Connect with us

Hi, what are you looking for?

اخر الاخبار

احتجاجات العيد في عمان

ومن السابق لأوانه القول ما إذا كانت ردود فعل العمانيين على تجمع قبيلة المشني في ظفار تشكل نوعا من الاستفتاء الشعبي على غلبة الروح الوطنية على الدوافع القبلية التقليدية.

وبغض النظر عن بعض ردود الفعل المتوترة، يمكن ملاحظة المزاج العام الذي ساد وسائل التواصل الاجتماعي وتركيزها على التلاحم الوطني بعيدا عن المناطقية. إن شيوع هذه الشخصية يعود الفضل فيه إلى العمانيين.

وكان الجمع الكبير تضامنيا مع بعض أفراد قبيلة المشاني الهكلي ذات النفوذ في منطقة ظفار الذين أدوا صلاة عيد الأضحى حسب تقويم أم القرى السعودي، أي في نفس الوقت. مثل الاحتفال بالعيد في مكة. وتأخر الاحتفال الرسمي بالعيد في سلطنة عمان يوما واحدا لعدم التأكد من رؤية الهلال الذي يحدد بداية الشهر. وفي السنوات السابقة، أصدرت السلطنة بيانات رسمية من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بمواءمة تقويم العيد مع تقويم أم القرى. وكانت هناك فجوة يوم واحد هذه المرة بين التقويمين حول تاريخ الاحتفال بعيد الأضحى. وبعد ذلك، احتفل بعض العمانيين بالعيد قبل يوم واحد من احتفاله الرسمي في السلطنة. وتحركت القوات الأمنية لاعتقال شخصيتين بارزتين من عشيرة المشعاني، دون توجيه أي اتهامات لهما. لكن كان من الواضح أن السلطات اعتبرت أن إقامة صلاة العيد بعد يوم واحد من الموعد الرسمي المحدد لها يعد تجاوزا يستدعي التدخل الحكومي. وردت القبيلة بتنظيم مسيرة احتجاجية مما زاد من إثارة المشاعر.

ربما يكون من المبالغة بعض الشيء الحديث عن الفتنة. وكانت قضية صلاة العيد موضع احتجاج قبيلة المشاني. ومن المؤكد أن الأمر كان أكثر من مجرد مسألة الالتزام بالتقويم الذي تحدده الدولة للأعياد الوطنية والدينية. وكان بإمكان المصلين الاحتفال بالعيد في منازلهم أو في مجالسهم الخاصة، دون إعطاء انطباع بتحدي السلطات. لكن الصلاة ثم التجمع اللاحق والبيان الذي صدر وكذلك توزيع صور للحدث تكشف حجم التجمع مع التعليقات المؤيدة والمنتقدة، كل ذلك يشير إلى أننا نتعامل هنا مع أكثر من احتجاج المتعلقة بحدث ديني.

ظفار ليست منفصلة عن كل هذا. وشهدت المنطقة العديد من الثورات والحركات الاحتجاجية. وفي الواقع يمكن القول أن مشاكل ظفار لعبت الدور الأكبر في تشكيل نوع الحكم في مسقط.

ومن أهم أسباب تحرك السلطان الراحل قابوس لخلع والده السلطان سعيد بن تيمور، تدهور الوضع السياسي والاجتماعي والعسكري في ظفار.

وللدقة، لا بد من الإشارة إلى أن السلطان سعيد نفسه أدرك أهمية المنطقة، وقضى معظم وقته في صلالة، حيث تزوج مرتين من قبيلة المشني. المعشني هم أخوال السلطان قابوس الراحل.

النهضة العمانية، التي أصبحت موضوع حركة التغيير بعد اعتلاء السلطان قابوس العرش عام 1970، شملت إلى حد كبير عملية الإصلاح الاقتصادي في ظفار.

واستطاع السلطان الراحل احتواء أزمة المنطقة وتغيير مسار الحرب هناك، فاستقر الوضع بعد عام 1974. وكان بناء الدولة في عمان مركزياً بشكل صارم في ظفار ومناطق أخرى من السلطنة. تم احتواء الاحتجاجات الإقليمية والاقتصادية في السلطنة، والتي لم تقتصر على ظفار، في نهاية المطاف، وشرعت عمان في عملية تنمية كبيرة مماثلة لتلك التي قام بها جيرانها في الخليج.

