نساء وأطفال يعودون سيرًا على الأقدام إلى خيامهم بعد الذهاب إلى عيادة طبية في معسكر إغاثة لضحايا الفيضانات، في فازيلبور بالقرب من ملتان، باكستان، 23 سبتمبر 2022. يقول الآباء إنهم يسرعون في زواج بناتهم لإنقاذهن من الفقر، وعادةً مقابل المال. — AP File
وبينما كانت الأمطار الموسمية على وشك الهطول في باكستان، تم تزويج شاميلا البالغة من العمر 14 عامًا وشقيقتها أمينة البالغة من العمر 13 عامًا مقابل المال، وهو القرار الذي اتخذه والداها لمساعدة الأسرة على البقاء على قيد الحياة في مواجهة خطر الفيضانات.
“سعدت عندما سمعت أنني سأتزوج… اعتقدت أن حياتي ستصبح أسهل”، قالت شاميلا بعد زواجها من رجل يكبرها بضعف عمرها على أمل حياة أكثر ازدهارًا.
“ولكن ليس لدي المزيد. ومع هطول المطر، أخشى أن يقل ما لدي، إذا كان ذلك ممكنًا.”
كان معدل زواج الفتيات القاصرات في باكستان ينخفض بشكل تدريجي في السنوات الأخيرة، ولكن بعد الفيضانات غير المسبوقة في عام 2022، حذر العاملون في مجال حقوق الإنسان من أن مثل هذه حفلات الزفاف آخذة في الارتفاع الآن بسبب انعدام الأمن الاقتصادي الناجم عن المناخ.
تعتبر فترة الرياح الموسمية الصيفية بين يوليو/تموز وسبتمبر/أيلول حيوية لسبل عيش ملايين المزارعين والأمن الغذائي، لكن العلماء يقولون إن تغير المناخ يجعلها أثقل وأطول، مما يزيد من خطر الانهيارات الأرضية والفيضانات وتلف المحاصيل على المدى الطويل.
ولم تتعاف العديد من القرى الواقعة في الحزام الزراعي في السند من فيضانات عام 2022، التي أغرقت ثلث البلاد تحت الماء، وشردت الملايين، وأدت إلى تدمير المحاصيل.
وقالت ماشوقي بيرهماني، مؤسسة منظمة “سوغاغ سانسار” غير الحكومية التي تعمل مع علماء الدين لمكافحة زواج الأطفال: “لقد أدى هذا إلى ظهور اتجاه جديد يتمثل في 'عرائس الرياح الموسمية'”.
“ستبحث الأسر عن أي وسيلة للبقاء على قيد الحياة. والطريقة الأولى والأكثر وضوحاً هي تزويج بناتهم مقابل المال”.
وقال بيرهماني إنه منذ فيضانات عام 2022، ارتفعت حالات زواج الأطفال في قرى منطقة دادو، وهي واحدة من أكثر المناطق تضررا والتي كانت تشبه بحيرة لعدة أشهر.
وفي قرية خان محمد ملاح، حيث تزوجت شاميلا وأمينة في حفل مشترك في يونيو/حزيران، أصبحت 45 فتاة قاصر زوجات منذ موسم الرياح الموسمية الأخير – 15 منهن في مايو/أيار ويونيو/حزيران من هذا العام.
“قبل هطول الأمطار في عام 2022، لم تكن هناك حاجة لزواج الفتيات في سن صغيرة في منطقتنا”، كما قالت ماي هاجاني، 65 عامًا، إحدى شيوخ القرية.
“كانوا يعملون في الأرض، ويصنعون الحبال للأسرة الخشبية، وكان الرجال مشغولين بالصيد والزراعة. كان هناك دائمًا عمل يجب القيام به”.
وقال أولياء أمور إنهم يسرعون بتزويج بناتهم لإنقاذهن من الفقر، وعادة مقابل الحصول على المال.
وقالت حمات شاميلا، بيبي ساشال، إنهم أعطوا 200 ألف روبية باكستانية (720 دولارا) لوالدي العروس الشابة – وهو مبلغ كبير في منطقة تعيش معظم الأسر فيها على دولار واحد تقريبا في اليوم.
