تحدى أكثر من 1.5 مليون مسلم درجات الحرارة الشديدة للوصول إلى جبل عرفات يوم السبت لأداء فريضة الحج السنوية، وأدوا الصلاة لساعات، خاصة للفلسطينيين في قطاع غزة الذي مزقته الحرب.
وبدأ المصلون، وهم يرتدون ملابس بيضاء، في الوصول عند الفجر لأداء أكثر الأيام قسوة في المناسك السنوية، حيث صعدوا التل الصخري الذي يبلغ ارتفاعه 70 مترًا (230 قدمًا) حيث يعتقد أن النبي محمد ألقى خطبته الأخيرة.
وقال محمد آسر المصري البالغ من العمر 46 عاما والذي جاء مستعدا بقائمة من الصلوات “هذا هو أهم يوم”. “أصلي أيضًا من أجل الفلسطينيين. الله يساعدهم”.
ويأتي موسم الحج هذا العام في ظل الحرب الدائرة في غزة بين إسرائيل وحماس، والتي اندلعت بسبب الهجوم غير المسبوق الذي شنه المسلحون الفلسطينيون على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وأدى الهجوم إلى مقتل 1194 شخصا، معظمهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
وأدى الهجوم العسكري الإسرائيلي الانتقامي إلى مقتل ما لا يقل عن 37266 شخصًا في غزة، معظمهم أيضًا من المدنيين، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع الذي تسيطر عليه حماس.
وحذر الوزير السعودي المسؤول عن الحج، توفيق الربيعة، الأسبوع الماضي من أنه لن يتم التسامح مع “أي نشاط سياسي” خلال موسم الحج.
لكن ذلك لم يمنع حاجاً واحداً على الأقل من الهتاف دعماً للفلسطينيين الذين تحملوا أكثر من ثمانية أشهر من القصف المتواصل.
وهتف “ادعو لإخواننا في فلسطين وغزة… الله ينصر المسلمين”.
وفي رسالة إلى الحجاج يوم السبت، قال المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي إن “المقاومة الحديدية لفلسطين وشعب غزة الصابر والمضطهد… يجب دعمهما بالكامل بكل الطرق”.
قالت وسائل إعلام رسمية إن نحو 2000 فلسطيني يؤدون فريضة الحج بدعوة خاصة من العاهل السعودي الملك سلمان.
– حرارة “مخيفة” –
ويتأثر الحج، وهو أحد أكبر التجمعات الدينية في العالم، بشكل متزايد بتغير المناخ، وفقا لدراسة سعودية نشرت الشهر الماضي قالت إن درجات الحرارة الإقليمية ترتفع 0.4 درجة مئوية كل عقد.
وقال أبرامان هاوا، 26 عاما، من غانا، إن الطقوس، التي تستغرق خمسة أيام على الأقل، وتقام في الغالب في الهواء الطلق، “ليست سهلة لأن الجو حار جدا”.
وأضافت “لدينا شمس… لكن الجو ليس حارا. لكني سأدعو الله في عرفات لأنني بحاجة لدعمه”.
ومن المتوقع أن تصل درجة الحرارة إلى 43 درجة مئوية (109.4 درجة فهرنهايت) يوم السبت، مما يشكل تحديات أمام الحجاج الذين وصلوا إلى جبل عرفات بعد قضاء الليل في مدينة خيام عملاقة في وادي منى خارج مكة، أقدس مدينة في الإسلام.
وحثت السلطات السعودية الحجاج على شرب الكثير من الماء وحماية أنفسهم من أشعة الشمس. وبما أن الرجال ممنوعون من ارتداء القبعات، فإن العديد منهم يحملون مظلات.
وصرح مسؤول سعودي لوكالة فرانس برس هذا الأسبوع أنه تم تسجيل أكثر من 10 آلاف حالة مرضية مرتبطة بالحرارة العام الماضي، 10 بالمئة منها ضربة شمس.
واعترف أحمد كريم عبد السلام، وهو حاج هندي يبلغ من العمر 33 عاما، بأنه وجد احتمال مرور ساعات على جبل عرفات “مخيفا بعض الشيء”.
وأضاف أنه بمساعدة المظلة ورشاشات المياه “إن شاء الله كل شيء سيكون على ما يرام”.
– “مرة واحدة في العمر” –
الحج هو أحد أركان الإسلام الخمسة ويجب على جميع المسلمين الذين لديهم الإمكانيات أن يؤديوه مرة واحدة على الأقل.
ومع ذلك، قد يكون من الصعب الحصول على التأشيرات، التي يتم منحها للدول الفردية بموجب نظام الحصص.
وقال عبد الرحمن صيام، وهو حاج عراقي يبلغ من العمر 55 عاما، كان يؤدي المناسك على ساق صناعية: “إنها فرصة لا تأتي إلا مرة واحدة في العمر، ولم يكن بإمكاني ألا آتيها”.
وبعد جبل عرفات، سيتوجه الحجاج إلى مزدلفة، حيث سيقومون بجمع الحصى لتنفيذ شعيرة “رجم الشيطان” الرمزية في منى يوم الأحد.
ويقال إن الحج يتبع مسار الحج الأخير للنبي محمد، منذ حوالي 1400 عام.
وهو مصدر مهم للشرعية لسلالة آل سعود، التي يحمل ملكها لقب “خادم الحرمين الشريفين”، في مكة والمدينة.
ويمثل هذا أيضًا مكاسب مالية كبيرة غير متوقعة للدولة المحافظة، التي تحاول تطوير السياحة الدينية كجزء من حملة لتقليل اعتمادها على النفط الخام.
واستقبلت المملكة أكثر من 1.8 مليون حاج العام الماضي لأداء مناسك الحج، جاء نحو 90 بالمئة منهم من الخارج.
كما استقبلت 13.5 مليون مسلم جاءوا لأداء العمرة، وهي الحج الذي يمكن القيام به على مدار السنة، وتهدف إلى الوصول إلى 30 مليون حاج في المجموع بحلول عام 2030.