أخبرني بعض العمانيين الذين التقيت بهم داخل السلطنة وخارجها أن حركة الاحتجاج التي رافقت ما يسمى بـ “الربيع العربي” كانت لها جذور تاريخية في ظفار ومناطق أخرى في شمال عمان، مثل صحار.

وكان البعد الاجتماعي حاضرا، وكانت هناك تلميحات للتأثير الديني. لكن ما سمعته من الشباب في صلالة وصحار في ذلك الوقت كان يتعلق في المقام الأول بالوظائف وتوفير فرص العمل لخريجي الجامعات. ويمكن القول إن الدولة العمانية تمكنت من احتواء هذه الاحتجاجات بخفة حركة كبيرة، حيث قامت بإقالة العديد من المسؤولين الذين اعتبروا سببا في تعثر جهد الدولة أو يشتبه في حجبهم معلومات مهمة عن السلطان قابوس.

خلال السنوات القليلة الماضية، ظهرت علامات متزايدة على وجود دوافع طائفية وراء أي استئناف للاحتجاجات. وكان ذلك متوقعاً تماماً، ليس لأن العمانيين منقسمون بشكل حاد على أسس طائفية، بل لأن العامل الإيراني الذي يغذي الطائفية في المنطقة أصبح أكثر بروزاً، خاصة في الحروب الأهلية التي تجتاح دولاً كبرى في المنطقة مثل العراق وسوريا واليمن. ومن الصعب على العُمانيين أن يواجهوا حرباً أهلية طائفية على حدودهم مع اليمن دون أن يتأثروا ويضطروا إلى إعادة تفسير وضعهم الاجتماعي في ضوئها. تغيرت لهجة المطالبة بحقوق أكبر في ظفار، مرددة صدى بعض أحاديث الستينيات عن القومية والاستعمار. قبل الآن، نادراً ما تُسمع تصريحات عن الشافعية والإباضية والشيعة.

وهذا التغيير، كما أخبرني بعض العمانيين، نابع من الحذر من المحاولات الجديدة لفرض هيمنة أي طائفة على أخرى بناء على مكانتها ونفوذها في المجتمع.

ولا يمكن مقارنة صمود الدولة في عمان وسلطتها وصفائها في مواجهة التحديات الداخلية والإقليمية بأمثلة أخرى في المنطقة تمكنت فيها مجموعات معينة من فرض هيمنتها على أساس دوافع طائفية أو دينية. النموذج اللبناني المتمثل في هيمنة حزب الله، والنموذج العراقي المتمثل في قوات الحشد الشعبي، إن لم يكن الحكومة العراقية بأكملها، والمثال اليمني المتمثل في احتكار الحوثيين للسلطة وتدميرهم للتوازن الطائفي التقليدي بين الطرفين. الشافعية والزيدية، ثلاثة أمثلة بارزة تثير المخاوف من اتساع هذا النموذج القائم على الأقليات ليصبح النمط السائد في المنطقة. لكن مقارنة الأمثلة شيء، والتكهن بالتداعيات المستقبلية المحتملة للتطورات الجارية في أمر آخر تماما.

هذه الحقائق تساعد في تفسير ما حدث في عمان قبل أيام ولماذا نشأت التوترات بشأن مسألة العيد، بينما في الماضي كان الالتزام أو عدم الالتزام بتقويم أم القرى يمر دون إثارة أي مشاكل. ويرى البعض في المواقف السياسية الرسمية من إيران ومن الوضع في اليمن، وكذلك عبارات التضامن الصادرة عن أعلى المرجعيات الدينية في البلاد، الداعمة للحوثيين في هجماتهم على الملاحة الدولية بحجة دعم غزة، مؤشرات على وجود تغيير أعمق في العلاقات الطائفية في البلاد.

