الرباط
أعربت الولايات المتحدة عن تفاؤلها بشأن التوصل إلى تسوية نهائية لنزاع الصحراء الغربية تحت سيادة المغرب، حيث أكد كبير مستشاري ترامب للشؤون العربية والإفريقية مسعد بولس مجددًا دعم واشنطن لخطة الحكم الذاتي المغربية باعتبارها الحل الوحيد القابل للتطبيق للصراع المستمر منذ عقود.
وفي مقابلة مع سكاي نيوز عربية يوم الاثنين، قال بولس إن الموقف الأمريكي بشأن هذه القضية “واضح تماما وغير قابل للتفاوض”، مكررا أن الرئيس دونالد ترامب اعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية في إطار اقتراح الحكم الذاتي.
وقال بولس: “بالنسبة لترامب وواشنطن، فإن سيادة المغرب على صحرائه لا رجعة فيها تماما ولا تخضع لأي نقاش على الإطلاق. ونحن نعتبر بشكل قاطع أن الاقتراح المغربي بشأن الصحراء الغربية هو النهج الأفضل والوحيد القابل للتطبيق”.
ووصف بولس يوم 30 أكتوبر/تشرين الأول بأنه “موعد نهائي مهم للغاية”، في إشارة إلى الجلسة المقبلة لمجلس الأمن الدولي حول الصحراء، وقال إن واشنطن تعمل “بشكل مكثف مع جميع الشركاء والحلفاء، وخاصة المغرب والجزائر”، للتوصل إلى حل يمكن أن “يرضي الجميع قدر الإمكان”.
وأضاف أنه “عندما يتم التوصل إلى حل دائم لقضية الصحراء، فإن حل النزاع بين الجزائر والمغرب سيصبح أسهل بكثير”.
وتؤكد تصريحاته دعم واشنطن المستمر لوحدة أراضي المغرب وتأتي قبل مداولات مجلس الأمن بشأن تجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو).
وكرر بولس أن “موقف الرئيس ترامب بشأن الصحراء الغربية واضح تماما وغير قابل للتفاوض”، مضيفا أن الاعتراف بسيادة المغرب في إطار خطة الحكم الذاتي هو “نهائي ولا رجعة فيه”. وأشاد بقيادة الملك محمد السادس، مشيرا إلى أن “الملك أكد أننا قادرون على التوصل إلى حل نهائي وسريع”، وقال إن الجزائريين “منفتحون على هذا النقاش البناء”.
وقال المحلل السياسي هشام معتضد إن تصريحات بولس الأخيرة، وهي الثانية له خلال فترة قصيرة، تعكس تحولا مطردا في السياسة الأمريكية نحو تعزيز الدعم للمغرب وإعادة ضبط التوازنات الإقليمية في شمال إفريقيا.
وقال معتضد لـ”العرب ويكلي”: “هذا يؤكد دقة الحسابات الأمريكية في هذا الملف وطبيعة تفاعلها مع الفاعلين الإقليميين، حيث تقوم واشنطن بشكل مستمر بتقييم ردود الفعل ورصد التوازنات، وهو ما يعكس اعتمادها على الانخراط العملي في إدارة القضايا الحساسة في شمال إفريقيا”.
وأضاف أن “الدعم الأمريكي، إلى جانب القوى الكبرى الأخرى مثل بريطانيا وفرنسا، لخطة الحكم الذاتي المغربية يمكن أن يحول النقاش من التجديد الفني لتفويض بعثة المينورسو إلى تعزيز سياسي لموقف المغرب”.
وقال معتضد إن مؤسسات الأمم المتحدة “تعمل في كثير من الأحيان على إضفاء الشرعية على الوقائع الراسخة على الأرض”، مضيفا أن سيادة المغرب على صحرائه “أصبحت حقيقة تدعمها واشنطن والعديد من العواصم الدولية الأخرى”.
وقال إن بعثة المينورسو سيُنظر إليها بشكل متزايد على أنها “أداة لتحقيق الاستقرار في إطار الأمم المتحدة”، في حين أن التصريحات الأمريكية يمكن أن “تؤثر على مداولات مجلس الأمن بشأن تمديد ولاية البعثة وتحديد مستقبل العملية التي تقودها الأمم المتحدة”.