كانت نجمة علي في بادئ الأمر مفعمة بالإثارة بشأن كونها زوجة عندما تزوجت في سن الرابعة عشرة في عام 2022 وبدأت تعيش مع أقارب زوجها، كما هي العادة في باكستان.
وقالت “لقد أعطى زوجي لوالدي 250 ألف روبية لزواجنا. ولكن هذا المبلغ كان على سبيل القرض (من طرف ثالث) وليس لديه وسيلة لسداده الآن”.
وقالت وهي تحتضن طفلها البالغ من العمر ستة أشهر: “اعتقدت أنني سأحصل على أحمر الشفاه ومستحضرات التجميل والملابس والأواني”.
“الآن عدت إلى البيت مع زوجي وطفلي لأننا لا نملك ما نأكله”.
قريتهم، التي تقع على ضفاف قناة في وادي نارا الرئيسي، قاحلة ولم يعد هناك أي أسماك في المياه الملوثة – رائحتها الكريهة تغمر المنطقة.
وقالت حكيم زادي (58 عاماً)، مربية القرية ووالدة نجمة: “كانت لدينا حقول أرز خصبة حيث كانت الفتيات يعملن”.
وأضافت “كانوا يزرعون الكثير من الخضروات، التي ماتت كلها الآن لأن المياه في الأرض سامة. وقد حدث هذا بشكل خاص بعد عام 2022”.
“لم تكن الفتيات يشكلن عبئاً علينا قبل ذلك الوقت. ففي السن التي كانت الفتيات يتزوجن فيها، أصبح لديهن الآن خمسة أطفال، ويعدن للعيش مع والديهن لأن أزواجهن عاطلون عن العمل”.
وتعتبر زواج الأطفال أمرا شائعا في أجزاء من باكستان، التي لديها سادس أعلى عدد من الفتيات المتزوجات قبل سن 18 عاما في العالم، وفقا لبيانات حكومية نشرت في ديسمبر/كانون الأول.
ويتراوح السن القانوني للزواج بين 16 و18 عاما في مناطق مختلفة، لكن القانون نادرا ما يتم تطبيقه.
أعلنت منظمة اليونيسف عن تحقيق “خطوات كبيرة” في الحد من زواج الأطفال، لكن الأدلة تشير إلى أن الأحداث الجوية المتطرفة تعرض الفتيات للخطر.
وقالت في تقرير صدر بعد فيضانات عام 2022: “نتوقع أن نشهد زيادة بنسبة 18 في المائة في انتشار زواج الأطفال، وهو ما يعادل محو خمس سنوات من التقدم”.
كان دلدار علي الشيخ (31 عاما) يخطط لتزويج ابنته الكبرى مهتاب أثناء إقامته في مخيم للمساعدات بعد نزوحه بسبب الفيضانات.
“عندما كنت هناك، فكرت في نفسي 'يجب أن نزوج ابنتنا حتى تتمكن على الأقل من تناول الطعام والحصول على المرافق الأساسية'”، كما قال العامل اليومي.
كانت مهتاب في العاشرة من عمرها فقط. وقالت والدتها سومبال علي شيخ، التي كانت تبلغ من العمر 18 عامًا عندما تزوجت: “في الليلة التي قررت فيها تزويجها، لم أستطع النوم”.
وقد أدى تدخل منظمة غير حكومية تدعى Sujag Sansar إلى تأجيل حفل الزفاف، وتم تسجيل مهتاب في ورشة خياطة، مما سمح لها بكسب دخل صغير مع مواصلة تعليمها.
ولكن عندما تهطل الأمطار الموسمية، تشعر بالخوف من أن حفل زفافها الموعود سوف يأتي أيضًا.
“لقد أخبرت والدي أنني أريد الدراسة”، قالت. “أرى فتيات متزوجات حولي يعشن حياة مليئة بالتحديات، ولا أريد هذا لنفسي”.
