تخيلوا منهجًا دراسيًا يشمل رعاية النحل، وجمع العسل، وتربية الدجاج، والطهي في الهواء الطلق، وبناء الملاجئ، والزراعة والتسميد، ورعاية الديدان وعناق الأشجار. قد يصبح هذا واقعًا في الإمارات العربية المتحدة قريبًا بفضل المغتربة السورية شيرين بوديكجي وانس.
شيرين، وهي من عشاق الطبيعة ورائدة أعمال ناجحة، تأمل في نشر برنامجها “مدرسة الغابات” في المدارس في مختلف أنحاء الإمارات العربية المتحدة. ولدت شيرين ونشأت في سوريا، ثم انتقلت إلى الإمارات العربية المتحدة قبل 15 عامًا. وبعد 10 سنوات، عندما فقدت وظيفتها في إحدى الشركات، أسست Natura Tribe، أول مجتمع مستوحى من الطبيعة في المنطقة.
وتقول: “أود أن أقوم بإنشاء مساحات طبيعية للأطفال في مختلف أنحاء الإمارات العربية المتحدة ودمج الطبيعة في فصولهم الدراسية. كما أسعى إلى جعل دبي مركزًا لكل ما يتعلق بأنشطة الطبيعة والتعليم”.
تصف شيرين قبيلة ناتورا بأنها “طفلها الثالث”؛ ولديها طفلان بشريان يبلغان من العمر أربع وست سنوات. وقد ولدت هذه القبيلة نتيجة لرغبتها في توفير نوع من التربية الغنية بالطبيعة لأطفالها وغيرهم في المجتمع، مثل تلك التي تمتعت بها أثناء طفولتها في سوريا. وتتمثل رؤيتها في مساعدة الأطفال على تنمية حب واحترام عميقين للطبيعة، وهو الأمر الذي تعتقد أنه ضروري لرفاهية الأجيال القادمة.
إطلاق الحلم
بفضل خلفيتها الأكاديمية القوية في إدارة الأعمال والتسويق الاستراتيجي، حصلت شيرين أيضًا على العديد من الشهادات المتخصصة، بما في ذلك الاعتراف بها كقائدة مدرسة غابات مؤهلة تمامًا من قبل مؤسسة تعليم مدارس الغابات في المملكة المتحدة، وممارس مدرسة غابات علاجية للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة؛ ومعلمة خضراء معتمدة من مدرسة بالي الخضراء؛ ومربية نحل مؤهلة ومصممة زراعة مستدامة. وقد مكنتها هذه المؤهلات من إنشاء وقيادة مجموعة متنوعة من البرامج والتجارب القائمة على الطبيعة والمصممة لإعادة ربط الناس بالعالم الطبيعي.
بدأت رحلة شيرين في مجال التعليم البيئي خلال جائحة كوفيد-19 عندما فقدت وظيفتها في إحدى الشركات أثناء إجازة الأمومة. وفي مواجهة حالة عدم اليقين التي تحيط بحياتها المهنية، قررت التركيز على أطفالها ولاحظت اتجاهًا مثيرًا للقلق: فقد بدأ صغارها يخافون من الحياة في الهواء الطلق. “أثناء الإغلاق، كان أطفالي الصغار يرغبون دائمًا في العودة إلى المنزل من نزهاتنا. أتذكر أنني عندما كنت طفلة لم أرغب أبدًا في العودة إلى المنزل من اللعب. لطالما أردت أن يكبر أطفالي في الطبيعة، وأن يقعوا في حبها وأن يتمتعوا بطفولة حقيقية مثلي. لقد نشأت في سوريا بجانب البحر. كنت أجمع الأصداف، وأتناول الفاكهة من الأشجار، وأركض حافية القدمين، وأتأرجح وأتسلق الأشجار، وأزرع الأشجار… أعتقد أنني عشت طفولة جميلة حقًا”.
كان أحد العوامل المحفزة القوية الأخرى لبدء Natura Tribe هو عندما لاحظت أن المربيات في المجتمع لم يكن لديهن أي تفاعل عندما أخذن الأطفال للخارج بخلاف وضعهم في عربات الأطفال والمشي. تقول: “لذا، قررت أن أكون التغيير الذي أردت رؤيته. جمعت أطفالي والأطفال في مجتمعي تحت شجرة واحدة وبدأت في تنظيم أنشطة قائمة على الطبيعة لهم”.
