ومن المقرر أن تستأنف المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية في القاهرة يوم الأربعاء، بعد يومين من المحادثات في العاصمة القطرية الدوحة الأسبوع الماضي.
ويسعى دبلوماسيون إلى التوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة والإفراج عن الرهائن والسجناء، وهو ما يأملون أن يمنع رد الفعل المتوقع ضد إسرائيل من جانب إيران وحزب الله اللبناني بسبب مقتل قائد حزب الله فؤاد شكر في 30 يوليو/تموز في غارة جوية إسرائيلية على بيروت واغتيال زعيم حماس إسماعيل هنية في هجوم إسرائيلي مشتبه به في طهران في اليوم التالي.
قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، إن الجولة الحالية من المحادثات قد تكون الفرصة الأخيرة للتوصل إلى اتفاق يضمن إطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حماس في غزة وإنهاء الحرب الإسرائيلية على القطاع.
وقال بلينكن خلال اجتماعه مع الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ في تل أبيب: “هذه لحظة حاسمة، وربما تكون الفرصة الأفضل، وربما الأخيرة، لإعادة الرهائن إلى ديارهم، والتوصل إلى وقف إطلاق النار، ووضع الجميع على مسار أفضل للسلام والأمن الدائمين”.
وبحسب وزارة الخارجية الأميركية، من المتوقع أن يتوجه بلينكن إلى القاهرة، الثلاثاء، في إطار الجهود الدبلوماسية الرامية إلى إبرام اتفاق وقف إطلاق النار من خلال “اقتراح الجسر” الذي قدمته الولايات المتحدة ومصر وقطر الأسبوع الماضي.
حماس تخفف الآمال بوقف إطلاق النار
وكانت مفاوضات برعاية أميركية قد عقدت في الدوحة الخميس الماضي بحضور مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز، ورئيس المخابرات العامة المصرية عباس كامل، ومدير الموساد الإسرائيلي ديفيد برنياع، ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني. وقاطعت حماس المحادثات.
وفي بيان مشترك صدر يوم الجمعة في نهاية المحادثات، قال الوسطاء الأميركيون والمصريون والقطريون إنهم قدموا اقتراحا جديدا “يسد الفجوات المتبقية” بين إسرائيل وحماس لتمهيد الطريق أمام “تنفيذ سريع” لاتفاق وقف إطلاق النار.
وقال البيان إن المحادثات ستستأنف قبل نهاية هذا الأسبوع للتوصل إلى اتفاق بموجب الشروط التي تم طرحها خلال محادثات الدوحة.
لكن حماس قالت الأحد إنها ترفض الاقتراح الأخير، متهمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بوضع “شروط ومطالب بهدف إفشال جهود الوسطاء وإطالة أمد الحرب”.
وقالت حماس في بيان لها إن “الاقتراح الجديد يتوافق مع شروط نتنياهو، وخاصة رفضه وقف إطلاق النار الدائم والانسحاب الكامل من قطاع غزة، وإصراره على استمرار احتلال معبر نتساريم ومعبر رفح وممر فيلادلفيا”.
وأضافت حماس أنها لا تزال ملتزمة بالخطة التي أعلن عنها الرئيس الأميركي جو بايدن أواخر مايو/أيار الماضي، ودعت الوسطاء إلى الضغط على إسرائيل لتنفيذها.
وفي حين لم يتم الكشف عن تفاصيل الاقتراح الأخير، كشف مسؤول في حماس لموقع الشرق الإخباري السعودي يوم الأحد عن بعض شروطه، بما في ذلك تقليص الوجود العسكري الإسرائيلي في ممر فيلادلفيا – وليس الانسحاب الكامل منه – والإشراف الإسرائيلي على النازحين العائدين إلى الشمال عبر ممر نتساريم الشرقي الغربي، وهي منطقة عسكرية تقسم غزة، لمنع مسلحي حماس من العودة إلى شمال القطاع.
وبحسب المصدر فإن السلطة الفلسطينية ستتولى إدارة معبر رفح تحت إشراف إسرائيل، كما يمنح الاقتراح إسرائيل الحق في معارضة إطلاق سراح ما لا يقل عن 100 أسير فلسطيني وترحيل بعض السجناء الذين سيتم إطلاق سراحهم بموجب الصفقة.
