متعاملون يعملون على أرضية بورصة نيويورك. — فرانس برس
تثير المخاوف الاقتصادية قلقا في وول ستريت، مع تنامي المخاوف من أن بنك الاحتياطي الفيدرالي ربما أبقى أسعار الفائدة مرتفعة لفترة طويلة للغاية، مما سمح لها بالإضرار بالنمو في الولايات المتحدة.
وقد عززت البيانات الاقتصادية المثيرة للقلق في الأيام الأخيرة من هذه المخاوف. فقد أظهر تقرير صدر يوم الجمعة أن نمو الوظائف في الولايات المتحدة تباطأ أكثر من المتوقع في يوليو/تموز، في حين ارتفع معدل البطالة إلى 4.3%، مما زاد من المخاوف من أن يؤدي تدهور سوق العمل إلى جعل الاقتصاد عرضة للركود.
أدى تقرير الوظائف إلى تفاقم موجة بيع الأسهم التي بدأت يوم الخميس، عندما دفعت البيانات التي أظهرت ضعف سوق العمل وقطاع التصنيع المستثمرين إلى التخلص من كل شيء من أسهم الرقائق إلى الصناعات بينما ركزوا على اللعب الدفاعي.
وواصلت أسهم التكنولوجيا ذات القيمة العالية التراجع يوم الجمعة، لتمتد الخسائر في مؤشر ناسداك المركب إلى أكثر من 10% من أعلى مستوى إغلاق قياسي سجله في يوليو/تموز. وانخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 القياسي بنسبة 5.7% من ذروته في يوليو/تموز.
وقال واصف لطيف، رئيس شركة سارمايا بارتنرز ومديرها التنفيذي للاستثمار: “هذا هو شكل الخوف من النمو. لقد أدركت السوق الآن أن الاقتصاد يتباطأ بالفعل”.
على مدى أشهر، كان المستثمرون يشعرون بالارتياح بسبب تباطؤ التضخم وتباطؤ التوظيف تدريجيا، معتقدين أن ذلك يعزز الحجة التي تطالب بنك الاحتياطي الفيدرالي بالبدء في خفض أسعار الفائدة. وقد أدى هذا التفاؤل إلى تحقيق مكاسب كبيرة في الأسهم: حيث ظل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 مرتفعا بنسبة 12% هذا العام، على الرغم من الخسائر الأخيرة؛ كما حقق مؤشر ناسداك مكاسب بلغت نحو 12%.
والآن بعد أن أصبح خفض أسعار الفائدة في سبتمبر/أيلول في الأفق بعد اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع، يشعر المستثمرون بالقلق من أن تكاليف الاقتراض المرتفعة ربما تكون قد أضرت بالفعل بالنمو الاقتصادي. وتضيف نتائج أرباح الشركات، التي شهدت خيبة أمل من شركات مثل أمازون وألفابت وإنتل، إلى مخاوفهم.
وقال جيمس سانت أوبين، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة أوشن بارك لإدارة الأصول: “إننا نشهد الآن تداعيات لعنة التوقعات العالية. فقد تم استثمار الكثير من الأموال في سيناريو الهبوط الناعم، حتى أن أي شيء يوحي بشيء مختلف أصبح صعباً”.
ويحمل هذا الأسبوع أرباحًا من شركة كاتربيلر الرائدة في الصناعة وشركة الإعلام والترفيه العملاقة والت ديزني، والتي ستعطي مزيدًا من التبصر في صحة المستهلك والتصنيع، بالإضافة إلى تقارير من شركات الرعاية الصحية العملاقة مثل شركة أدوية إنقاص الوزن إيلي ليلي.
أشارت الرهانات في أسواق العقود الآجلة يوم الجمعة إلى قلق متزايد بشأن الاقتصاد. عكست العقود الآجلة لصندوق الاحتياطي الفيدرالي أن المتداولين يقدرون احتمالات تزيد عن 70 في المائة لخفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في اجتماع البنك المركزي في سبتمبر، مقارنة بنسبة 22 في المائة في اليوم السابق، وفقًا لـ CME FedWatch. حددت العقود الآجلة إجمالي 116 نقطة أساس لخفض أسعار الفائدة في عام 2024، مقارنة بأكثر من 60 نقطة أساس تم تسعيرها يوم الأربعاء.
وأظهرت الأسواق الأوسع نطاقا أيضا علامات على القلق. وسجل مؤشر التقلبات في بورصة شيكاغو التجارية – المعروف باسم مقياس الخوف في وول ستريت – أعلى مستوياته منذ مارس آذار 2023 يوم الجمعة مع ارتفاع الطلب على خيارات الحماية من عمليات بيع سوق الأسهم.
وفي الوقت نفسه، سارع المستثمرون إلى شراء سندات الملاذ الآمن وغيرها من المجالات الدفاعية في السوق. وهبطت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات ــ التي تتحرك عكسيا مع أسعار السندات ــ يوم الجمعة إلى 3.79%، وهو أدنى مستوى لها منذ ديسمبر/كانون الأول.
وتجذب القطاعات التي تحظى بشعبية كبيرة خلال أوقات عدم اليقين الاقتصادي المستثمرين أيضًا.
أظهرت بيانات خيارات صندوق SPDR لقطاع الرعاية الصحية المختار أن متوسط الرصيد اليومي بين عقود البيع والشراء خلال الشهر الماضي كان الأكثر صعودا في حوالي ثلاث سنوات، وفقا لتحليل رويترز لبيانات Trade Alert. كما أظهر التداول في الخيارات على صندوق SPDR لقطاع المرافق المختار تراجعا في المواقف الدفاعية، مما يسلط الضوء على توقعات المتداولين بقوة القطاع.
لقد ارتفع قطاع الرعاية الصحية بنسبة 4% في الشهر الماضي، في حين ارتفعت أسهم المرافق العامة بنسبة تزيد عن 9%. وعلى النقيض من ذلك، انخفض مؤشر فيلادلفيا إس إي لأشباه الموصلات بنحو 17% في تلك الفترة وسط خسائر حادة في أسهم الشركات المفضلة لدى المستثمرين مثل إنفيديا وبرودكوم.
ومن المؤكد أن بعض المستثمرين قالوا إن البيانات قد تكون مجرد سبب لجني الأرباح بعد الأداء القوي للسوق بشكل عام في عام 2024.
وقال مايكل بورفيس الرئيس التنفيذي لشركة تالباكن كابيتال أدفايزرز: “هذا عذر جيد للمستثمرين لبيع أسهمهم بعد ارتفاع كبير في الأسعار منذ بداية العام. ويتعين على المستثمرين الاستعداد لبعض التقلبات الكبرى، وخاصة في أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى. ولكن من المرجح أن تكون هذه التقلبات قصيرة الأجل”.