العودة إلى الطبيعة
اليوم، تقدم Natura Tribe مجموعة واسعة من البرامج للأطفال من سن عام إلى 12 عامًا، بالإضافة إلى ورش عمل للبالغين والآباء والمعلمين ومقدمي الرعاية. تشمل هذه الأنشطة مواعيد اللعب والمعسكرات والرحلات الليلية وجلسات الغابات العلاجية، بالإضافة إلى الأحداث الخاصة مثل أعياد الميلاد والبرامج المؤسسية. تم تصميم جلسات شيرين لتعليم الأطفال مهارات البقاء الأساسية واليقظة والتقدير العميق للبيئة.
“بفضل خبرتي في العلاقات العامة، أدير أعمالي بنفسي. لقد صممت موقعي الإلكتروني، وأدير حساباتي على وسائل التواصل الاجتماعي وأصمم برامجي. لقد حصلت على دعم مذهل من سيدة الأعمال الإماراتية نادية زعل، التي آمنت بي عندما بدأت وأعطتني هذه الدفعة”، قالت.
إن التزام شيرين بتعليم الطبيعة لا يقتصر على مجتمعها المحلي فقط. فقد أطلقت أول برنامج تدريبي لقادة المدارس الحرجية الدولية في الشرق الأوسط، والذي اجتذب المشاركين من مختلف أنحاء المنطقة، بما في ذلك المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان ولبنان. كما تنظم معرض الطبيعة، وهو مهرجان قائم على الطبيعة يقام كل شهرين في البراري، ويجمع الناس من مختلف أنحاء الإمارات للاحتفال بارتباطهم بالبيئة من خلال ورش العمل والموسيقى والتأمل.
إنها شغوفة بالنسيج باستخدام المواد الطبيعية، والحرف اليدوية، والأصباغ الطبيعية، والبستنة المتجددة، فضلاً عن الحرف اليدوية المستمدة من الطبيعة. كما تصنع عجينة اللعب النباتية (الأولى في الشرق الأوسط)، والتي تباع في متاجر ألعاب الأطفال البيئية المختلفة في الإمارات العربية المتحدة. وتؤكد: “يحتضن الأطفال في جلساتي الأشجار، ويشكرونها على الثمار والظلال ويعرفون أسماءها. هدفي هو إلهام الجيل الشاب ليصبحوا حراس الطبيعة الأم”.
مدينة الاحلام
سافرت شيرين إلى 56 دولة، ونسجت أفضل الممارسات من تجاربها العالمية في وحداتها الإبداعية. وهي معجبة بدعم ومرونة دولة الإمارات العربية المتحدة في مساعدتها على تحقيق حلمها.
“أحب قضاء إجازاتي في وجهات نائية والتعلم من أهل البلاد. أينما ذهبت للتدريب وأثناء سفري، أعرض أعمالي وما أنشأناه هنا ويصاب الناس بالصدمة من حدوث هذه الجلسات في الإمارات العربية المتحدة. إنهم لا يستطيعون تصديق أن لدينا هذا القدر من الخضرة وهذا النوع من البرامج هنا”، قالت.
وأكدت شيرين أن فوائد برامج الطبيعة للأطفال في سن مبكرة لا حصر لها. وأضافت: “يصبح الأطفال أكثر ثقة، وسيعرفون كيفية تقييم المخاطر، وسيكتسبون مهارات تواصل واجتماعية أفضل، ومهارات عاطفية وإدراكية، وسيصبحون موجهين نحو الحلول. لقد مررنا جميعًا بتلك اللحظة التي نهدأ فيها بمجرد أن نخطو إلى الغابة. نحتاج جميعًا إلى الطبيعة من أجل رفاهيتنا. كان لدي أطفال يأتون إلى جلساتي ولم يتمكنوا من المشي حفاة أو لمس الطين. الآن أصبحوا من محبي الطبيعة حتى النخاع”.
وتتطلع شيرين إلى المستقبل من خلال إنشاء مساحات طبيعية للأطفال في مختلف أنحاء الإمارات العربية المتحدة ودمج التعلم القائم على الطبيعة في المناهج الدراسية. وهي ملتزمة بجعل دبي مركزًا للأنشطة والتعليم المرتبطين بالطبيعة وتفخر بحصولها على التأشيرة الذهبية لمساهماتها.
“ما لا يفهمه بعض الناس هو أن التوحد مع الطبيعة أمر وراثي في جيناتنا، وإذا قاومنا ذلك فسوف نصاب بالأمراض وسنعاني من العديد من الاضطرابات والمشاكل. لذا، يتعين علينا تعليم الأطفال منذ سن مبكرة احترام الطبيعة وحبها”.
لمزيد من المعلومات تابع natura.tribe على الانستجرام
