قوات سوريا الديمقراطية الكردية تسيطر على دير الزور بينما تستهدف هيئة تحرير الشام وحلفاؤها حمص وسط انتكاسات للجيش السوري

عمان/بيروت

في انتكاسة جديدة لنظام بشار الأسد السوري، سيطر تحالف تدعمه الولايات المتحدة بقيادة مقاتلين أكراد سوريين يوم الجمعة على دير الزور، موطئ قدم الحكومة الرئيسي في الصحراء الشاسعة في شرق البلاد.

وكانت هذه ثالث مدينة كبرى، بعد حلب وحماة في الشمال الغربي والوسط، تخرج عن سيطرة الأسد خلال أسبوع.

ومما زاد الضغوط، اجتاح التحالف الذي يهيمن عليه الأكراد والمعروف باسم قوات سوريا الديمقراطية معبر البوكمال الحدودي مع العراق يوم الجمعة.

وقال مصدران من المعارضة لرويترز يوم الجمعة إنه في جنوب محافظة درعا سيطر مقاتلون سوريون محليون ومتمردون سابقون على إحدى قواعد الجيش الرئيسية المعروفة باسم اللواء 52 قرب بلدة الحراك مع امتداد القتال إلى الحدود مع الأردن.

وأضافت المصادر أن القوات سيطرت أيضا على أجزاء من معبر نصيب الحدودي مع الأردن حيث تقطعت السبل بعشرات المقطورات وسيارات الركاب.

ودرعا، التي كان عدد سكانها أكثر من 100 ألف نسمة قبل بدء الحرب الأهلية قبل 13 عاما، هي عاصمة محافظة يبلغ عدد سكانها حوالي مليون نسمة وتقع على الحدود مع الأردن.

وسلمت قوات الأسد بالفعل عدة مراكز مهمة للمتمردين بعد أسبوع من سقوط حلب وحماة في أيدي هيئة الشام وحلفائها المدعومين من تركيا.

وأعلن المتمردون بقيادة هيئة تحرير الشام في وقت متأخر من يوم الجمعة أنهم تقدموا إلى أطراف مدينة حمص بوسط البلاد، وهي مفترق طرق رئيسي بين العاصمة وساحل البحر الأبيض المتوسط.

وقال عمر أبو ليلى، الناشط في منصة دير الزور 24 الإعلامية وله اتصالات في المدينة، لرويترز إن قوات الحكومة السورية والمقاتلين العراقيين المدعومين من إيران انسحبوا من دير الزور قبل اجتياح قوات سوريا الديمقراطية.

وبعد ذلك بوقت قصير، اجتاحت قوات سوريا الديمقراطية معبر البوكمال الحدودي القريب مع العراق.

تغيرت السيطرة على مدينة دير الزور عدة مرات منذ اندلاع الصراع السوري في عام 2011 بعد احتجاجات ضد الأسد.

وسقطت في البداية في أيدي قوات المتمردين قبل أن يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في عام 2014. واستعادها الجيش السوري، بدعم من الفصائل العراقية الموالية لطهران، في عام 2017 واحتفظ بها حتى يوم الجمعة.

وجاء تقدم قوات سوريا الديمقراطية في الوقت الذي قامت فيه هيئة تحرير الشام، وهي جماعة جهادية كانت تابعة سابقًا لتنظيم القاعدة، باقتحام مدينة حمص بوسط سوريا يوم الجمعة.

وقال رئيس قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، للصحفيين في وقت سابق من يوم الجمعة، في مؤتمر صحفي بمدينة الحسكة، إن قواته لديها “قنوات اتصال مع هيئة تحرير الشام”، خاصة من أجل حماية الأكراد الذين يعيشون في مدينة حلب.

وقال إن قوات سوريا الديمقراطية لم تشتبك مع هيئة تحرير الشام، لكنها ستدافع عن نفسها إذا تعرضت لهجوم، وأنها على اتصال مع كل من الولايات المتحدة وروسيا لحماية المناطق الخاضعة لسيطرتهما.

