رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول يدلي بشهادته أمام لجنة بمجلس الشيوخ مؤخرا. — ملف رويترز
مع بدء بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي دورة تخفيف أسعار الفائدة التي طال انتظارها يوم الأربعاء، فإن تخفيضات أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة قد تكون أقل عمقا مما تتوقعه السوق.
ويرى بعض كبار المستثمرين والمحللين أن هناك دورة لخفض أسعار الفائدة قد تترك الأسعار عند مستويات مرتفعة نسبيا بسبب القوة المستمرة للاقتصاد ويقولون إن التخفيضات العميقة لن تكون منطقية إلا إذا كان هناك ركود في المستقبل. وقال محمد العريان الرئيس السابق لشركة إدارة الأصول بيمكو التي تركز على السندات في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى رويترز “أشعر أن ما تتوقعه الأسواق حاليا من بنك الاحتياطي الفيدرالي بشأن خفض أسعار الفائدة يتجاوز ما يشعر معظم مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي والاقتصاديين بالارتياح تجاهه”.
وتنقسم التوقعات بين خفض بمقدار 50 نقطة أساس وخفض بمقدار 25 نقطة أساس يوم الأربعاء، مع ميل الرهانات نحو خفض أكبر، مما يهيئ الأسواق لاندفاع من التقلبات. وبالإضافة إلى الإعلان عن قراره بشأن أسعار الفائدة، سيقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بتحديث توقعاته بشأن مسار خفض أسعار الفائدة في المستقبل.
في أحدث توقعاتها في يونيو، قدر مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي معدل “الحياد” الطويل الأجل اللازم للسيطرة على التضخم عند 2.8 في المائة. ويضع المستثمرون في الحسبان حوالي 240 نقطة أساس من تخفيضات أسعار الفائدة بحلول نهاية العام المقبل، وهو ما يتوافق مع معدل يقارب 3 في المائة، من 5.25 في المائة إلى 5.5 في المائة حاليًا. ووفقًا لتورستن سلوك، كبير الاقتصاديين في شركة أبولو جلوبال مانجمنت، فإن مثل هذه الوتيرة من تخفيضات أسعار الفائدة تعني الركود. وقال سلوك في مذكرة يوم الثلاثاء: “على الرغم من أن الدراسات الاستقصائية أظهرت أن الإجماع يتوقع هبوطًا ناعمًا، فإن أسواق الأسعار تسعر ركودًا كاملاً”. وانخفضت عائدات سندات الخزانة لأجل عامين بنحو 140 نقطة أساس من ذروتها في عام 2024 في أبريل وسط توقعات بانخفاض الأسعار. وعند 3.61 في المائة يوم الثلاثاء، فإنها تعني أن أسعار الفائدة ستبلغ في المتوسط نفس القدر على مدى العامين المقبلين. وقال جون مادزير، رئيس قسم سندات الخزانة الأميركية وسندات الخزانة المحمية من التضخم لدى فانجارد: “لقد احتسبت سوق السندات الكثير من (التخفيضات) بين الآن والعام المقبل، وهو سيناريو عدواني للغاية”. وأضاف: “لكي يتحقق ذلك، نحتاج إلى رؤية سيناريو يتسم بتباطؤ كبير”. ويرى وي لي، كبير استراتيجيي الاستثمار العالميين في معهد بلاك روك للاستثمار، أن عائدات سندات الخزانة قصيرة الأجل، التي تتحرك في الاتجاه المعاكس للأسعار، سترتفع مع بدء السوق في تسعير ضغوط التضخم المستدامة.
وقال لي “لقد قامت الأسواق بتسعير عدد كبير من تخفيضات أسعار الفائدة التي يقوم بها بنك الاحتياطي الفيدرالي بشكل عدواني والتي لا تُرى عادةً إلا عندما يستجيب للركود، على الرغم من أن البيانات الأخيرة تشير إلى تباطؤ أكثر من الركود”. “لا نعتقد أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيكون قادرًا على التخفيض كثيرًا أو بسرعة”. وقال إد الحسيني، كبير استراتيجيي أسعار الفائدة في كولومبيا ثريدنيدل، إن الأرباح الصحية للشركات وسوق العمل المستقرة لا يبدو أنها تبرر التخفيضات العميقة التي تتوقعها السوق. وقال إن هناك فجوة بين السوق وصحة الاقتصاد. “لديك معدلات تخلف عن السداد منخفضة للغاية ونمو صحي للغاية في الأرباح، وهذه هي الأشياء التي ترتبط بسوق العمل والنمو الإجمالي”. كم عدد التخفيضات؟ قال المستثمرون إن دورة خفض أسعار الفائدة الأضحل ستعكس تلك التي حدثت في التسعينيات، عندما ظل التضخم مصدر قلق لبنك الاحتياطي الفيدرالي نظرًا لسوق العمل القوية في اقتصاد متنامٍ. وهذا من شأنه أن يقارن بالدورات الأكثر عمقا في عامي 2007 و2008، عندما خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بشكل حاد استجابة لتباطؤ الاقتصاد وفي نهاية المطاف الأزمة المالية.
إن إعادة تسعير السوق لخفض أسعار الفائدة لا يعني بالضرورة نهاية سعيدة للمستثمرين.
بدأت أسواق العقود الآجلة عام 2024 متوقعة على نطاق واسع أن يبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة في الربيع. وعلى الرغم من أن هذه التخفيضات لم تتحقق، فقد استمر مؤشر ستاندرد آند بورز 500 في الارتفاع بفضل قوة أسهم التكنولوجيا ذات القيمة السوقية الضخمة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي. اكتسبت السندات قيمة على الرغم من دورة خفض أسعار الفائدة الأضعف مما كان متوقعًا في السابق. قال فيشال خاندوجا، الرئيس المشارك للدخل الثابت في الأسواق العريضة في مورجان ستانلي لإدارة الاستثمار: “التضخم يظل مرتفعًا بعناد هنا والنمو يتراجع – قد يكون هذا مزيجًا صعبًا لسوق الدخل الثابت”. “لكن لدينا ثقة عالية جدًا … في أن الأمور تتباطأ وأن الاتجاه الانكماشي سليم”.
