الولايات المتحدة تطلب من إسرائيل تحسين الوضع الإنساني في غزة أو المخاطرة بالمساعدات العسكرية

واشنطن –

وقال مسؤولون أمريكيون إن الولايات المتحدة أبلغت إسرائيل بأن عليها اتخاذ خطوات في الشهر المقبل لتحسين الوضع الإنساني في غزة أو مواجهة قيود محتملة على المساعدات العسكرية الأمريكية، في أقوى تحذير من نوعه منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس قبل عام.

قال مسؤولون أمريكيون يوم الثلاثاء إن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن كتبا إلى المسؤولين الإسرائيليين يوم الأحد للمطالبة باتخاذ إجراءات ملموسة لمعالجة الوضع المتدهور في القطاع الفلسطيني وسط هجوم إسرائيلي متجدد على شمال غزة.

وجاء في الرسالة التي نشرتها قناة الأخبار 12 الإسرائيلية لأول مرة أن الفشل في القيام بذلك قد يؤثر على السياسة الأمريكية.

وجاء في نسخة من الرسالة التي نشرها مراسل أكسيوس على موقع إكس: “نحن نشعر بالقلق بشكل خاص من أن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية… تساهم في تدهور متسارع للأوضاع في غزة”.

أشارت الرسالة إلى القيود التي تفرضها إسرائيل، بما في ذلك القيود المفروضة على الواردات التجارية، ومنع معظم التحركات الإنسانية بين شمال وجنوب غزة، والقيود “المرهقة والمفرطة” على البضائع التي يمكن أن تدخل غزة.

وقال جون كيربي المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض إن الرسالة “لم يكن المقصود منها التهديد” لكنه أكد مجددا على الحاجة الملحة لزيادة المساعدات الإنسانية في غزة.

وقال كيربي عن الرسالة دون الخوض في تفاصيل: “يبدو لنا أنهم (الإسرائيليون) يأخذون هذا الأمر على محمل الجد”.

وقال مسؤول إسرائيلي في واشنطن إن الرسالة وصلت وتجري مراجعتها. وقال المسؤول: “إن إسرائيل تأخذ هذا الأمر على محمل الجد وتعتزم معالجة المخاوف التي أثيرت في هذه الرسالة مع نظرائنا الأمريكيين”.

وهذه الرسالة هي أوضح إنذار حتى الآن لحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو منذ بدء الصراع في غزة مما يثير احتمال حدوث تحول في دعم واشنطن لإسرائيل.

حددت الرسالة خطوات محددة يجب على إسرائيل اتخاذها في غضون 30 يومًا، بما في ذلك تمكين ما لا يقل عن 350 شاحنة من دخول غزة يوميًا، ووقف القتال للسماح بإيصال المساعدات، وإلغاء أوامر الإخلاء للمدنيين الفلسطينيين عندما لا تكون هناك حاجة للعمليات.

وجاء في الرسالة: “إن الفشل في إظهار التزام مستدام بتنفيذ هذه الإجراءات والحفاظ عليها قد يكون له آثار على سياسة الولايات المتحدة … والقانون الأمريكي ذي الصلة”.

واستشهدت بالمادة 620ط من قانون المساعدات الخارجية، التي تحظر تقديم المساعدات العسكرية للدول التي تعيق إيصال المساعدات الإنسانية الأمريكية.

كما أشارت إلى مذكرة الأمن القومي التي أصدرها الرئيس الأمريكي جو بايدن في فبراير والتي تلزم وزارة الخارجية بتقديم تقرير إلى الكونجرس حول ما إذا كانت تجد ضمانات إسرائيلية ذات مصداقية بأن استخدامها للأسلحة الأمريكية لا ينتهك القانون الأمريكي أو الدولي.

تحذيرات متكررة

وضغطت واشنطن بشكل متكرر على إسرائيل لتحسين الظروف الإنسانية في غزة منذ أن بدأت الحرب مع حماس بهجمات الحركة الفلسطينية في 7 أكتوبر 2023 على جنوب إسرائيل.

ورفضت إدارة بايدن في الغالب فرض قيود على مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية التي ترسلها الولايات المتحدة إلى إسرائيل، حتى بعد عدم الاستجابة للتحذيرات السابقة بشأن سلوكها في الحرب.

وتقول إسرائيل إنها تتبع القانون الدولي في عملياتها الرامية إلى القضاء على نشطاء حماس المختبئين في الأنفاق وبين السكان المدنيين في غزة.

وبدا أن الإدارة توازن بين انتقاداتها لتصرفات إسرائيل في غزة وإظهار الدعم العسكري القوي من خلال الإعلان يوم الأحد، وهو نفس يوم الرسالة، أنها سترسل قوات أمريكية وبطاريات ثاد المتقدمة المضادة للصواريخ إلى إسرائيل.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إن بلينكن بعث أيضا برسالة في أبريل يطالب فيها إسرائيل بتحسين سبل وصول المساعدات. كما حذر بايدن في أبريل/نيسان من أن السياسة الأمريكية سيتم تحديدها على أساس تصرفات إسرائيل في غزة.

وقال ميلر إن إسرائيل أجرت في ذلك الوقت تغييرات أدت إلى دخول ما بين 300 إلى 400 شاحنة مساعدات إلى غزة يوميا، لكن هذا العدد انخفض منذ ذلك الحين بأكثر من 50 بالمئة.

وقال ميلر: “نريد بشدة أن نرى التغييرات لا تنتظر 30 يومًا، بل تحدث على الفور”.

الضرر المدني

ووسعت القوات الإسرائيلية عملياتها في شمال غزة وسط مخاوف بشأن وصول المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء القطاع ووصول المدنيين إلى الغذاء والماء والدواء.

وذكرت رويترز في وقت سابق من هذا الشهر أن الإمدادات الغذائية انخفضت بشكل حاد منذ أن فرضت السلطات الإسرائيلية قاعدة جمركية جديدة على بعض المساعدات الإنسانية وتقوم بشكل منفصل بتقليص عمليات التسليم التي تنظمها الشركات.

واقترحت الرسالة أيضًا قناة جديدة للولايات المتحدة “لإثارة ومناقشة حوادث الإضرار بالمدنيين” مع إسرائيل.

ورفض ميلر التوسع في ذلك، لكنه قال إن إسرائيل لا تتخذ خطوات كافية لمعالجة الضرر الذي يلحق بالمدنيين.

وقال ميلر: “ليس عليك أن تنظر إلى أبعد من ذلك لفهم ذلك من النتائج المروعة حقًا خلال عطلة نهاية الأسبوع”.

وكانت تلك إشارة إلى هجوم صاروخي إسرائيلي في وقت مبكر من يوم الاثنين تم تصويره في مقاطع فيديو، لم يتسن التحقق منها بشكل مستقل، ويبدو أنها تظهر فلسطينيين يحترقون أحياء داخل خيمة مستشفى.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه ضرب نشطاء يعملون من مركز قيادة داخل مجمع مستشفى، متهماً حماس باستخدام المنشآت المدنية مثل المستشفيات لأغراض عسكرية، وهو ما تنفيه حماس.

وخلص بلينكن في وقت سابق من هذا العام إلى أن إسرائيل ربما تكون قد انتهكت القانون الإنساني الدولي باستخدام الأسلحة التي زودتها بها الولايات المتحدة و”لم تتعاون بشكل كامل”‌ مع الجهود المبذولة لتوصيل المساعدات الإنسانية إلى غزة، لكنه قال إن هذا لا يرقى إلى مستوى انتهاك القانون الأمريكي.