مئات الأشخاص في قطر يودعون زعيم حماس المغدور

ودع مئات الأشخاص، الجمعة، في مسجد في قطر، زعيم حركة حماس إسماعيل هنية بعد اغتياله في طهران، في هجوم ألقي باللوم فيه على إسرائيل مما عمق المخاوف من اندلاع حرب إقليمية.

ولعب هنية، رئيس المكتب السياسي للحركة الفلسطينية المسلحة، دورا رئيسيا في المحادثات التي جرت بوساطة تهدف إلى إنهاء الحرب المستمرة منذ ما يقرب من عشرة أشهر بين حماس وإسرائيل في غزة.

وأثار مقتله دعوات للانتقام وطرح تساؤلات حول استمرار جدوى مثل هذه المفاوضات.

واصطف المشيعون لأداء صلاة الجنازة داخل مسجد الإمام محمد بن عبد الوهاب، وهو الأكبر في الإمارة الخليجية، بينما صلى آخرون على الحصير في الخارج في درجات حرارة وصلت إلى 44 درجة مئوية (111 درجة فهرنهايت).

وتم نقل نعشه، الملفوف بالعلم الفلسطيني، إلى داخل المسجد لفترة وجيزة قبل أن يغادر مرة أخرى للدفن في لوسيل، شمال العاصمة القطرية.

وانتهى الحفل بهتافات غاضبة.

وقال طاهر عادل (25 عاما) وهو طالب أردني مقيم في الدوحة “كان رمزا وزعيما للمقاومة… الناس غاضبون”.

ويعد مقتل هنية المقيم في قطر من بين عدة حوادث وقعت منذ أبريل نيسان والتي أدت إلى تصاعد التوترات الإقليمية خلال حرب غزة التي اجتذبت جماعات مسلحة مدعومة من إيران في سوريا ولبنان والعراق واليمن.

وأعلنت تركيا وباكستان يوم حداد، الجمعة، تكريما لذكرى هنية، فيما دعت حركة حماس إلى “يوم غضب عارم”.

كان العديد من المشيعين في الدوحة يرتدون ثياباً تقليدية بيضاء اللون، بينما ارتدى آخرون ملابس عادية. لكن أغلبهم ارتدوا أوشحة تجمع بين العلم الفلسطيني ونمط الكوفية المربّع والرسالة بالإنجليزية: “حرروا فلسطين”.

وكان من بين المسؤولين الذين حضروا الجنازة النائب الأول للرئيس الإيراني محمد رضا عارف ووزير الخارجية التركي حقان فيدان.

وقال القطري أحمد محمود (48 عاما) لوكالة فرانس برس خلال مراسم الجنازة إن “إسماعيل هنية هو رمز لكل المسلمين”.

“يجب على إيران أن تقيم القرار ويجب أن يكون هناك رد فعل. يجب على إسرائيل أن تعلم أننا سندافع عن أنفسنا”.

– جرائم قتل رفيعة المستوى –

أعلنت الحرس الثوري الإيراني أن هنية وحارسه الشخصي قُتلا في “ضربة” استهدفت مكان إقامتهما في طهران قبل فجر الأربعاء. وكان هنية في إيران لحضور مراسم أداء الرئيس مسعود بزشكيان اليمين الدستورية في اليوم السابق.

ولم تعلق إسرائيل بشكل مباشر على الهجوم، وهي التي تتهمها حماس وإيران وآخرون بشن الهجوم.

قال مصدر مقرب من حزب الله اللبناني المدعوم من إيران لوكالة فرانس برس إن مسؤولين إيرانيين التقوا في طهران الأربعاء لمناقشة الخطوات التالية مع ممثلي “محور المقاومة” وهي جماعات في الشرق الأوسط مرتبطة بطهران وتضم حزب الله وحماس.

وقال المصدر الذي اطلع على الاجتماع وطلب عدم الكشف عن هويته لمناقشة مسائل حساسة “تم مناقشة سيناريوهين: رد متزامن من إيران وحلفائها أو رد متدرج من كل طرف”.

خلال الحرب في غزة، خاض حزب الله والقوات الإسرائيلية تبادلا لإطلاق النار بشكل شبه يومي، وحدث ذلك مرة أخرى يوم الخميس.

