القدس/ واشنطن
بدأت المرحلة الثانية من غزة ما بعد الحرب في التبلور مع تعبير وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو يوم الجمعة عن أمله في تشكيل قوة دولية قريبا لمراقبة وقف إطلاق النار في غزة، واتفاق الفصائل الفلسطينية على تشكيل لجنة من التكنوقراط المستقلين لإدارة منطقة ما بعد الحرب.
زار وزير الخارجية الأمريكي إسرائيل في أعقاب زيارة نائب الرئيس جي دي فانس كجزء من الجهود الشاملة التي تبذلها الولايات المتحدة لإقناع كل من حماس وإسرائيل باحترام الهدنة.
وقال روبيو إنه من الأهمية بمكان أن يهيئ الاتفاق “الظروف اللازمة لوصول قوة تحقيق الاستقرار في أقرب وقت ممكن”.
وأعرب عن تفاؤله بنهاية دائمة للحرب المستمرة منذ عامين في غزة خلال لقائه مع القوات الإسرائيلية والأمريكية والقوات الغربية الأخرى التي تراقب وقف إطلاق النار.
ويدعو الاتفاق، الذي قاده الرئيس دونالد ترامب، إلى إنشاء قوة دولية للإشراف على الأمن بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس.
وزار روبيو يوم الجمعة مركز التنسيق المدني العسكري، حيث ينتشر نحو 200 جندي أمريكي، ووصف ذلك بأنه مهمة “تاريخية”.
عينت الولايات المتحدة دبلوماسيا مخضرما يوم الجمعة قائدا مدنيا للجنة مراقبة وقف إطلاق النار في غزة.
وسيعمل ستيف فاجن، وهو دبلوماسي محترف، جنبًا إلى جنب مع الفريق في الجيش الأمريكي باتريك فرانك، القائد العسكري الذي تم تعيينه بالفعل في المركز الذي تم إنشاؤه بعد وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر.
وستكون إحدى المهام المركزية للمركز هي إنشاء قوة دولية مدعومة من الولايات المتحدة للجيب. وفي حين استبعدت الولايات المتحدة إرسال جنودها إلى غزة، فإنها يمكن أن تستعين بقوات من مصر وإندونيسيا ودول الخليج العربي.
وتشكل القوة الدولية جزءا أساسيا من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب. ولكن هناك العديد من العقبات التي تنتظرنا، بدءاً بما إذا كانت الدول العربية وغيرها من الدول مستعدة لإرسال قوات إلى مخاوف إسرائيل بشأن تشكيل القوة.
والتحدي الآخر هو أن حركة حماس الفلسطينية المسلحة لم تلتزم حتى الآن بنزع سلاحها، ومنذ سريان وقف إطلاق النار المبدئي قبل أسبوعين، شرعت في حملة قمع مميتة ضد الجماعات التي تختبر قبضتها على السلطة.
وردا على سؤال حول وجود قوة دولية، قال متحدث بإسم حماس أن هذه “مسألة حساسة” وتتطلب “مناقشة مستفيضة” قبل أن تتخذ الحركة موقفا.
وأكد روبيو أن إسرائيل ستتمتع بحق النقض (الفيتو) على تشكيل القوة، وسط تقارير عن اعتراض إسرائيل على مشاركة تركيا.
وقال: “هناك الكثير من الدول التي عرضت القيام بذلك. ومن الواضح أنه عند تشكيل هذه القوة، يجب أن يكون هناك أشخاص تشعر إسرائيل بالارتياح تجاههم”.
وقالت إندونيسيا، أكبر دولة ذات أغلبية مسلمة في العالم، إنها مستعدة لإرسال قوات إلى غزة.
وقال كبير الدبلوماسيين الأمريكيين أيضا إن المناقشات جارية بشأن قواعد الاشتباك للقوة وما إذا كانت ستعمل بموجب تفويض من الأمم المتحدة.
وقال مسؤولون مطلعون على المحادثات إنه كانت هناك نداءات للدول للانضمام إلى القوة، لكن الكثيرين كانوا يشعرون بالقلق من الوعد بالدعم دون معرفة الشكل الذي ستبدو عليه القوة.