ولعل معتصمي قبيلة مشاني أرادوا، خاصة في البيان الذي وجهوه إلى السلطات، التذكير، ولو بشكل غير مباشر، بأسباب الاحتجاج. وأشارت الفقرة الأولى من بيانهم إلى استمرار تمسكهم بتقويم أم القرى، مما يشير إلى أنه لا رجعة بعد الحادثة. وتضمنت الفقرة الثانية شكوى موجهة إلى أعلى مستوى في الحكومة، مما يدل على ثقتهم في السلطان هيثم بن طارق باعتباره حكماً عادلاً قادراً على تجنب ما يعتبرونه فرضاً تعسفياً من قبل أي فئة معينة لهيمنتها على الدولة، من خلال حكمه. التحول إلى نمط أكثر توازناً من التعايش بين المكونات الطائفية المختلفة في البلاد.

كما أعربوا عن قلقهم من أن الأمور قد تبدأ في الانهيار مع فرض تقويم العيد واعتقال من لم يلتزم به. لكن هذا قد يكون بداية لتحركات أخرى، كما حصل في أكثر من دولة عربية، بما فيها دول كانت تفتخر بالتوازن الطائفي والعرقي في داخلها، بل وعلمانيةها.

فالقبائل التي ترسخت علاقتها بالعائلة الحاكمة من خلال المصاهرة والولاء، في إطار عملية بناء الدولة الوطنية العمانية غير الطائفية بعد عام 1974، شهدت تطورات مقلقة تتكشف أمام أعينها. بدأ ذلك بتحويل طرق ظفار إلى ممرات للحوثيين، وعودة الحديث عن أهمية الأسرة العلوية مع إنشاء مساجد تحمل أسماء مثل وزير الخارجية الأسبق يوسف بن علوي. ولعل الخطر الأخطر الذي ينتظرنا هو أن نرى هذه القبائل تبحث عن سلطة دينية عابرة للحدود، كما حدث عندما انقسمت الولاءات في مدينتي المهرة وحضرموت اليمنيتين المجاورتين. الجغرافيا عنيدة بغض النظر عن الحواجز والجدران التي أقيمت.

وتضمن فيديو التجمع العشائري المشني صورا مثيرة لمواقف السيارات القريبة تظهر العدد الكبير من المشاركين. لكن يمكن لأي مراقب أيضاً أن يرى مدى انتشار السيارات الحديثة والغالية الثمن. البعد الاقتصادي الذي أثار الاحتجاجات السابقة أصبح أقل أهمية اليوم، مع وفاء الدولة العمانية بوعودها بتوفير فرص العمل للشباب العماني. من الواضح أن هذا كان نوعًا مختلفًا من الاحتجاج مع تغير الزمن.

اضف تعليقك

اترك تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

اخر الاخبار

هددت إسرائيل وحزب الله يوم الأحد بتصعيد هجماتهما عبر الحدود على الرغم من الدعوات الدولية المتكررة لكلا الجانبين للتراجع عن شفا الحرب الشاملة. قال...

اخر الاخبار

الرياض بعد عام واحد فقط من الإعلان عن تقارب العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، أوقف الزعيم الفعلي للمملكة العربية السعودية الحديث عن التطبيع مع تهديد...

الخليج

وجهت شرطة أبوظبي، تذكيراً للسائقين، حذرتهم فيه من التجاوز المتهور وتغيير المسار في الإمارة. ونشرت الهيئة عبر حسابها الرسمي على تويتر عدة مقاطع فيديو...

دولي

يصل الرئيس الأمريكي جو بايدن، برفقة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، ورئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز، ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، للتحدث عن إعلان...

رياضة

يلعب ريشاب بانت لاعب منتخب الهند (يسار) إحدى الضربات بينما يراقبه حارس مرمى منتخب بنجلاديش ليتون داس. — وكالة فرانس برس بعد مرور ما...

اخر الاخبار

تفقد الإسرائيليون الملاجئ وخزنوا المواد الغذائية يوم الأحد بعد أن هددت صواريخ حزب الله المدن الشمالية، وقال البعض إنهم لم يشعروا بالقلق إزاء الخطر....

اخر الاخبار

الرباط قال متحدث باسم الحكومة المغربية إن المغرب اعتقلت 152 شخصا سيواجهون الآن المحاكمة بتهمة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتحريض على محاولة الهجرة غير...

الخليج

في دولة الإمارات العربية المتحدة، يتعين على جميع الموظفين الحصول على بطاقة عمل، والتي يتم إصدارها من قبل المنطقة الحرة التي يعملون فيها أو...