قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام المشرعين الأميركيين يوم الأربعاء إن رؤيته لغزة في اليوم التالي لانتهاء الحرب مع حماس تتضمن استمرار الوجود العسكري الإسرائيلي في القطاع الذي مزقته الحرب.
وقال رئيس الوزراء في خطابه أمام جلسة مشتركة للكونجرس الأميركي: “لا تسعى إسرائيل إلى إعادة توطين غزة. ولكن في المستقبل المنظور، يتعين علينا الاحتفاظ بالسيطرة الأمنية الشاملة هناك لمنع عودة الإرهاب، ولضمان ألا تشكل غزة مرة أخرى تهديداً لإسرائيل”.
كما شارك نتنياهو برؤية لتحالف أمني تفاوضي بين الولايات المتحدة وإسرائيل في المنطقة يبني على التقدم المحرز في اتفاقيات إبراهيم، التي تهدف إلى مواجهة التهديد المتزايد لإيران. وأضاف: “أعتقد أنه يجب أن نسميه تحالف إبراهيم”.
وتأتي زيارة نتنياهو إلى الكونجرس في خضم شهور من المفاوضات الجارية بشأن وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن. وقد قاطع العشرات من الديمقراطيين، بما في ذلك رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي (ديمقراطية من كاليفورنيا) ورئيس الأغلبية في مجلس الشيوخ ديك دوربين (ديمقراطي من إلينوي)، الخطاب يوم الأربعاء.
ومثل العديد من الديمقراطيين الذين لم يحضروا الاجتماع، التقت بيلوسي بدلا من ذلك بعائلات الرهائن. ووصفت خطاب نتنياهو بأنه “الأسوأ على الإطلاق من أي شخصية أجنبية” تمت دعوتها لإلقاء خطاب مشترك.
وقالت بيلوسي على موقع إكس، المعروف سابقًا باسم تويتر، “تطلب هذه العائلات التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار من شأنه إعادة الرهائن إلى ديارهم – ونأمل أن يقضي رئيس الوزراء وقته في تحقيق هذا الهدف”.
اختارت نائبة الرئيس كامالا هاريس الالتزام بجدول حملتها الانتخابية وتخطي الخطاب بدلاً من الجلوس على المنصة خلف نتنياهو. وترأس رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ بن كاردين (ديمقراطي من ماريلاند) الخطاب بدلاً منها.
ومن المقرر أن تلتقي هاريس مع نتنياهو، الخميس، بحسب البيت الأبيض.
منذ أعلنت إسرائيل الحرب على حماس في أعقاب قيام الجماعة الفلسطينية المسلحة بقتل نحو 1200 إسرائيلي واختطاف 251 آخرين في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، تضاءل الدعم لقيادة نتنياهو للحرب بين الديمقراطيين في واشنطن. ووفقاً لوزارة الصحة التي تديرها حماس في غزة، أسفرت الهجمات الإسرائيلية على غزة عن مقتل أكثر من 38900 شخص، أغلبهم من النساء والأطفال.
ولكن على الرغم من الدعوات لوقف إطلاق النار، فقد اعتبر نتنياهو استمرار الحرب مع حماس في غزة ــ وكذلك مع حزب الله في لبنان والمتمردين الحوثيين في اليمن ــ بمثابة العمود الفقري للأمن الإقليمي. وحث المشرعين الأميركيين على تسريع المساعدات الأمنية لمواصلة القتال ضد الجماعات المسلحة.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي “أنا واثق من أن بلدينا سوف تنتصران على الطغاة والإرهابيين الذين يهددوننا”.
كما رفض نتنياهو بجرأة الاتهامات الموجهة إلى إسرائيل بالفشل في حماية المدنيين في غزة على النحو اللائق في ظل سعي جيشها إلى استئصال حماس. وفي بيان صدر يوم الثلاثاء، وصف دوربين استراتيجية الحرب الإسرائيلية وعدد القتلى الفلسطينيين الناجم عنها بأنها “تتجاوز أي مستوى مقبول من الدفاع عن النفس”.
وقال نتنياهو “ستقاتل إسرائيل حتى ندمر القدرات العسكرية لحماس وحكمها في غزة ونعيد كل رهائننا إلى ديارهم. هذا هو النصر الكامل ولن نرضى بأقل من ذلك”.
