قالت وسائل إعلام محلية إن العشرات من النواب اللبنانيين أيدوا يوم الاثنين تعيين الحقوقي الدولي نواف سلام رئيسا لوزراء البلاد التي تعاني من أزمة، في الوقت الذي يستعد فيه الرئيس المنتخب حديثا لتسمية مرشحه.
أجرى الرئيس جوزيف عون، الذي أنهى انتخابه الأسبوع الماضي فراغا في السلطة استمر عامين وأحيا الآمال في انتشال لبنان الذي مزقته الحرب من الأزمة، مشاورات مع المشرعين قبل الإعلان عن مرشحه لرئيس جديد للحكومة.
وأظهرت حصيلة نشرتها وسائل إعلام لبنانية أن نواف سلام، رئيس محكمة العدل الدولية في لاهاي، يتقدم على أي مرشح آخر بما في ذلك الرئيس الحالي نجيب ميقاتي.
وبحلول بعد ظهر يوم الاثنين، قال 78 عضوا في البرلمان لعون إنهم يدعمون سلام، وفقا للإحصاء، بينما أيد تسعة أعضاء ميقاتي الذي شغل منصب رئيس الوزراء في تصريف الأعمال.
وفي حين أن تأييد سلام يعادل الأغلبية في البرلمان المؤلف من 128 عضوا، فإن القرار النهائي يقع على عاتق الرئيس.
قبل انتخاب عون، الذي أصبح ممكنا جزئيا بسبب إضعاف جماعة حزب الله المدعومة من إيران في الحرب مع إسرائيل، كان لبنان بدون رئيس منذ أكتوبر 2022.
ومع تعيين رئيس الوزراء من قبل الرئيس، تدار الدولة الواقعة في شرق البحر الأبيض المتوسط من قبل حكومة تصريف أعمال منذ أكثر من عامين وسط أزمة اقتصادية طاحنة.
وبموجب نظام تقاسم السلطة في لبنان، يجب أن يكون الرئيس مسيحيا مارونيا، ورئيس الوزراء مسلما سنيا، ورئيس البرلمان مسلما شيعيا.
– 'يتغير' –
وينظر أنصار سلام إلى القاضي والسفير السابق كشخصية محايدة قادرة على تنفيذ الإصلاحات التي تشتد الحاجة إليها، على النقيض من ميقاتي الذي يعتبره منتقدون خاضعا لنفوذ حزب الله.
وقال النائب جورج عدوان من حزب القوات اللبنانية المسيحي بعد لقائه بعون وتأييده لسلام إن الوقت قد حان لكي يركز حزب الله على “العمل السياسي”.
وقال عدوان للصحافيين إن «عصر الأسلحة انتهى».
أنهى حزب الله حرباً مميتة ضد إسرائيل في خريف هذا العام وهو يعاني من الرضوض والضعف. وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار، يتعين على الجماعة أن تسحب مقاتليها من مناطق جنوب لبنان القريبة من الحدود الإسرائيلية بينما ينتشر الجيش الوطني – الذي كان حتى الأسبوع الماضي تحت قيادة عون – وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة هناك.
وخسر حزب الله أيضًا حليفًا رئيسيًا في سوريا المجاورة عندما أطاحت القوات التي يقودها الإسلاميون بالرئيس بشار الأسد الشهر الماضي.
وقال النائب المستقل ملحم خلف إنه يدعم سلام كمرشح “التغيير” القادم من خارج الطبقة الحاكمة التقليدية في لبنان.
وكان مصدر مقرب من حزب الله قال لوكالة فرانس برس إن الحركة وحليفتها حركة أمل تدعمان ميقاتي.
وقالت صحيفة الأخبار المقربة من حزب الله في صفحتها الأولى الاثنين إن ترشيح سلام سيكون بمثابة “انقلاب أميركي كامل” بعد أن دعمت واشنطن عون لمنصب الرئيس.
– “خياران” –
وفي خطاب تنصيبه يوم الخميس، قال عون إن انتخابه رئيسا سيكون إيذانا ببدء “مرحلة جديدة” للبلاد.
وقال الأستاذ الجامعي اللبناني علي مراد إن الدعم لترشيح سلام يعكس “التغيرات الحقيقية التي يعيشها لبنان”.
وقال: «اليوم هناك خياران في البلاد: خيار إصلاحي جدي اسمه نواف سلام، وخيار يعود إلى الوراء اسمه نجيب ميقاتي».
وألقى بعض نواب المعارضة يوم السبت بثقلهم خلف النائب ورجل الأعمال المناهض لحزب الله فؤاد مخزومي، لكنه انسحب يوم الاثنين للسماح بالتوافق حول سلام.
سيواجه من يرأس الحكومة اللبنانية الجديدة تحديات كبيرة، بما في ذلك تنفيذ الإصلاحات لإرضاء المانحين الدوليين وسط أسوأ أزمة اقتصادية في البلاد في تاريخها.
كما سيواجهون مهمة شاقة تتمثل في إعادة إعمار مساحات واسعة من البلاد بعد الحرب بين إسرائيل وحزب الله وتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 27 نوفمبر/تشرين الثاني.
ووفقا للدستور اللبناني، يعين الرئيس رئيس الوزراء بعد محادثات مع جميع الأحزاب السياسية والمشرعين المستقلين في البرلمان. وبحسب العرف، فهو يختار المرشح الحاصل على أكبر عدد من الأصوات خلال هذه المشاورات.
ولا يضمن ترشيح رئيس الوزراء تشكيل حكومة جديدة قريبا.
وكانت العملية تستغرق في السابق أسابيع أو حتى أشهر بسبب الانقسامات السياسية العميقة والمساومات.