القاهرة/ غزة
أثار هجوم حماس على إسرائيل الذي أدى إلى حرب غزة جدلا بين رجال الدين الفلسطينيين في القطاع، حيث قال البعض إن الأمر لا يستحق العدد الكبير من القتلى المدنيين، بينما أعلن آخرون أن هجوم 7 أكتوبر 2023 كان واجبا إسلاميا.
وفي رده على الأسئلة التي أرسلها سكان غزة عبر إحدى منصات المراسلة عبر الإنترنت، قال الداعية البارز سليمان الداية إنه يجب على القادة المسلمين تجنب الدخول في المعارك إذا كان الضرر الذي يلحق بالمدنيين أكبر من المكاسب.
وقال إنه يجب على المحاربين أن يتساءلوا عن حكمة القتال إذا كان يزيد الضرر على الدين أو النفس أو العرض أو الأولاد أو الأموال أو الاستيلاء على الأراضي، ناهيك عن تدمير “أسس الحياة”.
وتحظى آراء ضياء باحترام كبير في غزة بين السكان العاديين والإسلاميين على حد سواء، كما أنه يتمتع بنفوذ لدى الفلسطينيين في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل.
وكان عضواً بارزاً سابقاً في جماعة الإخوان المسلمين، أقدم حركة إسلامية في العالم العربي، وكان أيضاً مقرباً من الشيخ أحمد ياسين، المؤسس المشارك وزعيم حركة حماس الفلسطينية المسلحة، قبل أن يتبنى شكلاً أكثر اعتدالاً من الإسلام. وقال دايا: “عندما يحتمل كثيراً أن أهداف الجهاد وغاياته لن تتحقق بسبب غياب أو نقص أركانه أو أسبابه أو شروطه، يجب تجنب ذلك”.
كان هجوم عام 2023 على إسرائيل، الذي حطم هالة إسرائيل التي لا تقهر، هو اليوم الأكثر دموية في تاريخ البلاد، حيث قُتل 1200 شخص واحتجز أكثر من 250 رهينة، وفقًا للإحصائيات الإسرائيلية.
وردت إسرائيل بهجومها الأكثر تدميرا في غزة، مما أسفر عن مقتل ما يقرب من 44 ألف شخص وإصابة 103898 آخرين، وفقا لوزارة الصحة في غزة، وتحويل القطاع إلى أرض قاحلة من الأنقاض حيث يائس الملايين من الغذاء والوقود والمياه والصرف الصحي.
وفي وقت متأخر من يوم الاثنين، دافع بيان صدر باسم “مجموعة من رجال الدين” في غزة عن الاعتداء ووصفه بأنه “عمل مشروع وأداء لواجب الجهاد، لا شك في شرعيته”.
لكن هل كان توقيت القرار خطأً في الحكم، إذ أدى إلى هذه الحرب المدمرة بعد ذلك، أم أنه كان مناسباً لظروف معينة يعرفها المقاتلون مثلاً؟ وقال البيان إن هذه مسألة مفتوحة للنظر فيها.
لكن مثل هذا الاعتبار وإلقاء اللوم ليس مناسباً أثناء الحرب؛ وأضاف: “يجب أن يأتيوا بعد ذلك، لأنه لا يخدم أي غرض الآن بل يضر”.
وقالت جماعة رجال الدين في بيانها إنها تقدر رأي ضياء ومكانته الدينية، لكنها حذرت من أن حكمه قد يساء فهمه ويمكن أن يؤثر على روح الفلسطينيين العاديين وكذلك المقاتلين.
ويتساءل بعض سكان غزة أيضاً عن الحكمة من قيام حماس بشن هجوم أدى إلى قصف إسرائيلي متواصل لغزة، التي كانت تعاني بالفعل من انتشار الفقر والبطالة المرتفعة قبل اندلاع الحرب.
فبالنسبة للإسرائيليين وحلفائهم الغربيين، تعتبر حماس جماعة إرهابية تطلق الصواريخ عليهم وتنفذ تفجيرات انتحارية.
وينظر أنصار حماس إلى مقاتليها باعتبارهم أبطالاً يقودون النضال من أجل إقامة الدولة الفلسطينية، وهو النضال الذي انحرف عن الأجندة الدولية.
وتعهدت إسرائيل، التي اغتالت العديد من كبار قادة حماس، بتدمير الجماعة.