتعاقبة، لدرجة أن بعض المؤيدين والمعارضين لهذه الخطوة كانوا يستغلون الأمر سياسياً”.
وأضاف أن “القرار قد يؤثر على علاقة الحكومة بالطبقات العاملة التي تمثل الشريحة الأكبر في المجتمع. ومن ثم فمن المرجح أن يتم التضحية بحكومة مدبولي في نهاية المطاف من أجل استرضاء الشارع.
ويأتي هذا الإعلان بعد أن سمحت مصر بتخفيض حاد في قيمة عملتها في مارس وتحولت إلى نظام سعر صرف مرن. ارتفع التضخم إلى مستوى قياسي في الصيف الماضي، ثم تراجع قليلا منذ ذلك الحين.
وقال مدبولي “ندرك تماما أن (ارتفاع الأسعار) قضية شائكة وحاولت حكومات كثيرة (في الماضي) تجنب التحرك بشأنها”.
“لكننا نرى اليوم حجم فاتورة الدعم على الدولة المصرية ولذلك كان علينا أن نبدأ في التحرك بأقل قدر ممكن لضمان استدامة الخدمة”.
وقال مدبولي إن الحكومة تدرس التحرك نحو دعم نقدي مشروط للخبز. ولم تقم السلطات بعد بتطوير قاعدة بيانات تسمح لها بالمشاركة في الدعم المالي الموجه للمحتاجين.
وبعد عامين من النقص المزمن في العملات الأجنبية، حصلت مصر على تمويل غير متوقع منذ أواخر فبراير من صندوق النقد الدولي والإمارات العربية المتحدة وكيانات أخرى.
وقال وزير التموين علي مصيلحي في نفس المؤتمر الصحفي إن السعر الجديد يمثل 16% من تكلفة تصنيع الخبز التي ارتفعت إلى 125 قرشاً من 115 قرشاً العام الماضي.
وقالت وزارة المالية في مارس آذار إنها ستخصص نحو 125 مليار جنيه مصري (2.66 مليار دولار) لدعم الخبز في موازنة الدولة 2024-2025 ونحو 147 مليار جنيه لدعم المنتجات البترولية.
واستوردت مصر نحو 10.88 مليون طن متري من القمح عام 2023، بزيادة 14.7% مقارنة بـ 9.48 مليون طن عام 2022.
وقال المصيلحي إن القرار لن يؤثر على كميات القمح التي تستوردها الدولة.
