أعلن وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس يوم الأحد استقالته وسط احتفالات بإنقاذ أربع رهائن من غزة التي مزقتها الحرب في غارة يقول الفلسطينيون إنها أسفرت عن مقتل المئات.
واستقالة غانتس هي أحدث علامة على تفاقم المعارضة الداخلية بشأن طريقة تعامل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع الحرب المستمرة منذ ثمانية أشهر، وهي أول ضربة سياسية كبيرة له خلال الصراع.
وجاء ذلك بعد أن خاضت القوات الخاصة معارك بالأسلحة النارية مع نشطاء فلسطينيين يوم السبت في منطقة مخيم النصيرات المزدحم للاجئين بوسط قطاع غزة أثناء قيامها بتحرير الأسرى الأربعة.
وقال الجيش الإسرائيلي إن فريق الاستخراج والأسرى تعرضوا لإطلاق نار كثيف وقنابل يدوية، مما أدى إلى مقتل ضابط شرطة، في حين شنت القوات الجوية الإسرائيلية ضربات حولت المباني القريبة إلى أنقاض.
وقالت وزارة الصحة في القطاع الذي تسيطر عليه حماس إن 274 شخصا قتلوا وأصيب 698 آخرون فيما أسمته “مذبحة النصيرات” وهي أرقام لم يتسن التحقق منها بشكل مستقل.
وقالت الوزارة إن من بين هؤلاء ما لا يقل عن 64 طفلا و57 امرأة و37 مسنا.
وقال مهند ثابت (35 عاما)، أحد سكان النصيرات: “كان الناس يصرخون، صغارا وكبارا، نساء ورجالا”.
“الجميع أراد الفرار من المكان، لكن القصف كان مكثفاً وكل من يتحرك كان معرضاً لخطر القتل بسبب القصف العنيف وإطلاق النار”.
وكانت نوعية ارجماني (26 عاما) وألموغ مئير جان (22 عاما) وأندري كوزلوف (27 عاما) وشلومي زيف (41 عاما) قد اختطفوا من مهرجان نوفا الموسيقي خلال هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول على جنوب إسرائيل والذي أدى إلى نشوب الحرب.
وذرف العديد من الإسرائيليين دموع الفرح عندما سمعوا بإطلاق سراح الأسرى الأربعة، وجميعهم بصحة جيدة.
ونشر الجيش لقطات للأسرى المحررين وهم يحتضنون أفراد عائلاتهم، وأظهر المكتب الصحفي الحكومي نتنياهو وهو يزورهم في المستشفى.
لكن فرحة مئير جان بإطلاق سراحه تبددت بسبب وفاة والده بنوبة قلبية قبل يوم واحد فقط.
– تصاعد الضغط –
وتأتي استقالة غانتس بعد أن أصدر إنذارا لنتنياهو لتقديم خطة ما بعد الحرب لغزة بحلول 8 يونيو.
ورد نتنياهو بإخبار غانتس أن هذا “ليس الوقت المناسب للتخلي عن المعركة”.
وفي حين أن استقالة غانتس لن تؤدي إلى إسقاط حكومة رئيس الوزراء اليمينية، إلا أنها تعكس ضغوطا داخلية متزايدة بسبب فشل نتنياهو في إعادة الرهائن المتبقين.
كما استقال قائد عسكري كبير، العميد آفي روزنفيلد، يوم الأحد بسبب ما وصفه بفشله في منع هجوم 7 أكتوبر.
وزعمت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أن رهائن آخرين قُتلوا أثناء عملية الإنقاذ، وحذرت من أن الظروف ستزداد سوءًا بالنسبة للأسرى المتبقين.
وكتب المتحدث أبوعبيدة على تلغرام أن “العملية ستشكل خطرا كبيرا على أسرى العدو وسيكون لها تأثير سلبي على أحوالهم”.
