فر فلسطينيون من مدينة غزة الرئيسية جنوب القطاع يوم الأحد بينما حذرت إسرائيل من عملية عسكرية جديدة وذلك بعد يوم من واحدة من أعنف الضربات التي تم الإبلاغ عنها منذ أكثر من عشرة أشهر من الحرب.
وأدى القتال في قطاع غزة المحاصر بين القوات الإسرائيلية والمسلحين الفلسطينيين منذ هجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول إلى تصاعد التوترات في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك في الضفة الغربية المحتلة حيث قال مسعفون إن رجلاً إسرائيلياً قتل الأحد في إطلاق نار.
سعت الدبلوماسية المكثفة في الأيام الأخيرة إلى تجنب حرب أوسع نطاقا في الشرق الأوسط في أعقاب مقتل قادة مسلحين متحالفين مع إيران، في حين دعا وسطاء دوليون إسرائيل وحماس إلى استئناف المحادثات المتوقفة من أجل التوصل إلى هدنة طويلة الأمد في غزة وإطلاق سراح الرهائن.
وقال صحافيون من وكالة فرانس برس إن مئات الفلسطينيين فروا من الأحياء الشمالية لمدينة خان يونس، المدينة الرئيسية في جنوب قطاع غزة والتي مزقتها بالفعل أشهر من القصف والمعارك، بعد أن أصدرت إسرائيل أوامر إخلاء جديدة في الصباح الباكر.
وألقت القوات الإسرائيلية منشورات وأرسلت رسائل عبر الهواتف المحمولة تحذر من “قتال خطير” في منطقة الجلاء، وتطالب السكان الفلسطينيين بمغادرة المنطقة، التي كانت حتى يوم الأحد مخصصة لمنطقة آمنة إنسانية.
وقد سبقت عمليات التوغل العسكرية الكبرى أوامر إخلاء مماثلة، مما أجبر الفلسطينيين الذين نزحوا مرات عديدة بسبب الحرب على حزم أمتعتهم والمغادرة بحثاً عن الأمان.
وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن “أكثر من 75 ألف شخص نزحوا في جنوب غرب غزة خلال الأيام القليلة الماضية”. ويبلغ عدد سكان القطاع بأكمله نحو 2.4 مليون نسمة.
وقالت القوات المسلحة في بيان إن قواتها “على وشك القيام بعمليات ضد المنظمات الإرهابية في المنطقة”، داعية “السكان المتبقين في حي الجلاء إلى الإخلاء مؤقتا”.
جمعت العائلات أمتعتها القليلة بينما غادرت حشود الناس الجلاء، وقام البعض بتحميل الفرش والملابس وأدوات الطبخ في شاحنات صغيرة. وسلك آخرون الطريق سيرًا على الأقدام.
وقالت أم سامي شحادة، وهي نازحة فلسطينية تبلغ من العمر 55 عاماً، إنها “فرت من مدينة غزة في بداية الحرب إلى خان يونس”، على أمل العثور على مأوى.
وقالت “استشهدت ابنتي في القصف، فذهبنا إلى رفح، ثم عدنا إلى هنا، والآن مع أمر الإخلاء الجديد لا نعرف إلى أين نذهب”.
– 'ممزق إلى قطع' –
وفي شمال غزة، أسفرت غارة جوية إسرائيلية يوم الجمعة عن مقتل 93 شخصا على الأقل في مدرسة دينية تؤوي فلسطينيين نازحين، وفقا لرجال الإنقاذ من الدفاع المدني، مما أثار إدانة دولية.
وقالت إسرائيل إنها استهدفت مسلحين يعملون انطلاقا من مدرسة ومسجد التبين في مدينة غزة “بذخائر دقيقة”، وأعلنت أنه “تم القضاء على ما لا يقل عن 19 إرهابيا من حماس والجهاد الإسلامي”.
وتعد حصيلة القتلى، التي لم تتمكن وكالة فرانس برس من التحقق منها بشكل مستقل، واحدة من أكبر حصيلة قتلى ضربة واحدة منذ بدء الحرب.