كما لن يكون هناك انسحاب عسكري إسرائيلي كامل من غزة، وسيتم مناقشة وقف إطلاق النار الدائم في المرحلة الثانية. وإذا لم توافق حماس على المطالب الإسرائيلية، فسوف يستأنف الجيش عملياته العسكرية في غزة، وفقًا للاقتراح.
نفى مصدر رفيع المستوى قريب من المفاوضات الاثنين ادعاء حماس بأن نتنياهو يحاول تخريب الاتفاق. ونقلت صحيفة معاريف عن المصدر قوله “إعلان حماس هو محاولة من جانب المجموعة لتحسين موقفها التفاوضي… نحن نتعامل مع هذا الأمر بهدوء ونواصل العمل نحو اجتماع القمة الذي من المقرر أن يعقد في نهاية الأسبوع”.
من جانبه، أيد نتنياهو الاقتراح الأميركي الذي “يأخذ في الاعتبار احتياجات إسرائيل الأمنية، وهو ما يصر عليه بشدة”، بحسب بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الاثنين.
وجاءت تصريحات نتنياهو عقب اجتماع استمر ثلاث ساعات مع بلينكن في إسرائيل.
التقدم في ممر فيلادلفيا؟
عاد وفد التفاوض الإسرائيلي إلى إسرائيل يوم الاثنين بعد زيارة قصيرة للعاصمة المصرية القاهرة، حسبما ذكرت هيئة الإذاعة العامة الإسرائيلية. ولم يضم هذا الوفد أيًا من كبار المفاوضين مثل رئيس الموساد برنياع ورونين بار من جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت)، بل فريقًا فنيًا من مستوى أدنى.
وبحسب “كان”، ناقش الفريق العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى اتفاق مع حماس: السيطرة على ممر فيلادلفيا وممر نتساريم.
وذكرت صحيفة معاريف أن فريقا فنيا بقي في الدوحة بعد عودة كبار المفاوضين إلى إسرائيل يوم الجمعة.
وذكرت تقارير أن مصر وافقت خلال المحادثات المصرية الإسرائيلية في القاهرة الأحد على طلب إسرائيل بعدم تحديد جدول زمني لانسحابها من محور فيلادلفيا، في تحول عن موقفها السابق الرافض للاحتلال الإسرائيلي لشريط من الأرض على طول حدود غزة مع مصر.
ونقلت صحيفة الأخبار اللبنانية المقربة من حزب الله عن مصدر مطلع على المحادثات أن الطرفين اتفقا على “تقليص” عدد الجنود الإسرائيليين المتواجدين في الممر “تمهيدا لانسحابهم في وقت لاحق”. وطلب المسؤولون المصريون “استكمال الانسحاب الكامل في أسرع وقت ممكن”، بحسب المصدر نفسه.
وفي أواخر شهر مايو/أيار، سيطرت القوات الإسرائيلية بشكل كامل على ممر فيلادلفيا، وهو شريط من الأرض منزوع السلاح بطول 14 كيلومترا (8 أميال) بين غزة ومصر، مما أثار انتقادات حادة من مصر في ذلك الوقت.
وتقود إسرائيل حملة جوية وبرية واسعة النطاق في قطاع غزة منذ هجوم حماس عبر الحدود في 7 أكتوبر 2023. وقُتل أكثر من 40 ألف شخص في القطاع منذ ذلك الحين، وفقًا لوزارة الصحة في غزة، مع إجبار أكثر من 1.9 مليون شخص على الفرار من منازلهم، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة.
خلال هجومهم على جنوب إسرائيل، قتل مسلحو حماس نحو 1200 شخص وأسروا أكثر من 240 آخرين كرهائن.
وتمكن الوسطاء الأميركيون والمصريون والقطريون من تأمين هدنة قصيرة لمدة سبعة أيام أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أطلقت خلالها حماس سراح 110 رهائن و240 أسيراً فلسطينياً محتجزين في السجون الإسرائيلية.