وكان أحد الاقتراحات هو إنشاء قوتين: واحدة لتأمين الحدود بين إسرائيل وغزة وأخرى تعمل داخل القطاع، وفقا لدبلوماسيين مطلعين على المناقشات.
وقال الدبلوماسيون إن بعض الدول الأوروبية تريد آلافا من قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية من الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل والتي تم تدريبها في مصر والأردن للعمل داخل غزة مع عدد أقل من القوات الدولية.
وبموجب هذه الخطة، يمكن لبعض الشرطة الأوروبية أن تعمل كمراقبين داخل غزة، وتعمل بشكل مباشر إلى جانب القوات الفلسطينية، لكن لم يكن من الواضح ما هي الدول التي ستشارك.
وكانت الخطة الأميركية تقضي بتحرك القوة الدولية تدريجياً، بدءاً بمنطقة رفح جنوب قطاع غزة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية.
إن وصول قوة أمنية دولية قد يفتح المجال لأموال إعادة الإعمار – ويتعهد المسؤولون الأمريكيون بأن أياً منها لن يذهب إلى المناطق التي تسيطر عليها حماس.
أعلنت الفصائل الفلسطينية الرئيسية، بما فيها حماس، الجمعة، أنها اتفقت خلال اجتماع في القاهرة على أن تتولى لجنة فلسطينية مؤقتة من تكنوقراط مستقلين إدارة قطاع غزة.
وستتولى اللجنة “إدارة شؤون الحياة والخدمات الأساسية بالتعاون مع الأشقاء العرب والمؤسسات الدولية”، بحسب بيان مشترك نشر على موقع حماس الإلكتروني.
كما دعا البيان إلى اجتماع كافة القوى والفصائل للاتفاق على استراتيجية وطنية وتنشيط منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.
وحماس ليست جزءا من منظمة التحرير الفلسطينية التي تهيمن عليها منافستها فتح.
وقد أوضحت حماس، التي استولت على السلطة في غزة في عام 2007، أنها لا ترغب في حكم منطقة ما بعد الحرب، ولكنها رفضت الإصرار على نزع سلاح مقاتليها.
وقال حازم قاسم المتحدث باسم حماس في بيان عبر مواقع التواصل الاجتماعي: “اتفقنا على ترتيبات المرحلة الثانية لإدارة غزة، مؤكدين أنها ستكون تحت الإدارة الفلسطينية، دون أي فصل بين قطاع غزة والضفة الغربية”.
وأضاف أن “الاجتماعات المقبلة ستتناول العلاقة مع الاحتلال ومصير سلاح المقاومة والنقاشات بشأن تواجد القوات الدولية”.
وفي غزة، يوم الجمعة، كانت العائلات لا تزال تحاول العودة إلى منازلها المدمرة – وفي كثير من الحالات، لتجد أنها تقع في مناطق تسيطر عليها القوات الإسرائيلية خارج ما يسمى “الخط الأصفر”.
وأدى الهجوم الإسرائيلي على غزة إلى مقتل أكثر من 68 ألف فلسطيني وترك مئات الآلاف بلا مأوى وجائعين.
وهدأ القتال منذ وقف إطلاق النار في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول، لكن تدفقات المساعدات لا تزال مقيدة.
وأعرب إتش.إيه هيلير، وهو زميل كبير مشارك في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في بريطانيا، عن تشككه في أن عددا كافيا من الدول سيرسل قوات لتفعيل القوة.
وقال هيلير إن معظمهم سيترددون في إرسال قوات إذا كان من المتوقع أن يقاتلوا حماس، في حين أن الدول العربية ستتردد في المشاركة ما لم تكن هناك دفعة كبيرة لإنشاء دولة فلسطينية.
وقال هيلير إنه ما لم توافق حماس على التعاون في نزع السلاح، “فلن ترغب أي دولة في المخاطرة بدخول قواتها في مستنقع عسكري”.
كانت إدارة ترامب حازمة بشكل متزايد مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي سعى إلى التقليل من أي تصور للتوتر مع أهم داعميه العسكري والدبلوماسي.
