تونس
أصدرت محكمة الاستئناف بتونس حكمها النهائي في قضية اغتيال السياسي المعارض شكري بلعيد، حيث أصدرت أحكاما تراوحت بين السجن أربع سنوات والإعدام على 23 متهما.
ويختتم هذا الحكم عملية قضائية استمرت عشر سنوات أصبحت ترمز إلى الانقسامات العميقة بين الإسلاميين والعلمانيين خلال فترة التحول الديمقراطي المضطرب في تونس. ويظل مقتل بلعيد، أحد أبرز الأصوات اليسارية في البلاد، جرحا مفتوحا في الذاكرة الجماعية التونسية.
وأيدت المحكمة أحكام الإعدام شنقا بحق محمد العوادي وعز الدين عبد اللاوي، بالإضافة إلى أحكام إضافية بالسجن 105 سنوات وعشر سنوات على التوالي لجرائم أخرى ذات صلة. كما أكدت الأحكام الابتدائية الصادرة بالسجن مدى الحياة بحق عبد الرؤوف الطالبي، ومحمد عكاري، ومحمد أمين القاسمي، وأحمد ملكي، المعروف باسم “الصومالي”. كما تلقى ملكي حكما بالسجن لمدة 37 عاما في قضية ذات صلة.
ورأى متهمون آخرون أن الأحكام الصادرة بحقهم إما تم تأييدها أو تعديلها. وتقلصت مدة ولاية رياض الورتاني من 20 إلى عشر سنوات، فيما تم تخفيض مدة ولاية محمد علي ضمك، ياسر مولحي، سيف الدين العرفاوي، حسام الدين مزليني، محمد عمري، محمد خياري، ماهر عكاري، علام تيزاوي، حمزة العرفاوي، قيس مشالا، معز حميدي ومحمد. وقد تأكدت إدانات علي النعيمي السابقة. وتراوحت الأحكام على باقي المتهمين ما بين 4 إلى 30 سنة سجنا.
كما أيدت المحكمة الحكم الابتدائي الصادر في 27 مارس/آذار 2024 عن المحكمة الابتدائية بتونس، والذي أسقط التهم الموجهة إلى تسعة متهمين، بينهم كريم كلاي، وصابر المشرقي، وخميس الطاهري، وأحمد بن عون.
تواصل تونس إصدار أحكام الإعدام، لا سيما في القضايا المتعلقة بالإرهاب، رغم أنها التزمت بوقف فعلي لتنفيذ أحكام الإعدام منذ عام 1991.
وقُتل بلعيد، الذي كان منتقدًا شرسًا لحزب النهضة الإسلامي الحاكم آنذاك، بالرصاص في 6 فبراير/شباط 2013 أمام منزله في المنزه السادس، أحد أحياء العاصمة. وأعلن الجهاديون التابعون لجماعة أنصار الشريعة مسؤوليتهم عن اغتياله، وكذلك عن مقتل محمد البراهمي، وهو شخصية معارضة أخرى، قُتل بالرصاص بعد ستة أشهر أمام زوجته وأطفاله.
كان كل من بلعيد والبراهمي، اللذين يعتبرهما أنصارهما شهيدين، عضوين في نفس الائتلاف اليساري ومعارضين صريحين لحزب النهضة، الحركة الإسلامية التي هيمنت على السياسة التونسية لمدة عقد من الزمن بعد ثورة الياسمين عام 2011. وأعلن وزير الداخلية آنذاك لطفي بن جدو حينها أنه تم استخدام نفس السلاح الآلي من عيار 9 ملم في كلا العمليتين.
وأثارت حادثتا القتل التوأم موجة من الغضب العام والاحتجاجات الجماهيرية. وتجمع مئات التونسيين، بينهم أقارب وأعضاء في حزب الحركة الشعبية، خارج وزارة الداخلية في شارع الحبيب بورقيبة بوسط تونس، متهمين حزب النهضة بالتواطؤ السياسي. ومنذ ذلك الحين، ادعى الحزب أن الأحكام الأخيرة تثبت براءته.
وفي الوقت نفسه، تشير التقارير إلى أن المدعي العام السابق الذي قاد التحقيقات الأولية في حادثتي القتل السياسيين قد تمت إحالته إلى القضاء بتهمة إتلاف الأدلة المرتبطة بالقضية. وقد أثار هذا الكشف المخاوف من جديد بشأن الشفافية القضائية ودور بعض المسؤولين خلال سنوات الحكم الذي قادته حركة النهضة، وهي مخاوف لا تزال تلقي بظلالها على المؤسسات السياسية والقانونية في تونس.