“أمريكا هي التالية”
كما استخدم نتنياهو المنصة للرد على المحكمة الجنائية الدولية. ويسعى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء ووزير الدفاع بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية مرتبطة بالحرب في غزة. ووصف نتنياهو اتهامات المحكمة الجنائية الدولية بأن إسرائيل منعت دخول المساعدات الغذائية إلى غزة بأنها “مختلقة تماما”. وقال إن ادعاء المحكمة بأن الجيش الإسرائيلي استهدف المدنيين عمداً هو “دعاية حماس”.
وفي محاولة لتعزيز معارضة الولايات المتحدة لاختصاص المحكمة الجنائية الدولية، وجه نتنياهو تحذيرا. فإسرائيل والولايات المتحدة ليستا طرفا في نظام روما الذي أسست المحكمة بموجبه.
“إن المحكمة الجنائية الدولية تحاول تقييد أيدي إسرائيل ومنعنا من الدفاع عن أنفسنا. وإذا كانت أيدي إسرائيل مقيدة، فإن أميركا ستكون التالية. وسأخبرك بما هو التالي ـ إن قدرة كل الديمقراطيات على مكافحة الإرهاب سوف تكون في خطر. وهذا هو ما هو على المحك”.
كما هاجم رئيس الوزراء المتظاهرين الأميركيين، وخاصة في الحرم الجامعي، احتجاجا على حرب غزة، مدعيا أنهم ممولون من إيران، وانتقد جامعات مثل هارفارد لعدم ردها بقوة أكبر على المظاهرات المناهضة لإسرائيل في الحرم الجامعي.
وقال رئيس الوزراء “لدي رسالة لهؤلاء المتظاهرين: عندما يقوم طغاة طهران، الذين يعلقون المثليين على الرافعات ويقتلون النساء لأنهن لا يغطين شعرهن، بالثناء عليكم ودعمكم وتمويلكم، فإنكم أصبحتم رسميا أغبياء مفيدين لإيران”.
استجاب الجمهوريون بتصفيق حار لدعوة نتنياهو إلى اتخاذ رد حازم على تصاعد معاداة السامية في أمريكا.
احتجاجات في المجلس
خلال الخطاب، فتح العديد من الضيوف في قاعة مجلس النواب الأمريكي ستراتهم ليكشفوا عن قمصان صفراء زاهية مكتوب عليها “أبرم الصفقة الآن”، في إشارة إلى اتفاق وقف إطلاق النار الذي تقوده الولايات المتحدة وإطلاق سراح الرهائن بوساطة مصر وقطر. وقد أخرجتهم سلطات إنفاذ القانون من المعرض. أمضى نتنياهو بضع لحظات فقط في توضيح جهوده لتأمين إطلاق سراح 120 رهينة متبقية تحتجزهم حماس منذ 7 أكتوبر، بما في ذلك ثمانية مواطنين أمريكيين. وقال رئيس الوزراء: “لن أرتاح حتى يعود جميع أحبائهم إلى ديارهم – كلهم”. وأمل بعض أفراد عائلات الرهائن في الجمهور أن يعلن نتنياهو أنه تم التوصل إلى اتفاق خلال الخطاب.
واستجابت الشرطة أيضًا لآلاف المتظاهرين في شوارع واشنطن يوم الأربعاء الذين كانوا يحثون المشرعين على إنهاء المساعدات لإسرائيل، على الرغم من أن المنطقة المحيطة بمبنى الكابيتول كانت مغلقة.
على أرضية القاعة، ارتدت النائبة رشيدة طليب (ديمقراطية من ميشيغان) كوفية وحملت لافتة مكتوب عليها “مجرمة حرب” و”مذنبة بالإبادة الجماعية”. طليب هي الفلسطينية الأمريكية الوحيدة التي تخدم في الكونجرس الأمريكي.
وظل العديد من الديمقراطيين، بمن فيهم رشيدة طليب، والسيناتور كريس مورفي (ديمقراطي من كونيتيكت) والسيناتور رافائيل وارنوك (ديمقراطي من جورجيا) جالسين طوال غالبية الخطاب عندما انضم بعض زملائهم الديمقراطيين إلى الجمهوريين في التصفيق الحار.
واختتم نتنياهو خطابه وسط تصفيق حار. ولكن عند خروجه من القاعة، صافح في المقام الأول المشرعين الجمهوريين، بينما سارع الديمقراطيون إلى الخروج. ولم يصافح زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر (ديمقراطي من نيويورك)، الذي وصف نتنياهو بأنه “عقبة” أمام السلام في مارس/آذار الماضي، الزعيم الإسرائيلي قبل أو بعد الخطاب.
