لندن-
قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي يوم الأربعاء إن بريطانيا تدين بشدة زيارة وزير الأمن الإسرائيلي إيتمار بن جفير للمسجد الأقصى المعروف لدى اليهود باسم جبل الهيكل.
وكتب لامي على موقع X: “تدين المملكة المتحدة بشدة الزيارة الاستفزازية المتعمدة التي قام بها الوزير بن جفير للأماكن المقدسة في القدس”.
“إن مثل هذه الإجراءات تقوض دور المملكة الأردنية الهاشمية باعتبارها الوصي على المواقع وترتيبات الوضع الراهن القائمة منذ فترة طويلة.”
كما دانت ألمانيا الزيارة إلى المسجد الأقصى وقالت إنها تتوقع من الحكومة الإسرائيلية وقف الاستفزازات المتعمدة.
ونشرت وزارة الخارجية في برلين على منصة التواصل الاجتماعي X، “نرفض الخطوات الأحادية الجانب التي تعرض الوضع الراهن التاريخي للأماكن المقدسة في القدس للخطر”.
زار بن جفير، الثلاثاء، المسجد الأقصى، المعروف لدى اليهود باسم جبل الهيكل، وقال إنه ينبغي السماح لليهود بالصلاة هناك، في تحد جديد للقواعد التي تغطي أحد أكثر المواقع حساسية في الشرق الأوسط.
وسارع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى نفي أي تغيير في القواعد التي تحظر على اليهود الصلاة في الموقع المقدس للمسلمين أيضا. كما وجه توبيخا شديدا إلى بن جفير، رئيس أحد الأحزاب الدينية القومية في الائتلاف الحاكم.
وقال مكتب نتنياهو في بيان: “لا توجد سياسة خاصة لأي وزير في ما يتعلق بالحرم القدسي، لا لوزير الأمن القومي ولا لأي وزير آخر”.
وفي واشنطن، أصدر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بيانا انتقد فيه زيارة بن جفير للموقع.
كما أصدرت وزارة الخارجية السعودية بيانا أدانت فيه قرار بن جفير، ووصفته بأنه “استفزاز لمشاعر المسلمين في مختلف أنحاء العالم، وخاصة في ظل استمرار الحرب وأعمال العنف ضد الفلسطينيين العزل”.
كما أصدر جوزيف بوريل، المفوض الأعلى للشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي، بيانًا ينتقد “بشدة” “الاستفزازات” التي قام بها بن جفير. كما نددت وزارة الخارجية الفرنسية بتحدي بن جفير “للحظر الطويل الأمد على الصلاة اليهودية في المسجد الأقصى”، وحثت إسرائيل على احترام الوضع الراهن. وقالت الوزارة الفرنسية: “هذا الاستفزاز الجديد غير مقبول”.
وكان الخلاف مع بن جفير هو المرة الثانية هذا الأسبوع التي يصطدم فيها نتنياهو مع أحد كبار وزرائه، بعد توبيخ حاد وجه إلى وزير الدفاع يوآف غالانت يوم الاثنين بشأن أهداف حرب غزة.
وتأتي تصريحات بن جفير، أثناء زيارته للمجمع لإحياء يوم الحداد اليهودي على تدمير المعابد القديمة، في وقت حساس بشكل خاص، حيث تواجه الحرب في غزة خطر التصعيد إلى صراع أوسع نطاقا، مما قد يجذب إيران وعملائها الإقليميين.
ويدير مؤسسة دينية أردنية المسجد الأقصى، الذي يقدسه اليهود باعتباره بقايا معبديهم القديمين، وبموجب قواعد يعود تاريخها إلى عقود من الزمن، يُسمح لليهود بزيارته، لكن لا يجوز لهم الصلاة هناك.
وقال بن جفير أثناء مروره بجانب صف من الزوار اليهود الذين سجدوا على الأرض، بينما غنى آخرون وصفقوا بأيديهم احتفالا: “سياستنا هي السماح بالصلاة”.
وقالت الأوقاف، المؤسسة التي تدير الموقع، إن نحو 2250 يهوديا دخلوا الموقع يوم الثلاثاء.