والرهائن الأربعة المحررون هم من بين سبعة فقط تمكنت القوات الإسرائيلية من إنقاذهم أحياء منذ أن استولى المسلحون الفلسطينيون على 251 رهينة في هجومهم يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وتم تبادل العشرات في هدنة تشرين الثاني/نوفمبر مع سجناء فلسطينيين. وبعد عملية الإنقاذ التي جرت يوم السبت، لا يزال هناك 116 رهينة في غزة، على الرغم من أن الجيش يقول إن 41 منهم لقوا حتفهم.
ورفض كبير الدبلوماسيين الإسرائيليين الاتهامات بارتكاب “جرائم حرب” في العملية.
وقال وزير الخارجية إسرائيل كاتس: “سنواصل العمل بتصميم وقوة، وفقا لحقنا في الدفاع عن النفس، حتى يتم إطلاق سراح جميع الرهائن وهزيمة حماس”.
وفي محاولة لتفسير عدد الضحايا المدنيين والأضرار الناجمة عن الغارة، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بيتر ليرنر لشبكة ABC الأمريكية إن القوات “تعرضت لإطلاق نار من تهديد 360 درجة… لقد كانت وما زالت منطقة حرب”.
وأدى القتال اللاحق إلى مقتل أربعة أفراد من عائلة واحدة عندما أصابت غارة جوية منزلهم في منطقة الدرج بمدينة غزة، شمال القطاع، وفقًا لمسعفي المستشفى الأهلي.
وقال شهود عيان لوكالة فرانس برس ان مروحيات اسرائيلية أطلقت نيرانها شرق مخيم البريج قرب النصيرات.
وقال مسؤولون في المدينة الجنوبية إن قصفاً مدفعياً عنيفاً استهدف المناطق الوسطى والشمالية من مدينة رفح.
ورحب جوزيب بوريل منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي بإطلاق سراح الرهائن وقال إن التقارير عن “مذبحة أخرى للمدنيين مروعة… حمام الدم يجب أن يتوقف على الفور”.
– بلينكن يتوجه إلى الشرق الأوسط –
وأطلق الرئيس الأمريكي جو بايدن في 31 مايو/أيار حملة جديدة لوقف إطلاق النار واتفاق إطلاق سراح الرهائن، لكن دون أي نتائج ملموسة حتى الآن.
وتصر حماس على هدنة دائمة وانسحاب إسرائيلي كامل من جميع أنحاء غزة – وهي المطالب التي رفضتها إسرائيل بشدة.
وندد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، الأحد، بـ”المجزرة المروعة” في النصيرات، وأكد أن “أي اتفاق يتم التوصل إليه يجب أن يتضمن وقفا دائما للعدوان، وانسحابا كاملا من القطاع، وصفقة تبادل وإعادة إعمار”.
ومن المقرر أن يزور وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الشرق الأوسط اعتبارا من يوم الاثنين في جولته الإقليمية الثامنة منذ هجوم 7 أكتوبر، ومن المقرر أن يتوقف في إسرائيل ومصر والأردن وقطر.
وأصر بلينكن يوم السبت مرة أخرى على أن “الشيء الوحيد الذي يقف في طريق تحقيق وقف إطلاق النار هذا هو حماس. لقد حان الوقت لهم لقبول الصفقة”.
واندلعت الحرب الأكثر دموية على الإطلاق في غزة بعد الهجوم الذي وقع في 7 تشرين الأول/أكتوبر على جنوب إسرائيل وأسفر عن مقتل 1194 شخصا، معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد أعدته وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
وأدى الهجوم العسكري الإسرائيلي الانتقامي إلى مقتل ما لا يقل عن 37084 شخصًا في غزة، معظمهم أيضًا من المدنيين، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.
وتسببت الحرب في دمار واسع النطاق في غزة وتسببت في نزوح معظم سكانها البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة، والعديد منهم على شفا المجاعة.
ولم تصل المساعدات إلا بشكل متقطع عن طريق الشاحنات وعمليات الإنزال الجوي والبحر.
وقال الجيش الأمريكي إن رصيفًا مؤقتًا تعرض لأضرار بسبب العواصف أواخر الشهر الماضي أعيد بناؤه واستخدم يوم السبت لتوصيل حوالي 492 طنًا من “المساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها”.
burs-jd/fz/jsa/it
