أضاءت كرة نارية ضخمة سماء الليل وتصاعدت أعمدة من الدخان فوق جنوب بيروت في وقت مبكر من يوم الأحد عندما شنت إسرائيل غارات جوية مكثفة استهدفت حزب الله، بعد مرور ما يقرب من عام على اندلاع حرب غزة.
ووضعت القوات الإسرائيلية في حالة تأهب قصوى قبيل الذكرى السنوية للهجوم الذي نفذته حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول والذي أشعل فتيل الحرب يوم الاثنين.
وبعد صراع مدمر استمر لمدة عام في غزة، حولت إسرائيل تركيزها الآن نحو الشمال نحو حزب الله، حليف حماس المدعوم من إيران في لبنان.
وقالت الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان إن معقل حزب الله في جنوب بيروت تعرض لأكثر من 30 ضربة سمع دويها في جميع أنحاء المدينة. وشملت الأهداف محطة بنزين.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه “نفذ سلسلة من الضربات على عدد من منشآت تخزين الأسلحة” والبنية التحتية، مشددا على أنه اتخذ “خطوات عديدة للتخفيف من مخاطر إلحاق الأذى بالمدنيين”.
وأظهرت لقطات تلفزيونية لوكالة فرانس برس كرة نارية ضخمة فوق منطقة سكنية في جنوب بيروت، أعقبها دوي قوي وانفجارات ثانوية. ولا يزال الدخان يتصاعد من الموقع بعد الفجر.
وفي منطقة صبرا، بالقرب من الضاحية الجنوبية، فر عشرات الأشخاص، بعضهم يحمل حقائب على الأقدام والبعض الآخر على الدراجات النارية، من واحدة من أعنف عمليات القصف في الحرب بين إسرائيل وحزب الله.
وقال حزب الله إنه استهدف بالمدفعية قوات إسرائيلية بعد محاولتها التسلل باتجاه خلة شعيب في البليدا جنوب لبنان.
وقال بيان إن المقاتلين أطلقوا وابلا من الصواريخ على القوات الإسرائيلية أثناء إجلاء “الجنود القتلى والجرحى” في منطقة المنارة الحدودية بعد منتصف الليل بقليل.
وقال حزب الله أيضا إنه أطلق طائرات مسيرة هجومية على قاعدة عسكرية إسرائيلية.
– “تهديد مستمر” –
وقبيل الذكرى القاتمة التي تحل يوم الاثنين، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الأميرال دانييل هاجاري في مؤتمر صحفي بثه التلفزيون: “نحن مستعدون بزيادة القوات تحسبا لهذا اليوم”، عندما قد تكون هناك “هجمات على الجبهة الداخلية”.
وأدى الهجوم غير المسبوق الذي شنه مسلحون فلسطينيون على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر العام الماضي إلى مقتل 1205 أشخاص، معظمهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية تشمل رهائن قتلوا في الأسر.
وبعد مرور عام واحد، لا تزال الحرب التي تشنها إسرائيل في غزة ضد حماس مستمرة على الرغم من تحويل تركيزها نحو لبنان وحزب الله.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه قتل نحو 440 من مقاتلي حزب الله “من الأرض ومن الجو” منذ يوم الاثنين، عندما بدأت القوات عمليات برية “مستهدفة” ضد حزب الله في لبنان.
وتقول إسرائيل إنها تهدف إلى السماح لعشرات الآلاف من الإسرائيليين الذين نزحوا بسبب إطلاق صواريخ حزب الله على شمال إسرائيل منذ نحو عام بالعودة إلى ديارهم.
وصف الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتزوغ إيران بأنها “تهديد مستمر” بعد أن أطلقت طهران، التي تدعم الجماعات المسلحة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، يوم الثلاثاء حوالي 200 صاروخ على إسرائيل ردا على قتل إسرائيل لقادة نشطين من بينهم زعيم حزب الله حسن نصر الله.
وأدى الهجوم الصاروخي إلى مقتل فلسطيني في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل وألحق أضرارا بقاعدة جوية إسرائيلية، بحسب صور الأقمار الصناعية.