وندد المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس بزيارة بن جفير ووصفها بأنها “استفزازية” ودعا الولايات المتحدة إلى التدخل “إذا كانت تريد منع المنطقة من الانفجار بشكل لا يمكن السيطرة عليه”.
وقال بلينكن إن واشنطن تعارض بشدة زيارة بن جفير، التي قال إنها “أظهرت تجاهلاً صارخاً للوضع الراهن التاريخي فيما يتعلق بالأماكن المقدسة في القدس”.
وقال بلينكن إن “هذه الأعمال الاستفزازية لا تؤدي إلا إلى تفاقم التوترات في لحظة محورية عندما ينبغي أن ينصب كل التركيز على الجهود الدبلوماسية الجارية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتأمين إطلاق سراح جميع الرهائن وخلق الظروف اللازمة للاستقرار الإقليمي الأوسع”، داعيا الحكومة الإسرائيلية إلى منع وقوع حوادث مماثلة في المستقبل.
وقد اشتبك بن جفير مرارا وتكرارا مع وزراء آخرين بسبب دعواته للسماح بالصلاة في الحرم، الأمر الذي ساعد في إثارة صراعات متكررة مع الفلسطينيين على مر السنين، بما في ذلك حرب استمرت عشرة أيام مع حماس في عام 2021.
وانتقد موشيه غافني، رئيس حزب “يهدوت هتوراة”، أحد الأحزاب الدينية في الحكومة، زيارة بن جفير للمسجد الأقصى، الذي يعتقد العديد من اليهود الأرثوذكس أنه مكان مقدس للغاية بالنسبة لليهود.
وقال في بيان إن “الأضرار التي تسببها للشعب اليهودي لا تطاق، كما أنها تسبب كراهية لا أساس لها في يوم تدمير الهيكل”.
وكان الخلاف مع بن جفير هو الأحدث في سلسلة طويلة من الخلافات التي كشفت عن الانقسامات التي كانت سمة من سمات ائتلاف نتنياهو اليميني منذ تشكيله في نهاية عام 2022.
ومع أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن الانتخابات الجديدة ستشهد هزيمة حزب الليكود بزعامة نتنياهو والكتلة القومية الدينية التي يرأسها بن جفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، فقد نجح الائتلاف حتى الآن في الصمود لفترة أطول كثيراً من العديد من الحكومات السابقة. ولكن أياً من الوزراء لم يتظاهر حتى بوحدة مجلس الوزراء.
وقد اصطدم بن جفير وسموتريتش مرارا وتكرارا مع جالانت بشأن قضايا تتراوح من إدارة الحرب في غزة إلى السياسة المتعلقة بالضفة الغربية المحتلة والتحركات الرامية إلى الحد من سلطة المحاكم.
من جانبه، عزم جالانت على البقاء في الحكومة ليكون بمثابة ثقل موازن للكتلة الدينية القومية ونتنياهو، الذي اختلف معه علناً في مناسبات متعددة.
وفي يوم الاثنين، وبخ مكتب نتنياهو جالانت بعد أن نقلت الصحافة الإسرائيلية عنه وصفه لهدف نتنياهو المتكرر المتمثل في “النصر الكامل” في الحرب مع حركة حماس الإسلامية في غزة، والتي دخلت الآن شهرها الحادي عشر، بأنه “هراء”.
في العام الماضي، حاول نتنياهو إقالة جالانت بسبب معارضته لخطط الحد من سلطة المحكمة العليا، لكنه اضطر إلى التراجع عن قراره في مواجهة الاحتجاجات الجماهيرية التي شارك فيها مئات الآلاف من الإسرائيليين.
وكرر بن جفير، الثلاثاء، دعوته إلى تحقيق النصر النهائي في غزة، قائلا إن هدف الحرب يجب أن يكون هزيمة حماس و”تركيعها”.
وقال بيني غانتس، الجنرال الوسطي السابق الذي انضم إلى حكومة نتنياهو بعد وقت قصير من بدء حرب غزة كبادرة وحدة قبل أن يستقيل في وقت سابق من هذا العام، إن بن جفير تحدى رئيس الوزراء وعرض الدولة للخطر ويجب تجريده من سلطاته الرسمية.
وقال في بيان “أنت لا تثق بشريكك وهو لا يثق بك”.
