الجزائر / بروكسل
على خلفية التوترات مع الشركاء الأوروبيين الرئيسيين، تدعو الجزائر إلى إعادة النظر في اتفاقية الشراكة المبرمة عام 2002 مع الاتحاد الأوروبي.
وكانت مراجعة الاتفاق موضوع اجتماع ترأسه في وقت سابق من الشهر الجاري الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون
وجاء في بيان رسمي أن الاجتماع “كان مخصصا لرصد التقدم المحرز في الاستعدادات قبل مراجعة اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي”.
على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي هو وجهة رئيسية لصادرات الغاز الطبيعي الجزائري والشريك التجاري الأكبر للدولة الواقعة في شمال إفريقيا (أكثر من 50 بالمائة من تجارتها في عام 2023)، فإن الحكومة الجزائرية تعتقد أن مراجعة العلاقة أصبحت “ضرورية”.
تشكو الجزائر من القيود المفروضة على صادراتها الزراعية والصناعية إلى الاتحاد الأوروبي، ومن عدم إحراز تقدم في مجال نقل التكنولوجيا و”عدم كفاية” الاستثمارات الأوروبية المباشرة.
وكتب الخبير الاقتصادي إبراهيم كندوزي في صحيفة المجاهد اليومية الموالية للحكومة أنه “فيما يتعلق بالاستثمار الأجنبي المباشر، وعلى الرغم من الضمانات والحوافز التي يقدمها قانون الاستثمار الجزائري الجديد، فإن تدفقات رأس المال الأوروبي لا تزال غير كافية”.
ويضيف: “إن اتفاقية الشراكة الحالية لم تساعد في إعادة التوازن التجاري بين الجزائر والاتحاد الأوروبي. وعلى الرغم من أن حجم التجارة قد وصل إلى تريليون دولار بحلول عام 2023، إلا أن الاستثمارات الأوروبية في الجزائر لا تزال منخفضة، حيث تم تسجيل 13 مليار دولار فقط بين عامي 2005 و2023، تم إعادة 12 مليار دولار منها إلى الوطن على شكل أرباح.
وبحسب داليا غانم، كبيرة المحللين في معهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية (EUISS)، فإن “التجارة هي نقطة الخلاف الأساسية بين الاتحاد الأوروبي والجزائر. انتقدت القيادة الجزائرية مرارا وتكرارا اتفاقية الشراكة لعام 2002 لفشلها في تحقيق العلاقة الموعودة “المربح للجانبين”. واشتكوا من أن الاتفاقية لم تولد قدرًا كبيرًا من الاستثمار الأجنبي المباشر أو خلق فرص العمل أو النمو الاقتصادي، مما ترك الميزان التجاري الجزائري يميل بشدة لصالح الاتحاد الأوروبي.
قضية أخرى مثيرة للجدل هي الهجرة غير الشرعية حيث ترى الجزائر أن أي تعاون في هذه القضية يعد انتهاكًا لسيادتها، على الرغم من أنها لا تزال تستقبل مئات المهاجرين غير الشرعيين من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى الذين ينتهي بهم الأمر بمحاولة العبور إلى أوروبا مباشرة أو عبر شواطئ الدول التالية. -باب تونس.
ووفقاً لغانم، فإن حجر العثرة من وجهة نظر الاتحاد الأوروبي هو “عدم وجود اتفاق رسمي لإعادة القبول بين الاتحاد الأوروبي والجزائر”، الأمر الذي “سيتطلب من الجزائر استعادة مواطنيها الذين وجدوا أنهم يقيمون بشكل غير قانوني في الاتحاد الأوروبي”. ولم يتم إحراز أي تقدم بشأن هذه النقطة و”توقفت” المفاوضات.
وفي أكتوبر الماضي، قال تبون إن اتفاقية الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي ستتم مراجعتها في عام 2025.
ونقلت وسائل الإعلام الرسمية عنه قوله إن هذه المراجعة أصبحت “ضرورية”.
“في ذلك الوقت، كانت مساهمة الصناعة في الدخل القومي بالكاد تبلغ 3%، وكنا نستورد المنتجات الزراعية دون تصدير أي منها. وبعبارة أخرى، لم تكن للجزائر في ذلك الوقت قدرة تصديرية.
وقال إن “الوضع تغير، حيث أصبحت الجزائر تنتج وتصدر مجموعة واسعة من المنتجات المصنعة والأجهزة المنزلية وغيرها”.
ويقول بعض الخبراء الأوروبيين إن الصادرات لا ترقى إلى مستوى المعايير الأوروبية أو لا تفي بمعايير الاستيراد الخاصة بالاتحاد الأوروبي.
وأضاف تبون: “اليوم نطالب بالمراجعة، لأن جوهر الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي يقوم على التجارة الحرة، ونرغب في القيام بذلك بروح الصداقة دون الدخول في صراع”.
وبحسب الرئيس الجزائري فإن المراجعة ستتم “بمرونة وبروح ودية دون الدخول في صراع”.
وحاول تبون إضفاء أفضل وجه على العلاقات مع الدول الأوروبية، قائلا: “نحافظ على علاقات طبيعية مع دول (الاتحاد الأوروبي)، بما في ذلك فرنسا”.
في الواقع، ليس هناك نقص في التوترات مع عدد من الدول الأوروبية. لقد تحولت العلاقة مع فرنسا، على وجه الخصوص، إلى دائرة من الأزمات التي لا نهاية لها يغذيها استياء الجزائر من قرار الرئيس ماكرون بدعم خطة الحكم الذاتي المغربية باعتبارها الحل الأفضل لنزاع الصحراء الغربية.
وتدهورت العلاقات أيضا بين الجزائر وإسبانيا بسبب نفس القضية.
تلقى وزير الشؤون الخارجية الجزائري أحمد عطاف، اتصالا هاتفيا من المفوضة الأوروبية لشؤون البحر الأبيض المتوسط، دوبرافكا سويكا، حسب ما أفاد به بلاغ للوزارة الجزائرية.
وأضافت أن المحادثة أتاحت “تبادل التحليلات ووجهات النظر حول العديد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، لا سيما تلك المتعلقة بالأمن والتنمية والاستقرار في المنطقة الأورومتوسطية”.