وجاء اغتيال هنية بعد ساعات من قيام إسرائيل بقصف الضاحية الجنوبية لبيروت، ما أدى إلى مقتل فؤاد شكر، القائد العسكري لحزب الله الذي يدعم حماس.

وكان نائب هنية صالح العاروري قد قُتِل بالفعل في جنوب بيروت في وقت سابق من هذا العام في غارة قال مسؤول دفاعي أمريكي إن إسرائيل نفذتها.

وفي عملية اغتيال أخرى رفيعة المستوى، أكد الجيش الإسرائيلي يوم الخميس أن غارة جوية في يوليو/تموز أدت إلى مقتل القائد العسكري لحركة حماس محمد ضيف في غزة.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إسرائيل وجهت “ضربات ساحقة لجميع أعدائنا”.

وفي يوم الخميس، أم المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي صلاة الجنازة على هنية في طهران، بعد أن هدد في وقت سابق بـ”عقاب قاس” لمن يقتله.

حثت فرنسا، الجمعة، رعاياها الزائرين لإيران على المغادرة “بسبب تزايد خطر التصعيد العسكري”.

وتعهد نتنياهو بتدمير حماس ردا على هجومها على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول والذي أشعل الحرب في غزة.

وقالت وكالة الدفاع المدني في غزة يوم الجمعة إن عدة أشخاص قتلوا في منطقة مدينة غزة، وقال الجيش الإسرائيلي إنه قتل نحو 30 مسلحا بالقرب من رفح في جنوب غزة.

وأسفر هجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول عن مقتل 1197 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفقا لإحصاءات وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية رسمية.

كما اختطف المسلحون 251 رهينة، لا يزال 111 منهم محتجزين في غزة، بما في ذلك 39 يقول الجيش إنهم ماتوا.

وأسفرت الحملة الانتقامية التي تشنها إسرائيل ضد حماس عن مقتل 39480 شخصا على الأقل في غزة، وفقا لوزارة الصحة في القطاع الذي تديره حماس، والتي لا تعطي تفاصيل عن القتلى المدنيين والمسلحين.

– صفقة “خارج الطاولة” –

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز نقلا عن مسؤولين في الشرق الأوسط أن هنية قتل في انفجار عبوة ناسفة زرعت قبل أسابيع في دار ضيافة في طهران.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاجاري للصحفيين ردا على سؤال حول التقرير “لم يكن هناك أي هجوم جوي إسرائيلي آخر… في كل الشرق الأوسط” ليلة اغتيال شكر في لبنان.

وقالت وكالة أنباء فارس الإيرانية شبه الرسمية إن تقرير صحيفة نيويورك تايمز “كذبة”، مضيفة أن زعيم حماس قتل بـ”قذيفة”.

وقال المحلل هيو لوفات إن مقتل هنية على أقل تقدير “سيعني أن اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل أصبح الآن خارج الطاولة تماما”.

ومع ذلك، دعا المجتمع الدولي إلى الهدوء والتركيز على الهدنة في غزة، والتي اتهم هنية إسرائيل بعرقلتها.

وقال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن تحدث هاتفيا مع نتنياهو الخميس وأكد التزامه بالدفاع عن أمن إسرائيل “ضد كل التهديدات من إيران”.

وقال بايدن للصحفيين بعد المكالمة “لدينا الأساس لوقف إطلاق النار. يجب عليه التحرك بشأنه ويجب عليهم التحرك بشأنه الآن”.

وفي إسرائيل، تظاهر مئات الإسرائيليين مجددا في تل أبيب للمطالبة بتوصل حكومة نتنياهو إلى اتفاق من شأنه إعادة الرهائن المتبقين إلى ديارهم.

وقال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، في كلمة ألقاها خلال تشييع شكر، إن إسرائيل “ومن يقف وراءها يجب أن ينتظروا ردنا الحتمي” على مقتل شكر.

وقالت إسرائيل إن اغتيال شكر جاء ردا على إطلاق الصواريخ القاتلة التي قتلت 12 شابا الأسبوع الماضي في مرتفعات الجولان التي ضمتها إسرائيل.