وقعت الفصائل الفلسطينية، بما في ذلك حركتا حماس وفتح المتنافستان، في بكين يوم الثلاثاء اتفاقا لإنهاء الخلاف المستمر منذ سنوات وتشكيل حكومة وحدة وطنية مؤقتة للأراضي الفلسطينية.
وتم توقيع “إعلان بكين لإنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية” خلال الحفل الختامي لجولة استمرت يومين من محادثات المصالحة بحضور القيادي في حركة حماس موسى أبو مرزوق، ومبعوث فتح محمود العالول، وممثلين عن 12 فصيلاً فلسطينياً آخر، بما في ذلك الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وحزب الشعب الفلسطيني، وجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، والمبادرة الوطنية الفلسطينية.
وذكر بيان لوزارة الخارجية الصينية أن مبعوثين دبلوماسيين لدى الصين أو ممثليهم من مصر والجزائر والمملكة العربية السعودية وقطر والأردن وسوريا ولبنان وروسيا وتركيا شاركوا في الحوار أيضا.
وقال وزير الخارجية الصيني وانغ يي في كلمته في الحفل يوم الثلاثاء إن النتيجة الأكثر أهمية للمحادثات هي أن الحاضرين اتفقوا على “تحقيق المصالحة والوحدة بين الفصائل الـ14” والتأكيد على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي “الممثل الشرعي الوحيد لكل الشعب الفلسطيني”.
وأضاف أن “أهم ما تم التوصل إليه هو الاتفاق على تشكيل حكومة انتقالية للمصالحة الوطنية تركز على إعادة الإعمار في قطاع غزة بعد الصراع، والدعوة الأقوى هي إقامة دولة فلسطينية مستقلة حقيقية وفقا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة”.
ورحبت الفصائل الفلسطينية بالإعلان، وأشادت بجهود الصين لتحقيق المصالحة الفلسطينية.
وقال أبو مرزوق خلال حفل ختام المؤتمر: “اليوم نوقع على اتفاقية الوحدة الوطنية ونقول إن الطريق لاستكمال هذه المسيرة هو الوحدة الوطنية، ونحن ملتزمون بالوحدة الوطنية وندعو إليها”.
وفي بيان نشر على موقع حركة حماس، أشاد عضو المكتب السياسي ورئيس مكتب العلاقات الوطنية في الحركة حسام بدران، بالإعلان باعتباره “خطوة إيجابية إضافية” لتحقيق الوحدة الفلسطينية.
من جانبه، أكد عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي إحسان عطايا في تصريح له أن أهمية إعلان بكين تكمن في توحيد الموقف الفلسطيني في مواجهة الحرب الإسرائيلية المستمرة.
تفاصيل الاتفاقية
وبحسب إعلان بكين، اتفقت الفصائل على تحقيق “وحدة وطنية فلسطينية شاملة تضم كل الفصائل الفلسطينية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، والالتزام بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس… بمساعدة مصر والجزائر والصين وروسيا”.
وأكد الإعلان أيضا على حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي وفقا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وإحباط أية محاولات لتهجير الفلسطينيين من أرضهم.
وأضاف البيان “ستتشكل حكومة وحدة وطنية فلسطينية مؤقتة بتوافق جميع الفصائل الفلسطينية وبقرار من الرئيس، وتمارس سلطاتها على كافة الأراضي الفلسطينية بما في ذلك قطاع غزة والضفة الغربية، وتوحد كافة المؤسسات الفلسطينية وتبدأ عملية إعادة الإعمار، فضلاً عن التحضير لإجراء الانتخابات العامة”.
واتفقت الفصائل في بكين أيضا على بذل كل الجهود لرفع الحصار الإسرائيلي عن غزة وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع دون عوائق.
يأتي إعلان بكين في الوقت الذي تقترب فيه الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة من شهرها العاشر. فقد قُتل ما يقرب من 39 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، في غزة وشُرد حوالي 1.9 مليون آخرين منذ أن شنت إسرائيل حملتها الجوية والبرية رداً على هجوم حماس عبر الحدود في السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وخلال هجومهم غير المسبوق، قتل مسلحو حماس ما يقرب من 1200 شخص وأسروا أكثر من 240 آخرين رهائن.
وتكثفت جهود تحقيق المصالحة الفلسطينية منذ اندلاع الحرب في أكتوبر/تشرين الأول، وسط تزايد المحادثات بشأن من سيحكم غزة بعد انتهاء الصراع.
وذكرت وكالة أكسيوس، الثلاثاء، أن الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة عقدوا محادثات في أبو ظبي الخميس الماضي بشأن الخطط المتعلقة بغزة بعد الحرب.
ونقلت أكسيوس عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان استضاف اجتماعا مع مستشار الرئيس جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكجورك ومستشار وزارة الخارجية توم سوليفان، بالإضافة إلى وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر.
وذكرت تقارير أن الإمارات أبدت استعدادها لأن تكون جزءا من قوة متعددة الجنسيات تتولى إدارة قطاع غزة بعد الحرب.
وفي الوقت نفسه، رفضت إسرائيل مرارا وتكرارا أي فكرة مفادها أن حماس تظل مسيطرة على غزة عندما تنتهي الحرب.
انتقد وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس إعلان بكين، الثلاثاء.
وكتب كاتس على منصة إكس: “بدلاً من رفض الإرهاب، يحتضن محمود عباس قتلة ومغتصبي حماس، ويكشف عن وجهه الحقيقي. في الواقع، لن يحدث هذا لأن حكم حماس سوف يُسحق، وسيراقب عباس غزة من بعيد”.
الدور الدبلوماسي للصين في المنطقة
ويمثل إعلان بكين إنجازًا دبلوماسيًا كبيرًا آخر للصين، التي أصبحت متورطة بشكل متزايد في المنطقة منذ توسطها بنجاح في اتفاق مارس 2023 بين المملكة العربية السعودية وإيران بشأن استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما.
ومنذ اندلاع الحرب على غزة، بذلت بكين جهوداً دبلوماسية لتحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الحرب. ودعت مراراً وتكراراً إلى وقف إطلاق النار في القطاع وأعربت عن دعمها لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على أساس حل الدولتين.
وفي أبريل/نيسان، استضافت ممثلين عن حركتي حماس وفتح لإجراء محادثات المصالحة.
وفي وقت سابق من شهر مارس/آذار، التقى الدبلوماسي الصيني وانغ كيجيان ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في قطر حيث ناقشا الصراع في غزة.
سيطرت حماس على قطاع غزة في عام 2007 بعد الإطاحة بالحكومة التابعة لحركة فتح في اشتباكات عنيفة بين الأجنحة العسكرية للحزبين. أدى الاستيلاء إلى تقسيم الأراضي الفلسطينية إلى كيانين: حكومة تديرها حماس في غزة والسلطة الفلسطينية التي تدير الضفة الغربية. ومنذ ذلك الحين، فشلت جميع محاولات الوساطة من قبل الجهات الإقليمية، وخاصة مصر، في إنهاء الانقسام الفلسطيني.
