بغداد
تواجه العملية السياسية في العراق انتكاسة خطيرة مع عودة أعمال العنف المميتة إلى الظهور من جديد، والتي تستهدف المرشحين بشكل مباشر في الانتخابات البرلمانية المقبلة وتثير المخاوف من أن المنافسة السلمية قد تفسح المجال لصراع دموي.
افاد مصدر امني ان مسلحين فتحوا النار، في ساعة مبكرة من صباح اليوم السبت، على مكتب مرشح للانتخابات البرلمانية العراقية جنوبي بغداد، مما ادى الى اصابة اثنين من حراسه الشخصيين.
ويأتي الهجوم على مكتب السياسي السني مثنى العزاوي بعد أيام من مقتل مرشح آخر في انتخابات 11 تشرين الثاني/نوفمبر في انفجار قنبلة.
وأضاف المصدر أن المسلحين فروا بعد الهجوم الذي وقع في اليوسفية على بعد 25 كيلومترا جنوب العاصمة.
والعزاوي هو عضو في مجلس محافظة بغداد وينتمي إلى تحالف العزم، وهو ائتلاف سني وسطي يقوده مثنى السامرائي.
و”أدان المرشح بشدة الهجوم الجبان”، قائلا: “هذه الأفعال لن تمنعنا من الاستمرار في خدمة شعبنا”.
وأضاف العزاوي عبر صفحته على فيسبوك: “سيعاقب المهاجمون على أفعالهم عاجلا أم آجلا”.
قتلت قنبلة عضو مجلس محافظة بغداد والمرشح للانتخابات صفاء المشهداني يوم الاربعاء عندما انفجرت تحت سيارته شمال المدينة.
كما أصيب ثلاثة من حراسه الشخصيين.
وكان المشهداني يترشح ضمن تحالف السيادة، أحد أكبر الائتلافات السنية في العراق، والذي يتزعمه رجل الأعمال خميس الخنجر ورئيس البرلمان محمود المشهداني.
وأدان التحالف “الجريمة الجبانة”، ووصفها بأنها “امتداد لنهج الإقصاء والاستهداف والغدر الذي تنتهجه قوى السلاح الخارج عن السيطرة والإرهاب، والتي تسعى جميعها إلى إسكات الأصوات الوطنية الحرة”.
وأمر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بإجراء تحقيق في الهجوم على المشهداني ودعا إلى اعتقال الجناة.
وأشار تحقيق أولي نقلته شفق نيوز، إلى أن الجناة كانوا محليين وليسوا مرتبطين بجماعة خارجية. وبحسب ما ورد أظهرت لقطات المراقبة القنبلة المزروعة داخل المنطقة. وقال المصدر إن العبوة كانت محلية الصنع وتم تفجيرها عن بعد بواسطة الهاتف المحمول بمجرد التأكد من موقع الهدف.
وأشار المصدر نفسه إلى أن المشهداني كان على خلاف مع مجموعة تحاول الاستيلاء على أرض في الطارمية، ما يشير إلى أن دوافع شخصية ومادية ربما تقاطعت مع دوافع سياسية.
تشير سلسلة الهجمات الأخيرة ضد مرشحي الائتلاف السني، خاصة في المناطق الشمالية والجنوبية من بغداد، إلى حملة متعمدة لعرقلة مشاركتهم وتأثيرهم في صناديق الاقتراع.
ويرى المحللون أن هذه الاغتيالات تتجاوز التنافس السياسي التقليدي، مدفوعة بدلاً من ذلك بالمصالح الاقتصادية والاستثمارية المتداخلة التي تشمل شبكات الأعمال المرتبطة بالأحزاب.
ونظراً لأن الطارمية واليوسفية هما منطقتا اتصال حساستان حيث يتشابك نفوذ الفصائل المسلحة ونخب رجال الأعمال، فإن أي مرشح يدفع بأجندة إصلاحية أو يهدد المصالح الخاصة يخاطر بإقصائه. ويحذر المحللون من أن السباق الانتخابي يتحول إلى حرب قوى سياسية واقتصادية يتم خوضها “بكواتم الصوت والبنادق وليس بصناديق الاقتراع”.
ويشكل هذا الانزلاق إلى العنف تحدياً مباشراً لحكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، التي يدعمها إطار التنسيق بين الأحزاب الشيعية المتحالفة مع إيران. وتتحمل الإدارة مسؤولية ضمان بيئة انتخابية آمنة وذات مصداقية.
وتستحضر عمليات القتل ذكريات نوبات سابقة من إراقة الدماء السياسية التي أحاطت بالانتخابات السابقة، وهو تذكير قاتم للناخبين بمخاطر المشاركة في عملية تتشكل بشكل متزايد بالقوة، وليس العدالة.
ويهدد مثل هذا العنف بتقويض ثقة الجمهور في الديمقراطية الهشة في العراق ويمكن أن يغذي لامبالاة الناخبين على نطاق واسع، وهو السيناريو الذي يفيد الفصائل التي تزدهر في ظل عدم الاستقرار وانخفاض نسبة المشاركة.
وتهيمن الأحزاب الشيعية المدعومة من إيران على البرلمان العراقي المؤلف من 329 مقعدًا، وقد رفعت السوداني إلى رئاسة الوزراء من خلال إطار التنسيق.
إن الانتخابات المقبلة سوف تشكل اختباراً لقوة الكتل المتنافسة في العراق، ولكن الهجمات الأخيرة تشكل تحذيراً من أن وسطاء القوة المسلحة والاقتصادية قد يحاولون مرة أخرى تشكيل النتائج بالقوة، مما يقوض أسس التداول السياسي السلمي.