وقال عبدي، الذي اشتبكت قواته في الماضي مع قوات الحكومة السورية والمقاتلين العراقيين المتحالفين معها والمدعومين من طهران، إنه فوجئ برؤية القوات الحكومية تنهار بهذه السرعة وسط هجوم المتمردين.

كما سيطر تنظيم داعش على بعض المناطق في شرق سوريا.

وقال مظلوم عبدي للصحفيين في إشارة إلى مناطق شرق سوريا: “بسبب التطورات الأخيرة، هناك تحركات متزايدة لمرتزقة داعش في البادية السورية وجنوب وغرب دير الزور وريف الرقة”. .

ومن شأن السيطرة على حمص أن تعزل دمشق عن المعقل الساحلي للأقلية العلوية التي ينتمي إليها الأسد وعن قاعدة بحرية وقاعدة جوية لحلفائه الروس هناك.

وقبل التقدم الذي قادته هيئة تحرير الشام، فر آلاف الأشخاص من حمص باتجاه منطقتي اللاذقية وطرطوس الساحليتين، معقلي الحكومة، حسبما قال سكان وشهود.

أفاد التلفزيون الرسمي السوري أن الغارات الجوية الروسية السورية التي استهدفت مقرات المتمردين في ريف حماة وإدلب وحلب أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 200 مسلح يوم الجمعة، نقلاً عن مركز التنسيق الروسي في سوريا.

وقال مصدر بالجيش السوري إن قوات حزب الله المدعومة من إيران تمركزت لتعزيز دفاعات الحكومة في حمص وبالقرب منها.

وذكرت وسائل الإعلام الرسمية السورية أن عشرات من مقاتلي المعارضة قتلوا في ريف حمص يوم الجمعة في عملية شنتها القوات الجوية السورية والروسية والمدفعية والصواريخ والمركبات المدرعة.

قالت مصادر أمنية لبنانية كبيرة، اليوم الجمعة، إن جماعة حزب الله المسلحة اللبنانية أرسلت عددا صغيرا من “القوات المشرفة” من لبنان إلى سوريا خلال الليل للمساعدة في منع المقاتلين المناهضين للحكومة من السيطرة على مدينة حمص الاستراتيجية.

وقال أحد المصادر لرويترز “حمص يجب ألا تسقط” مضيفا أن ضباطا كبارا انتشروا خلال الليل للإشراف على بعض مقاتلي حزب الله الذين كانوا في سوريا قرب الحدود مع لبنان لسنوات.

وبينما واصل مقاتلو المعارضة هجومهم، حثت روسيا والأردن يوم الجمعة مواطنيهما على مغادرة سوريا.

وبعد سنوات من البقاء خلف الخطوط الأمامية المتجمدة، خرجت قوات المعارضة من معقلها في شمال غرب إدلب لتحقيق أسرع تقدم في ساحة المعركة لأي من الجانبين منذ أن تحولت انتفاضة الشوارع ضد الأسد إلى حرب أهلية قبل 13 عاما.

وقال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في عام 2022 إن الصراع السوري أودى بحياة أكثر من 305 آلاف شخص بين عامي 2011 و2021.

استعاد الأسد السيطرة على معظم أنحاء سوريا بعد أن جاء الحلفاء الرئيسيون – روسيا وإيران وحزب الله اللبناني – لإنقاذه. لكن كل ذلك تم إضعافه وتحويله في الآونة الأخيرة بسبب أزمات أخرى، مما أعطى المسلحين المسلمين السنة فرصة للرد.

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن طهران، التي تركز على التوترات مع عدوها اللدود إسرائيل منذ بدء حرب غزة العام الماضي، بدأت في إجلاء مسؤوليها العسكريين وأفرادها من سوريا يوم الجمعة، في علامة على عدم قدرة إيران على إبقاء الأسد في السلطة. نقلاً عن مسؤولين إقليميين وثلاثة مسؤولين إيرانيين.

وتعهد زعيم فصيل المعارضة الرئيسي في هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني في مقابلة منفصلة مع صحيفة نيويورك تايمز نشرت يوم الجمعة بأن المتمردين قادرون على إنهاء حكم الأسد.

وقال عن الهجوم الخاطف الذي شنه المتمردون: “هذه العملية حطمت العدو”.