الرباط
وفي تطور تزامن مع رئاسة روسيا لمجلس الأمن الدولي والاستعدادات لمناقشة قرار جديد بشأن الصحراء الغربية، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في موسكو، الاثنين، إن روسيا مستعدة للترحيب بمقترح المغرب للحكم الذاتي كأساس لحل النزاع، شرط أن يحظى بموافقة جميع الأطراف.
ويقول مراقبون إن تصريحات لافروف تشير إلى أن موسكو قطعت نصف الطريق نحو الاعتراف بخطة الحكم الذاتي المغربية بعد سنوات من دعم الاستفتاء على تقرير المصير. ويشيرون إلى أن روسيا تبدو وكأنها تنحاز إلى القوى الكبرى التي تبنت المبادرة المغربية، مما يشير إلى أن الجزائر وجبهة البوليساريو قد تواجهان قريبًا موقفًا أكثر وضوحًا مؤيدًا للمغرب من موسكو.
للمرة الأولى، استجابت الحكومة الروسية بشكل إيجابي لمقترح المغرب للحكم الذاتي باعتباره مسارا واقعيا لإنهاء النزاع المستمر منذ عقود. وقال لافروف إن موقف موسكو يرتكز على قرارات الأمم المتحدة ويدعم مبدأ تقرير المصير “من خلال الحوار” وليس “من خلال الإجراءات الأحادية”. وأضاف أن الخطة المغربية يمكن أن تنجح “إذا وافقت عليها جميع الأطراف تحت إشراف الأمم المتحدة”.
وتمثل تصريحات لافروف خروجا عن الموقف الروسي الكلاسيكي الذي ركز لسنوات على تقرير المصير من خلال الاستفتاء. ومن خلال الإشارة بوضوح إلى خطة الحكم الذاتي، أدخلت موسكو تحولاً سياسياً في لغتها الدبلوماسية بشأن هذه القضية.
وأشار وزير الخارجية إلى أن قضية الصحراء، المطروحة على جدول الأعمال الدولي منذ نصف قرن، كانت موجهة في يوم من الأيام نحو عملية الاستفتاء. وأضاف “لكن الظروف تغيرت منذ ذلك الحين”، مضيفا أن خطة الحكم الذاتي المغربية “يمكن أن تمثل حلا قابلا للتطبيق، شريطة أن تتماشى مع قرارات الأمم المتحدة وتكون مقبولة لجميع الأطراف”.
وقال الأكاديمي والمحلل السياسي المغربي هشام معتضد إن بيان لافروف يشير إلى تحول هيكلي في النهج الروسي في وقت تتقاطع فيه الديناميكيات الجيوسياسية العالمية مع استراتيجيات موسكو المعاد معايرتها في العالم العربي وإفريقيا. وقال إن الموقف الروسي يعيد فعليا تعريف خطة الحكم الذاتي المغربية كشكل من أشكال تقرير المصير يتوافق مع المنطق العملي الذي دافعت عنه الرباط منذ 2007، مع البقاء ضمن الإطار القانوني الذي يقوم عليه الموقف التقليدي لروسيا.
وأضاف معتضد أن لهجة موسكو الأكثر إيجابية تجاه المبادرة المغربية لا تخدم مصالح المغرب فحسب، بل تعيد أيضا تموضع روسيا في شمال إفريقيا كقوة قادرة على تحقيق التوازن بين الواقعية القانونية والمناورات الدبلوماسية.
وقال إن الأهمية الحقيقية لبيان لافروف تكمن في تحوله المفاهيمي: فمن خلال وصف “تقرير المصير من خلال الحوار” بدلاً من “الإجراءات الأحادية الجانب”، تنأى روسيا بنفسها ضمناً عن الفكرة الكلاسيكية التي تساوي تقرير المصير حصراً مع الاستفتاء، مما يجعلها أقرب إلى تفسير المغرب الحديث للحكم الذاتي كشكل من أشكال الحكم الذاتي ضمن السيادة الوطنية.
وفي إطار المشاورات الدبلوماسية الجارية، قالت وزارة الخارجية الروسية إن نائب وزير الشؤون الخارجية سيرغي فيرشينين التقى يوم 9 أكتوبر في موسكو سفير المغرب لدى روسيا لطفي بوشعرة. وركزت المباحثات على تعزيز العلاقات الثنائية ومناقشة الاتصالات المقبلة على مختلف المستويات والتأكيد على التزام البلدين بالتنسيق ودعم الحلول السياسية والدبلوماسية للصراعات الإقليمية.
وفي سبتمبر/أيلول، أجرى وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة محادثة هاتفية مع لافروف لتعزيز الحوار السياسي والعلاقات الودية التقليدية بين البلدين، فيما وصفه الجانبان بروح المشاركة البناءة والاحترام المتبادل. ورحب الوزيران بالتقدم الذي تم إحرازه في العلاقات الثنائية.