بعد مرور عام على حرب غزة، ارتفع الدعم الشعبي للفلسطينيين في جميع أنحاء العالم العربي، لكن هذه الموجة لم تؤدي بعد إلى اتخاذ إجراءات أقوى ضد إسرائيل، مع تجاهل الحكومات لهذه الدعوات إلى حد كبير.
ومع امتداد الصراع إلى لبنان والضربة الصاروخية الإيرانية على إسرائيل التي تثير المخاوف من المزيد من التصعيد، فإن الحكومات العربية تسير على خط حذر.
وبينما يدينون بشكل روتيني الغزو الإسرائيلي – الذي أثاره هجوم حماس غير المسبوق في 7 تشرين الأول/أكتوبر – فإن الدول التي لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل لم تقم بعد بتغييرات سياسية كبيرة.
وقال أحمد، وهو بحريني يبلغ من العمر 27 عاماً، في تجمع حاشد في المنامة في سبتمبر/أيلول: “لقد تجاهلت حكومتنا، مثل الحكومات العربية الأخرى، مطالب شعبها، بما في ذلك طرد السفير الإسرائيلي”. وطلب الكشف عن اسمه الأول خوفا من الانتقام.
واعترفت البحرين، إلى جانب المغرب والسودان والإمارات العربية المتحدة، بإسرائيل بموجب اتفاقيات أبراهام لعام 2020 التي توسطت فيها الولايات المتحدة، وطلبت الدعم الدبلوماسي والعسكري.
ولم تعيد مصر والأردن، اللتان وقعتا اتفاقيات السلام مع إسرائيل في عامي 1979 و1994 على التوالي، النظر في تلك الاتفاقيات، على الرغم من اتهام إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في غزة.
وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إن الاتفاق “مغطى بالغبار”، لكنه تساءل عما إذا كان إلغاءه سيساعد المملكة أو الفلسطينيين.
المملكة العربية السعودية فقط هي التي غيرت موقفها علناً، وأوقفت محادثات التطبيع مع إسرائيل ما لم يتم الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
– معضلة الاحتجاج –
وأثار الهجوم الإسرائيلي على غزة احتجاجات نادرة في منطقة عادة ما تقمع فيها الحكومات الاستبدادية المعارضة.
“التطبيع خيانة” هكذا كُتب على لافتة في تجمع حاشد في عمان، مرددة شعارات في البحرين والمغرب.
وقال رشيد الفلولي، من مجموعة العمل الوطني المغربي من أجل فلسطين، إن 5000 اعتصام تم تنظيمها في العام الماضي. وهو يجد الأمل في التعبئة المؤيدة للفلسطينيين لـ “الجيل الجديد”.
وقال حسين إبيش، المحلل في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، إن الحكومات العربية التي اقتربت من إسرائيل “لديها أسبابها الخاصة… والتي لا تزال جميعها قابلة للتطبيق”.
وقال “لا أحد منهم يفكر في التراجع عن ذلك على أساس الحروب”.
وقال ريكاردو فابياني، مدير شمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، إن الحكومات العربية تقدر المكاسب الأمنية والدبلوماسية والعسكرية من العلاقات مع إسرائيل.
وصرح لوكالة فرانس برس “هناك أيضا مسألة عدم الاستسلام للضغوط الشعبية، الأمر الذي من شأنه أن يشكل سابقة خطيرة للغاية بالنسبة للعديد من هذه الدول”.
وقال إبيش إن احتجاجات الربيع العربي لا تزال تطارد هذه الحكومات، مضيفاً أنه “لم تتحسن أي من المظالم الرئيسية”.
واندلعت حرب غزة بسبب الهجوم الذي شنته حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر وأسفر عن مقتل 1205 أشخاص في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية تشمل الرهائن الذين قتلوا في الأسر.
وأدى الهجوم العسكري الإسرائيلي الانتقامي إلى مقتل ما لا يقل عن 41689 شخصا في غزة، معظمهم من المدنيين، وفقا للأرقام التي قدمتها وزارة الصحة في القطاع الذي تديره حماس. ووصفت الأمم المتحدة الأرقام بالموثوقة.
– أجيال جديدة –
ويواجه الزعماء العرب توازناً دقيقاً مع المطالبات العامة بالتحرك.
وقال إبيش إن قمع الاحتجاجات قد يثير اضطرابات بشأن قضايا مثل سوء الإدارة والبطالة وارتفاع تكاليف المعيشة.
وأضاف أن السماح بالمظاهرات يمكن أن “يخفف التوتر” بأمان.
وفي مصر، أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، يعتبر خطر الاحتجاجات مرتفعا للغاية.
لم يُسمح بأي مسيرات منذ 20 أكتوبر 2023 عندما انحرفت مظاهرة بموافقة الدولة نحو ميدان التحرير في القاهرة، موقع انتفاضة 2011 التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك الذي حكم البلاد لفترة طويلة.
وبدلاً من ذلك، تحول المصريون، الداعمون للقضية الفلسطينية منذ فترة طويلة، إلى حملات مقاطعة ضد الشركات التي يُنظر إليها على أنها مؤيدة لإسرائيل.
“فلسطين ليست قضية الفلسطينيين وحدهم”، هذا ما جاء في وصف تطبيق للهاتف المحمول تم تنزيله أكثر من مليون مرة، وهو ما يمكّن المستخدمين من مسح الباركود لمعرفة ما إذا كانت المنتجات مدرجة في قوائم المقاطعة.
وقال فابياني إن هذه الجهود “ليس لها أي تأثير” الآن، لكن التأثير على المدى الطويل قد يكون كبيرا.
وقال “هناك أجيال نضجت بعد الربيع العربي ولم تعرف قط إمكانية حرية التعبير… وهي تتمتع بصحوتها السياسية من خلال القضية الفلسطينية”.
burs-cgo/bk/bha/adp/ser/dv
