الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. صورة أرشيفية من رويترز
حذرت وزارة المالية الفرنسية في رسالة إلى المشرعين من أن العجز في ميزانيتها قد يرتفع بشكل غير متوقع هذا العام والعام المقبل إذا لم يتم العثور على مدخرات إضافية، في الوقت الذي يتجه فيه ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو إلى أزمة سياسية أعمق.
وتزيد الأوضاع المالية المتدهورة، التي دفعت باريس أيضا إلى إجراءات تأديبية من جانب الاتحاد الأوروبي، من الضغوط على الرئيس إيمانويل ماكرون في الوقت الذي يكافح فيه لتشكيل حكومة جديدة بعد شهرين من الانتخابات المبكرة التي أدت إلى برلمان معلق.
ويعني العجز المالي أن أي حكومة جديدة قد تواجه خيارات صعبة بين خفض الإنفاق وزيادة الضرائب أو فقدان مصداقيتها أمام شركاء فرنسا في الاتحاد الأوروبي والأسواق المالية.
وقال النائب اليساري إريك كوكريل، الذي يرأس لجنة المالية في الجمعية الوطنية، في منشور في وقت متأخر من الليل على موقع إكس، إن الوثيقة التي أرسلتها وزارة المالية إلى المشرعين يوم الاثنين تشير إلى أن عجز ميزانية القطاع العام يواجه خطر الوصول إلى 5.6% من الناتج الاقتصادي هذا العام. وكانت الحكومة المؤقتة تستهدف عجزا قدره 5.1%.
وأضاف كوكريل أن العجز قد يصل إلى 6.2% في عام 2025، مستشهدا بحسابات الخزانة التي تشير إلى أن هناك حاجة إلى 60 مليار يورو من وفورات الميزانية للوصول إلى هدف العجز الذي حددته الحكومة المنتهية ولايتها عند 4.1% للعام المقبل.
وأضاف أن العديد من الضرائب الرئيسية، بما في ذلك ضريبة الدخل وضريبة الشركات وضريبة القيمة المضافة، جاءت أضعف من المتوقع. وأضاف أن الأزمة الأمنية في جزيرة كاليدونيا الجديدة الفرنسية الواقعة في المحيط الهادئ والانتخابات البرلمانية المبكرة هذا العام تسببت في نفقات إضافية.
وزير المالية الفرنسي المنتهية ولايته برونو لومير. صورة أرشيفية لوكالة فرانس برس
قال وزير المالية الفرنسي المنتهية ولايته برونو لومير إن من “الضرورة المطلقة” أن تمضي فرنسا قدما في تخفيضات الميزانية وألا تدع العجز يخرج عن نطاق السيطرة، وذلك وفقا لإحدى الوثائق المرسلة إلى المشرعين والتي اطلعت عليها رويترز.
لكن كوكريل رد قائلا للصحافيين إن الوضع كان نتيجة لتخفيضات الضرائب المتتالية في عهد ماكرون ولا يمكن تصحيحه إلا من خلال زيادات ضريبية بدلا من خفض الإنفاق.
وتوقع لو مير نموا اقتصاديا بنسبة 1% لهذا العام والعام المقبل، وقال إن 16.5 مليار يورو من الإنفاق تم تجميدها بالفعل لهذا العام لتعويض العجز في الإيرادات وتجاوز الميزانية.
وقال كوكريل في رده “يتعين علينا أن نضع حدا لهذه السياسة التي تعتمد دائما على خفض الإنفاق”.
لقد ظلت فرنسا لفترة طويلة تخالف قواعد الاتحاد الأوروبي التي تلزم الدول الأعضاء بالحفاظ على عجز الميزانية عند أقل من 3% من الناتج الاقتصادي، ولم تسجل باريس فائضاً منذ عام 1974، أي قبل ثلاث سنوات من ولادة ماكرون. كما أن إجمالي ديونها البالغة 110% من الناتج المحلي الإجمالي تنتهك قواعد الاتحاد الأوروبي.
في عهد ماكرون، أدت التخفيضات الضريبية على الأسر والشركات والدخل الرأسمالي إلى خفض الإيرادات السنوية بعشرات المليارات من اليورو.
وكانت الحكومة المؤقتة قد جمدت بالفعل الإنفاق لعام 2025 عند المستويات الحالية في الشهر الماضي في تخطيطها للميزانية المؤقتة، على الرغم من أن خليفتها من المرجح أن تعيد صياغة الأرقام، ربما بشكل جذري.
ويواجه ماكرون صعوبة في العثور على رئيس وزراء متوافق مع اليساريين والمحافظين في البرلمان والذي لن يتراجع عن الإصلاحات المؤيدة للأعمال التي وضعها منذ انتخابه لأول مرة في عام 2017.
إذا لم تكن أحزاب المعارضة راضية عن اختيار ماكرون، فيمكنها التصويت على اقتراح بحجب الثقة، وهو ما قد يؤدي إلى إسقاط حكومة رئيس الوزراء الجديد.
لكن الوقت ينفد، حيث من المفترض بموجب القانون أن تقدم الحكومة مشروع الميزانية إلى المشرعين لمناقشته بحلول الثاني من أكتوبر/تشرين الأول، على الرغم من أنه قد يكون هناك مجال للمناورة لبضعة أسابيع أخرى.
