في قرية الصيد الصغيرة بدوزة في غرب المغرب، يلجأ السكان المحليون إلى المحيط الأطلسي لإرواء عطشهم، باستخدام محطات تحلية المياه المتنقلة لمكافحة الجفاف المستمر في المملكة.
منذ عام 2023، قام المغرب ببناء حوالي 44 من محطات تحلية المياه هذه، والتي تسمى أيضًا “أحادية الكتلة” – وهي وحدات مدمجة وقابلة للنقل أصبحت بمثابة نعمة ضد الآثار الملموسة المتزايدة لتغير المناخ.
ويتم توزيع المياه الصالحة للشرب بواسطة شاحنات الصهاريج على المناطق النائية في البلاد، التي تعاني حاليًا من أسوأ موجة جفاف منذ ما يقرب من 40 عامًا.
وقال كريم، وهو صياد يبلغ من العمر 27 عاماً لم يذكر اسمه الأخير، تجمع بين العشرات حاملاً صفائح المياه لجمع حصته من المياه: “سمعنا عن المياه المحلاة في قرى أخرى، لكننا لم نتوقع أبداً وجودها هنا”.
ووصف حسن خير، 74 عاماً، وهو قروي آخر، المحطات المتنقلة بأنها هبة من السماء، حيث أن المياه الجوفية في المنطقة “جفت”.
ويحصل الآن حوالي 45 ألف شخص على مياه الشرب مباشرة من المحيط في بدوزة، على بعد حوالي 180 كيلومترا (112 ميلا) شمال غرب مراكش، نتيجة لثلاث محطات تحلية مياه أحادية الكتلة.
ويمكن لهذه الوحدات أن تغطي نصف قطر يصل إلى 180 كيلومترًا، وفقًا لما ذكره ياسين مالياري، المسؤول عن توزيع المياه المحلية.
ومع استنفاد السدود تقريبًا وجفاف منسوب المياه الجوفية، يحتاج حوالي ثلاثة ملايين شخص في المناطق الريفية بالمغرب إلى مياه الشرب بشكل عاجل، وفقًا للأرقام الرسمية، ووعدت المملكة ببناء 219 محطة إضافية لتحلية المياه.
وقال مالياري إن المحطات الأحادية الكتلة يمكنها إنتاج ما يصل إلى 3600 متر مكعب من مياه الشرب يوميا وهي “أفضل حل ممكن” نظرا لسهولة توزيعها.
وبالنسبة للمدن ذات الاحتياجات الأكبر، مثل الدار البيضاء، هناك أيضًا محطات أكبر لتحلية المياه قيد الإنشاء، تضاف إلى 12 محطة وطنية قائمة بسعة إجمالية تبلغ حوالي 180 مليون متر مكعب من مياه الشرب سنويًا.
– “سباق مع الزمن” –
بحلول عام 2040، يستعد المغرب لمواجهة إجهاد مائي “مرتفع للغاية”، وهو توقع قاتم من معهد الموارد العالمية، وهو منظمة بحثية غير ربحية.
ومع سواحلها المطلة على البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، اعتمدت الدولة الواقعة في شمال إفريقيا على تحلية المياه لتحقيق الأمن المائي.
أما في بدوزة، فإن وضع السكان أفضل نسبياً من أولئك الذين يعيشون في المناطق النائية إلى الداخل.
وعلى بعد حوالي 200 كيلومتر شرقاً، في منطقة المسيرة، كاد ثاني أكبر سد في البلاد أن يجف.
وقال عبد الغني آيت بحسو، مدير محطة تحلية المياه في مدينة آسفي الساحلية، لوكالة فرانس برس، إن نسبة امتلاء السد كانت ضئيلة بشكل مثير للقلق، حيث بلغت 0.4 بالمئة، مقارنة مع 75 بالمئة في عام 2017.
ويبلغ متوسط معدلات ملء السدود في البلاد حاليا 28 بالمئة، لكن هناك مخاوف من أن تتقلص بحلول عام 2050 مع توقع استمرار الجفاف، وفقا لوزارة الزراعة.
وخلال الفترة نفسها، تتوقع الأرقام الرسمية انخفاضًا بنسبة 11 بالمائة في هطول الأمطار وارتفاعًا في درجات الحرارة بمقدار 1.3 درجة مئوية.
وفي الوقت الذي تكافح فيه البلاد التأثيرات المتقلبة بشكل متزايد لتغير المناخ، تعهد الملك محمد السادس بأن تحلية المياه ستوفر أكثر من 1.7 مليار متر مكعب سنويا وتغطي أكثر من نصف احتياجات البلاد من مياه الشرب بحلول عام 2030.
كما يهدد نقص المياه قطاع الزراعة الحيوي في المغرب، والذي يوظف حوالي ثلث السكان في سن العمل ويمثل 14 بالمائة من الصادرات.
ومن المتوقع أن تتقلص المساحات المزروعة في جميع أنحاء المملكة إلى 2.5 مليون هكتار في عام 2024 مقارنة بـ 3.7 مليون في العام الماضي، بحسب الأرقام الرسمية.
وفي عام 2023، تم تخصيص 25 في المائة من المياه المحلاة للزراعة، التي تستهلك أكثر من 80 في المائة من الموارد المائية في البلاد.
وعلى هذه الخلفية، قال بحسو إن السلطات في آسفي كانت في “سباق مع الزمن” لبناء محطة عادية لتحلية المياه تخدم الآن جميع سكانها البالغ عددهم 400 ألف نسمة.
وأضاف بحسو أنه من المقرر توسيع المحطة لتوفير المياه بحلول عام 2026 لمراكش وسكانها البالغ عددهم 1.4 مليون نسمة، على بعد حوالي 150 كيلومترا شرق آسفي.