تونس-
قال الرئيس التونسي قيس سعيد إن مخاوف “الأمن القومي” كانت وراء التعديل الوزاري الشامل قبل الانتخابات الرئاسية في 6 أكتوبر.
وعين سعيد، الذي انتخب ديمقراطيا في عام 2019، 19 عضوا جديدا في الحكومة يوم الأحد، أي ما يقرب من الحكومة بأكملها، واستبدل وزيري الخارجية والدفاع.
وفي كلمة ألقاها مساء الأحد، قال إن القرار جاء بسبب “الافتقار إلى التماسك” في حكومته و”عدم مسؤولية” بعض الوزراء الذين كانت وظيفتهم “المساعدة … وليس اتخاذ خيارات تتجاوز تلك التي تحددها” الرئاسة.
وأضاف أن التعديل الوزاري أعطى الأولوية “للأمن القومي”.
وأضاف سعيّد أنه “منذ بعض الوقت، كان هناك صراع بين أولئك الذين يعملون في ظل الدستور الجديد”، الذي دفع به الرئيس بعد إجراءات الطوارئ في 25 يوليو/تموز، وأولئك الذين يعملون “من أجل نظام فاسد … يأمل ممثلوه العودة إلى الماضي،” عندما كانت تونس ديكتاتورية.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أقال الرئيس رئيس الوزراء أحمد حشاني، وعين بدلا منه كمال مدوري، الذي كان يشغل في السابق منصب وزير الشؤون الاجتماعية.
في 25 يوليو/تموز 2021، أعلن سعيّد حالة الطوارئ، إلى جانب عدة قرارات جذرية أخرى ردًا على ما اعتبره تفككًا للدولة.
وقد استهدفت هذه الإجراءات الطارئة في البداية مجلس نواب الشعب، الذي تم تعليق أعماله، وتم تجريد أعضائه من حصانتهم البرلمانية.
وبموجب هذه التدابير الاستثنائية، تم منح السلطة التشريعية وجزء من السلطة القضائية للرئيس، الذي أصبح بعد ذلك قادرًا على سن المراسيم التشريعية ورئاسة المحاكمات.
وأخيرا، تم حل حكومة رئيس الوزراء آنذاك هشام المشيشي، المدعومة من أحزاب برلمانية مثل النهضة وقلب تونس والكرامة، دون سابق إنذار.
ويسعى الرئيس البالغ من العمر 66 عاما إلى الفوز بولاية ثانية، كجزء مما أسماه “حرب التحرير وتقرير المصير” التي تهدف إلى “تأسيس جمهورية جديدة”.
ولم يتم اختيار سوى اثنين من المرشحين مسبقًا لخوض الانتخابات ضد سعيد، وهما عضو البرلمان السابق زهير المغزاوي (59 عامًا)، وزعيم حزب أزيمون عياشي زامل.
ومن بين الذين تم استبدالهم يوم الأحد وزراء التشغيل والشباب والزراعة والموارد المائية والصحة.
وقال الكاتب والمحلل السياسي مراد علالة: “إن هذا التعديل الوزاري الكبير والمتوقع يكشف عن أمرين: أولاً، فشل الحكومات السابقة، حكومة نجلاء بودن وحشان، وثانياً، تركيز الرئيس على المشاكل الاجتماعية”.
وقال علالة لـ«العرب» إن «الوقت حان لبناء دولة قادرة على الاستجابة لتطلعات الشعب، وهذا يؤكد أن اهتمامات الرئيس أصبحت اجتماعية بالدرجة الأولى».
وأشار إلى أن “التعديل الوزاري يعكس رؤية الرئيس لتعزيز مشروعه السياسي”.
وأكد سعيّد مراراً وتكراراً على الرغبة في الحفاظ على مؤسسات الدولة، بالإضافة إلى ضرورة إجراء إصلاحات جذرية لتطوير قطاعي التعليم والصحة.
وفي ضوء ذلك، يقول مراقبون إن الإبقاء على وزيرة المالية سهام بوغديري نمسيا في منصبها كان بهدف الحفاظ على السياسات المالية ذاتها التي اتبعتها البلاد منذ فترة، بما في ذلك رفض التبعية للدول الأجنبية وتعليق التعامل مع صندوق النقد الدولي، بالإضافة إلى اعتماد سياسة الاعتماد على الذات.
قال المحلل السياسي والخبير الأمني خليفة الشيباني إن “الرئيس سعيّد اعترف من خلال التعديل الوزاري الشامل بفشل عدد من الوزراء في أداء واجباتهم، وأشار إلى أن من لم يقوموا بدورهم يمكن إقالتهم”.
وأضاف في تصريح لـ«العرب» أن «الرئيس سعيّد يرى أن هناك حاجة الآن إلى معالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية، وهذا يتطلب تعيين وزراء جدد قادرين على تحمل مسؤولياتهم».
وأشار شيباني إلى أن “التركيز في المرحلة المقبلة هو على تحسين ظروف عيش المواطنين والنهوض بالقطاعين الاقتصادي والاجتماعي”، مشيرا إلى أن “تعيين وزير للشؤون الاجتماعية يظهر جدية نوايا سعيّد”.
ويبلغ معدل البطالة في تونس 16 في المائة، في حين تعاني البلاد من أزمة مائية وسط عامها السادس على التوالي من الجفاف.
وتواجه الدولة الواقعة في شمال أفريقيا مشاكل مالية متزايدة، مع تزايد فقر الطبقة المتوسطة وارتفاع مستويات الديون إلى نحو 80% من الناتج المحلي الإجمالي.
إن اقتصادها في حالة ركود، حيث يبلغ معدل النمو 0.4 في المائة فقط.