دمشق
بدأت الإدارة الأميركية سلسلة من الخطوات الإجرائية لرفع بعض العقوبات عن سوريا بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد وظهور سلطة جديدة برئاسة الرئيس أحمد الشرع.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، وافق مجلس الشيوخ الأمريكي على بند في الميزانية من شأنه أن يسمح بإنهاء قانون قيصر، في انتظار التصديق اللاحق من قبل مجلس النواب والموافقة النهائية من قبل الرئيس.
ويشير المراقبون إلى أن هذه التحركات الأمريكية رمزية أكثر منها جوهرية، مشيرين إلى تأخر الإدارة في تنفيذ التزاماتها بشأن تخفيف العقوبات، الأمر الذي لا يزال يعيق التعافي الاقتصادي في سوريا.
سلط المرصد السوري لحقوق الإنسان، في تقرير نشره اليوم الإثنين، الضوء على عوامل التباطؤ الأمريكي.
وأشار التقرير إلى أن الرفع التدريجي للعقوبات لا يزال يثير قلق السوريين ويثير تساؤلات حول نوايا واشنطن الحقيقية، خاصة وأن الأساس المنطقي الأصلي لفرض العقوبات، الذي يستهدف نظام الأسد، قد اختفى فعلياً.
كما تساءل المرصد عما إذا كانت هذه التطورات مرتبطة بالدور المستقبلي لإسرائيل في سوريا، خاصة بعد توغلاتها الأخيرة في جنوب البلاد.
توغلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مؤخراً، في ريف القنيطرة، تشمل قريتي الصمدانية الشرقية وأوفانيا، وأقامت حواجز مؤقتة. وتم اعتقال مدنيين ومصادرة دراجات نارية، وهي إجراءات اعتبرت انتهاكا لاتفاقية فض الاشتباك لعام 1974، وزادت المخاوف من تصعيد عسكري أوسع نطاقا.
ولا يزال السوريون يشعرون بالقلق إزاء تصاعد التوتر العسكري بين سوريا وإسرائيل واستمرار احتجاز المدنيين، لا سيما وسط نشر المواقع العسكرية والمركبات المدرعة.
وقال المحامي محمد علي الصايغ، رئيس المكتب الإعلامي في هيئة التنسيق الوطنية، للمرصد، إن الولايات المتحدة والدول الأخرى لا تتخذ أي خطوات، سواء التقارب مع الدول الأخرى أو رفع العقوبات، دون توقع إجراءات متبادلة.
وشدد على أن تخفيف العقوبات عن سوريا لن يكون فوريا أو غير مشروط، بل سيتم تنفيذه على مراحل. وتشير التقارير إلى أنه من المتوقع أن تستغرق العملية ستة أشهر، وبحد أقصى تقديري سنة واحدة، مما يسمح لواشنطن بتقييم مدى امتثال سوريا للشروط الأمريكية المرئية وغير المعلنة.
ومن بين هذه الشروط حظر أي عمل عسكري ضد إسرائيل، التي استهدفت في بداية انهيار النظام السابق البنية التحتية العسكرية السورية، وقصفت الكثير من أسلحة ومعدات الجيش السوري.
وأضاف الصايغ أنه بعد تدمير القدرات العسكرية السورية، انتقلت إسرائيل إلى المناطق الجنوبية لتعزيز طموحاتها الاستراتيجية، بما في ذلك السيطرة على مواقع رئيسية مثل جبل الشيخ وتوسيع وجودها في مناطق أقل من عشرين كيلومترا من العاصمة السورية. ومن الممكن أن يكون هذا التوغل بمثابة ضغط لإسرائيل لتأمين التنازلات السورية بشأن مرتفعات الجولان وجبل الشيخ، وإضفاء الطابع الرسمي على التطبيع بموجب اتفاقيات إبراهيم، مقابل وقف العمليات داخل الأراضي السورية والانسحاب من بعض المناطق غير الاستراتيجية التي احتلتها مؤخراً.
وتستمر المفاوضات حول ما إذا كانت إسرائيل ستعود إلى خط الهدنة لعام 1964، كما طالبت الحكومة الانتقالية السورية، أو ما إذا كانت إسرائيل ستفرض حدودًا جديدة في جنوب سوريا.
وفيما يتعلق بالتطورات في السويداء والدعوات المتكررة لحماية الدروز والأقليات الأخرى، وصف الصايغ ذلك بأدوات إضافية للضغط على السلطات السورية لتقديم المزيد من التنازلات. وأشار إلى أنه من غير المرجح أن تقوم الولايات المتحدة، التي تنسق سياساتها الإقليمية بشكل وثيق مع إسرائيل، بالضغط على تل أبيب، لأن الاستراتيجيات الأمريكية الإسرائيلية في المنطقة جزء من تفاهمات متبادلة عميقة وواسعة. إن معظم التصرفات الإسرائيلية تتم بموافقة أمريكية، في حين أن التصريحات الأمريكية العامة أو التصريحات الإعلامية تخدم في المقام الأول كواجهة وتشتيت للرأي العام العربي.
ودعا المرصد السوري لحقوق الإنسان المجتمع الدولي إلى الدعوة إلى رفع العقوبات عن سوريا، واتخاذ إجراءات لوقف التوغل الإسرائيلي في القنيطرة، وتسهيل انسحابها من الأراضي السورية، وإعلاء السيادة الوطنية.
كما حذّر المرصد من المخاطر المرتبطة بجهود التسوية في الأراضي السورية مقابل تخفيف العقوبات، مشيراً إلى أن هذا هو الشرط الأساسي الذي تستغله الولايات المتحدة.