أشادت الولايات المتحدة الخميس بـ”بداية واعدة” لمحادثات وقف إطلاق النار في غزة، في حين تصاعدت الضغوط للتوصل إلى اتفاق لوقف انتشار الحرب التي قالت وزارة الصحة في القطاع الذي تديره حركة حماس إنها أسفرت عن مقتل 40 ألف شخص.
لقد أدى الصراع الذي أشعلته الهجمة غير المسبوقة التي شنتها حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول إلى تدمير غزة، ونزوح كل سكانها تقريبا مرة واحدة على الأقل، وإثارة أزمة إنسانية هائلة.
قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي إن محادثات تشمل مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية وليام بيرنز بدأت في العاصمة القطرية الدوحة.
وقال كيربي للصحافيين في واشنطن “اليوم هو بداية واعدة”، مضيفا “لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به”.
وقال إنه من المتوقع أن تستمر المحادثات يوم الجمعة.
وقال المسؤول في حركة حماس أسامة حمدان إن الحركة لم تشارك في اجتماع الخميس لكنها مستعدة للانضمام إلى المفاوضات غير المباشرة إذا أسفرت عن التزامات جديدة من إسرائيل.
وطالبت الحركة الفلسطينية بتنفيذ خطة التهدئة التي طرحها الرئيس الأميركي جو بايدن أواخر مايو/أيار الماضي.
وقال حمدان لوكالة فرانس برس “إذا نجح الوسطاء في إجبار الاحتلال (الإسرائيلي) على الموافقة فسنفعل ذلك، ولكن حتى الآن لا يوجد شيء جديد”.
وقال إن حماس لن تشارك في مفاوضات مطولة “تمنح (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو مزيدا من الوقت لقتل الشعب الفلسطيني”.
ولم يتم التوصل إلى هدنة حتى الآن سوى مرة واحدة في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عندما أطلق مسلحون في غزة سراح 105 رهائن اختطفوا في هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وكان من بينهم الإسرائيليون، مقابل إطلاق سراح 240 أسيراً فلسطينياً محتجزين في السجون الإسرائيلية.
وتأتي هذه الجهود الدبلوماسية الأخيرة في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الصحة في غزة أن حصيلة القتلى في الأراضي الفلسطينية المحاصرة تجاوزت 40 ألف شخص – وهو ما قاله الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنه “سبب آخر” لضرورة وقف إطلاق النار الآن.
وقال المتحدث باسمه فرحان حق “نظرا للعدد المقلق من الأشخاص الذين ما زالوا في عداد المفقودين، والذين قد يكونون محاصرين أو ميتين تحت الأنقاض، فإن هذا العدد قد يكون أقل من العدد الحقيقي”.
“وهذا سبب آخر يجعلنا بحاجة إلى وقف إطلاق النار الآن، فضلاً عن إطلاق سراح جميع الرهائن وتقديم المساعدات الإنسانية دون عوائق”.
وقالت وزارة الصحة في غزة، التي لا تقدم تفصيلا لعدد الضحايا المدنيين والمسلحين، إن الحصيلة شملت 40 حالة وفاة في الساعات الأربع والعشرين الماضية.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه قتل “أكثر من 17 ألف” مسلح فلسطيني في غزة منذ بدء الحرب.
– “الوقت هو الآن” –
ومن المقرر أن يناقش وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي ونظيره الفرنسي ستيفان سيجورن محادثات الهدنة مع كبير الدبلوماسيين الإسرائيليين يسرائيل كاتس يوم الجمعة.
وفي بيروت يوم الأربعاء، قال المبعوث الأمريكي الزائر آموس هوشستاين إن التوصل إلى اتفاق في غزة “من شأنه أن يساعد أيضا في التوصل إلى حل دبلوماسي هنا في لبنان، وهذا من شأنه أن يمنع اندلاع حرب أوسع نطاقا”.
وأضاف “يتعين علينا أن نستغل هذه الفرصة للعمل الدبلوماسي والحلول الدبلوماسية. وهذا الوقت هو الآن”.
وأدى الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول على جنوب إسرائيل إلى اندلاع الحرب وأسفر عن مقتل 1198 شخصا معظمهم من المدنيين، وفقا لإحصاءات وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
كما احتجز المسلحون 251 شخصا، لا يزال 111 منهم محتجزين في غزة، بما في ذلك 39 يقول الجيش إنهم قتلوا.
وتعثرت جهود الوساطة مرارا وتكرارا منذ الهدنة التي استمرت أسبوعا في نوفمبر/تشرين الثاني.
وقال مسؤولون في حماس وبعض المحللين والمنتقدين في إسرائيل إن نتنياهو سعى إلى إطالة أمد الحرب لتحقيق مكاسب سياسية.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية هذا الأسبوع عن وزير الدفاع يوآف جالانت قوله في تصريح خاص للجنة برلمانية إن صفقة إطلاق سراح الرهائن “متوقفة… جزئيا بسبب إسرائيل”.
واتهم مكتب نتنياهو غالانت بتبني “رواية معادية لإسرائيل” وقال إن زعيم حماس يحيى السنوار هو “العائق الوحيد أمام صفقة الرهائن”.
– أطفال ملطخين بالدماء –
وتأتي هذه الجهود الأخيرة للوساطة في أعقاب مقتل سلف السنوار، الزعيم السياسي لحماس ومفاوض التهدئة إسماعيل هنية في 31 يوليو/تموز. وأثار مقتله أثناء زيارة لطهران مخاوف من اندلاع حرب أوسع نطاقا.
وألقت إيران وحلفاؤها الإقليميون باللوم على إسرائيل وتعهدوا بالرد. ولم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عن الهجوم.
وحث زعماء غربيون طهران على تجنب ضرب إسرائيل بسبب اغتيال هنية، الذي جاء بعد ساعات من غارة إسرائيلية في بيروت أسفرت عن مقتل القائد العسكري لحزب الله.
وقد أدت تداعيات الصراع إلى تدخل جماعات متحالفة مع إيران من لبنان واليمن والعراق وسوريا.
قُتل أكثر من 370 عضواً من حزب الله خلال عشرة أشهر من إطلاق النار عبر الحدود مع القوات الإسرائيلية بشكل يومي تقريباً، وفقاً لإحصاء لوكالة فرانس برس، وهو عدد أكبر من عدد القتلى الذي خسرته الحركة المدعومة من إيران في حرب عام 2006 مع إسرائيل.
وعلى الجانب الإسرائيلي، قُتل 22 جندياً و26 مدنياً، بما في ذلك في مرتفعات الجولان التي ضمتها إسرائيل، وفقاً لأرقام عسكرية.
وفي غزة، حيث دمرت الحرب معظم المساكن والبنية الأساسية الأخرى في القطاع، تم الإبلاغ عن عدد قليل نسبيا من القتلى يوم الخميس.
وفي أعنف قصف، قالت خدمات الطوارئ إن الغارات الجوية قتلت خمسة أشخاص في مدينة غزة.
قال الجيش الإسرائيلي إن قواته قتلت نحو 20 مسلحا في رفح جنوب قطاع غزة.
وصل، اليوم الأربعاء، قتلى وجرحى بينهم أطفال غارقون في الدماء إلى مستشفى ناصر في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، جراء قصف إسرائيلي.
“لم أكن مؤيدا لحماس ولكن الآن أنا أؤيدهم وأريد القتال”، هكذا صرخ أحد الرجال الحزينين.
بورز-دي في/كير/أمي