وجاء ذلك في نفس اليوم الذي بدأت فيه القوات البرية الإسرائيلية غاراتها على لبنان بعد أيام من الضربات المكثفة على معاقل حزب الله في جميع أنحاء لبنان.
– “المقاومة لن تتراجع” –
وقال مسؤول عسكري إسرائيلي تحدث إلى وكالة فرانس برس شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بمناقشة هذه القضية علناً، إن الجيش “يستعد للرد” على الهجوم الإيراني.
وأشار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى أن إيران أطلقت مرتين “مئات الصواريخ” على إسرائيل منذ أبريل.
وقال في بيان “من واجب إسرائيل ومن حقها الدفاع عن نفسها والرد على هذه الهجمات وهذا ما سنفعله”.
ويتهمه منتقدو نتنياهو بعرقلة الجهود الرامية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة والتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن الذين ما زالوا محتجزين لدى حماس.
وقال مصدر كبير في حزب الله يوم السبت إن الجماعة فقدت الاتصال بهاشم صفي الدين، الذي يتوقع على نطاق واسع أن يكون الزعيم القادم لحزب الله، بعد الضربات الجوية في بيروت.
ولم تعين الحركة بعد زعيما جديدا بعد أن اغتالت إسرائيل نصر الله أواخر الشهر الماضي في غارة ضخمة في العاصمة اللبنانية.
وقال المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي الجمعة إن “المقاومة في المنطقة لن تتراجع”.
وأصدرت إسرائيل، مساء السبت، أمرا جديدا لسكان جنوب بيروت بالإخلاء.
وأدت الضربات الجوية ضد حزب الله في جميع أنحاء لبنان إلى مقتل أكثر من 1110 أشخاص منذ 23 سبتمبر/أيلول، بحسب إحصاء يستند إلى أرقام رسمية.
– “كابوس لا ينتهي” –
وقال رئيس المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي إن لبنان “يواجه أزمة رهيبة” وحذر من أن “مئات الآلاف من الأشخاص أصبحوا معدمين أو نزحوا بسبب الضربات الجوية الإسرائيلية”.
وقالت المرافق إن القصف الإسرائيلي أدى إلى خروج أربعة مستشفيات على الأقل في لبنان عن الخدمة.
قالت قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان إنها رفضت طلبا من الجيش الإسرائيلي “لنقل بعض مواقعنا” في جنوب لبنان.
جدد وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي، الذي يزور دمشق اليوم السبت بعد زيارة بيروت، دعوته لوقف اطلاق النار في كل من غزة ولبنان، مهددا اسرائيل برد فعل “أقوى” على أي هجوم على إيران.
قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن الوقت قد حان “لكي نتوقف عن تسليم الأسلحة للقتال في غزة” وانتقد قرار إسرائيل إرسال قوات برية إلى لبنان.
وحاول الوسطاء الأمريكيون والقطريون والمصريون دون جدوى طوال أشهر التوصل إلى هدنة في غزة وتأمين إطلاق سراح 97 رهينة ما زالوا محتجزين هناك.
قال جهاز الدفاع المدني في غزة، الأحد، إن غارة إسرائيلية على مسجد تحول إلى ملجأ في وسط دير البلح أدت إلى مقتل 21 شخصا، في حين قال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف نشطاء من حركة حماس.
وأدى الهجوم العسكري الإسرائيلي الانتقامي إلى مقتل ما لا يقل عن 41825 شخصًا في غزة، معظمهم من المدنيين، وفقًا للأرقام التي قدمتها وزارة الصحة في القطاع الذي تديره حماس والتي وصفتها الأمم المتحدة بأنها موثوقة.
وقبل ذكرى السابع من أكتوبر، انضم الآلاف إلى المسيرات المؤيدة للفلسطينيين في لندن وباريس وكيب تاون ومدن أخرى.
وقال الرئيس الإسرائيلي هرتزوغ إن جراح السابع من تشرين الأول/أكتوبر التي أصابت بلاده “لا تزال غير قابلة للشفاء بشكل كامل”.
بور-dv/srm
