عدن
أظهر تنظيم القاعدة مرة أخرى قدرته على الصمود في اليمن من خلال هجوم مميت في محافظة أبين الجنوبية، مما يؤكد صمود الجماعة على الرغم من عمليات مكافحة الإرهاب واسعة النطاق في السنوات الأخيرة والهشاشة السياسية والأمنية المستمرة في البلاد.
قُتل ما لا يقل عن خمسة جنود تابعين للمجلس الانتقالي الجنوبي وأصيب 15 آخرون في هجوم منسق شنه مسلحون يشتبه في أنهم من تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في وقت مبكر من يوم الثلاثاء.
وقال نصر عاطف المشوشي قائد اللواء المستهدف في بيان صحفي إن “قواتنا تمكنت من إحباط هجوم إرهابي واسع النطاق شنه عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي صباح اليوم على مقر المجمع الحكومي بمحافظة أبين”.
وأضاف أن المهاجمين فجروا سيارتين مفخختين قبل أن يتسللوا إلى المجمع، حيث واجهتهم القوات المتحالفة مع الحكومة.
وأضاف أن “خمسة انتحاريين يرتدون أحزمة ناسفة قتلوا وأربعة جنود”.
وأكد مصدر طبي في أبين لفرانس برس مقتل أربعة جنود، وإصابة 15 آخرين في الهجوم.
ويمثل الهجوم واحدة من أكثر العمليات دموية المنسوبة لتنظيم القاعدة في جنوب اليمن منذ أشهر، ويسلط الضوء على قدرة الجماعة المستمرة على شن عمليات معقدة تسفر عن عدد كبير من الضحايا.
ويقول المحللون إن الهجوم الأخير يسلط الضوء على التهديد المستمر الذي يشكله تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، والذي يواصل استغلال عدم الاستقرار في اليمن والمشهد السياسي الممزق للعمل في المناطق النائية. وعلى الرغم من طردهم من العديد من معاقلهم السابقة، إلا أن التنظيم يحتفظ بوجوده في المناطق الجبلية ذات الكثافة السكانية المنخفضة في محافظات أبين وشبوة والبيضاء.
ويحذر مراقبو الوضع السياسي والأمني في اليمن من أن العامل الأكثر خطورة الذي يدعم وجود الجماعة هو استخدامها كأداة من قبل مختلف الفصائل المتحاربة، التي يُزعم أنها تستخدم تنظيم القاعدة كوكيل لإضعاف المنافسين أو زعزعة استقرار المناطق التي تسيطر عليها.
ويشيرون إلى شكوك قوية في التنسيق التكتيكي بين تنظيم القاعدة والمتمردين الحوثيين، مشيرين إلى أن هجمات الجماعة تستهدف في المقام الأول المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا وحليفها الرئيسي المجلس الانتقالي الجنوبي.
وتتمركز الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في مدينة عدن الساحلية الجنوبية منذ سيطرة حركة الحوثي المدعومة من إيران على العاصمة صنعاء في عام 2014.
وكانت واشنطن تعتبره ذات يوم أخطر فرع لتنظيم القاعدة، وظهر تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في عام 2009 من اندماج فصائل الجماعة اليمنية والسعودية. وتوسعت بسرعة وسط فوضى حرب اليمن، التي وضعت الحوثيين في مواجهة تحالف تقوده السعودية يدعم الحكومة لأكثر من عقد من الزمن.
وعلى الرغم من أن هجمات تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية ضد القوات الحكومية وقوات المتمردين قد تراجعت في السنوات الأخيرة، إلا أن الجماعة تواصل شن هجمات دورية كبيرة، خاصة في المحافظات الجنوبية حيث لا تزال السيطرة الأمنية هشة.
وتشن الحكومة اليمنية والقوات المتحالفة مع المجلس الانتقالي الجنوبي حملة مشتركة لمكافحة الإرهاب في أبين منذ أواخر عام 2022. ونجحت العملية في استعادة عدة مناطق كانت تسيطر عليها الجماعة في السابق، لكن القوات لا تزال تتعرض لكمائن وتفجيرات متفرقة من قبل المسلحين المتحصنين في المناطق النائية من المحافظة.
ويظهر الهجوم الأخير أنه على الرغم من سنوات من العمليات الأمنية المستهدفة، فإن تنظيم القاعدة لا يزال راسخا في الصراع اليمني ويستمر في استغلال الانقسامات السياسية والحكم غير المستقر من أجل البقاء.