وقال محمود بصل المتحدث باسم الدفاع المدني في قطاع غزة الذي تديره حركة حماس الأحد إن تحديد هوية الضحايا قد يستغرق يومين على الأقل لأن “لدينا العديد من الجثث الممزقة إلى أشلاء” و”الممزقة أو المحروقة بفعل القنابل”.
ودعت حماس في بيان لها الدول العربية والإسلامية إلى “اتخاذ قرارات فعالة” لوقف الحرب، وطالبت بعقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولي لإجبار إسرائيل على “وقف العدوان والإبادة الجماعية”.
ولم ترد الحركة الفلسطينية، التي عينت زعيمها في غزة يحيى السنوار خلفا لزعيمها السياسي المقتول إسماعيل هنية، حتى الآن على دعوة من وسطاء أميركيين وقطريين ومصريين لإجراء مفاوضات هدنة في 15 أغسطس/آب. وقد قبلت إسرائيل الدعوة.
قُتل هنية أثناء زيارة إلى طهران في 31 يوليو/تموز، في هجوم ألقي باللوم فيه على إسرائيل التي لم تعلن مسؤوليتها عن الهجوم. لكن قبل ساعات قليلة، قُتل القائد العسكري لحزب الله اللبناني المتحالف مع حركة حماس في هجوم على بيروت.
وتعهدت إيران وحماس وحزب الله وحلفاء إقليميون آخرون بالرد، مما أثار مخاوف من اندلاع حرب أوسع نطاقا.
رد الرئيس الأميركي جو بايدن، عندما سئل عن رسالته لإيران، قائلا: “لا تفعلوا”.
– “خطوة حاسمة” –
بدأت الحرب على غزة بالهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول على جنوب إسرائيل والذي أسفر عن مقتل 1198 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفقا لإحصاءات وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية رسمية.
كما احتجز المسلحون 251 شخصا، لا يزال 111 منهم أسيراً في غزة، بما في ذلك 39 يقول الجيش إنهم قتلوا.
وأسفر الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة عن مقتل 39790 شخصا على الأقل، وفقا لوزارة الصحة في القطاع، التي لا تقدم تفاصيل عن القتلى المدنيين والمسلحين.
قال المستشار الألماني أولاف شولتز لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مكالمة هاتفية الأحد إن “إنهاء الحرب في غزة سيكون خطوة حاسمة نحو خفض التصعيد الإقليمي”.
وقال مسؤولون في حماس وبعض المحللين والمنتقدين في إسرائيل إن نتنياهو سعى إلى إطالة أمد القتال لتحقيق مكاسب سياسية.
وقال شهود عيان لوكالة فرانس برس إن إسرائيل نفذت غارة على خان يونس، ما أدى إلى إصابة عدة أشخاص.
وقال أحد السكان ويدعى عواد بربخ إن “المدنيين كانوا يتسوقون في السوق عندما سقط صاروخ”.
وقال الجيش إن قواته الجوية ضربت مسلحين في رفح، إلى الجنوب، و”ضربت حوالي 30 هدفا إرهابيا لحماس” في أنحاء غزة خلال اليوم الماضي.
وفي شمال الضفة الغربية، قالت خدمات الطوارئ إن إسرائيليا قتل بالرصاص وأصيب آخر في ما وصفه الجيش بهجوم “إرهابي”.
لقد احتلت إسرائيل الضفة الغربية منذ عام 1967 عندما استولت أيضًا على قطاع غزة، الذي انسحبت منه في عام 2005، لكنها فرضت عليه لاحقًا حصارًا خانقًا أعقبه حصار آخر بعد وقت قصير من السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
من المقرر أن يزور رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس موسكو الأسبوع المقبل لمناقشة الحرب في غزة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حسبما ذكرت وسائل إعلام روسية رسمية نقلاً عن السفير الفلسطيني.