وكان بولس قال في مقابلة سابقة مع “الشرق نيوز”، إن الولايات المتحدة تعتزم فتح قنصلية لها في الصحراء المغربية، مشيرا إلى أن النزاع الإقليمي “يقترب من نهايته”، وأن الجهود التي يبذلها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة تظل مهمة لدفع العملية السياسية قدما.
يشير قرار جديد لمجلس الأمن صاغته الولايات المتحدة صراحة إلى “الصحراء المغربية” ويحدد اقتراح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كإطار للتسوية السياسية، مع جدول زمني محدد لإنهاء النزاع قبل يناير 2026، عندما تنتهي ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية.
وباعتبارها “حامل القلم” الرسمي لبعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية، وزعت الولايات المتحدة مشروع القرار النهائي على أعضاء المجلس مساء الاثنين بعد مشاورات قبل التصويت في 30 أكتوبر.
وردا على سؤال حول المدة المقترحة لتفويض بعثة المينورسو، رفض بولس التعليق على التسريبات لكنه قال “كل هذه القضايا مفتوحة للمناقشة”، بما في ذلك ما إذا كانت فترة التمديد يجب أن تكون ثلاثة أو ستة أشهر. وأضاف أن “فترات التمديد تخضع للتفاوض بين أعضاء مجلس الأمن وهي قيد المناقشة حاليا”.
وأضاف: «لا شك أنه في النهاية ستكون هناك نتيجة ترضي الجميع».
وقال محللون إن الصياغة تشير إلى أن واشنطن قد تفضل تمديدا أقصر مدته ثلاثة أشهر لتسريع المفاوضات نحو التوصل إلى تسوية نهائية.
وفي مقابلة منفصلة مع “العربية الحدث”، وصف بولس القرار الأممي المرتقب بأنه “مهم وحاسم”، معتبراً أنه سيكون “تاريخياً حقاً” و”مفتاح الاتفاق الذي ذكره زميلي ويتكوف”.
وقال المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف لشبكة سي بي إس نيوز الأسبوع الماضي إن واشنطن تتوقع التوسط في اتفاق سلام بين المغرب والجزائر في غضون 60 يومًا، على الرغم من انهيار العلاقات الدبلوماسية منذ عام 2021 وإعادة فرض الجزائر متطلبات التأشيرة على المواطنين المغاربة في وقت سابق من هذا العام.
وقال ويتكوف إن الفريق الأمريكي “يركز على ذلك”، في حين أشار بولس إلى أن الرباط والجزائر أبدتا استعدادهما لإعادة بناء العلاقات والتحرك نحو “حل أساسي ونهائي” لنزاع الصحراء.
وأشاد بولس “بالقيادة الثابتة للملك محمد السادس وسياسة التواصل”، قائلا إن نهج العاهل المغربي، المتمثل في معاملة الجزائر “كبلد شقيق” والسعي إلى تسوية متبادلة المنفعة، شجع الحوار البناء والتفاؤل.
وقال إن “دبلوماسية اليد الممدودة” هذه ساعدت واشنطن على التعامل مع الجانبين وعززت أجواء أكثر إيجابية للمحادثات.
وفي مقابلة أجريت معه في 16 أكتوبر/تشرين الأول، قال بولس إن الجزائر أعربت عن “استعدادها” لتحسين العلاقات مع المغرب والسعي إلى “حل جذري ونهائي” للنزاع، وهي تصريحات بدت متعارضة مع دعم الجزائر المستمر لجبهة البوليساريو، التي تمولها وتستضيفها.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إن بلاده “لن تتخلى عن قضية الصحراء الغربية”، مؤكدا مجددا موقف الجزائر المستمر بشأن هذه المسألة.
لا تزال إدارة ترامب ملتزمة بتعزيز قرارها الصادر في ديسمبر/كانون الأول 2020 والذي يعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، وتخطط لإنشاء قنصلية في الداخلة من خلال “مركز حضور افتراضي” يركز على التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ومع انضمام فرنسا وإسبانيا والمملكة المتحدة إلى واشنطن في دعم خطة الحكم الذاتي المغربية باعتبارها الأساس الواقعي الوحيد للتسوية، قال بولس إن الولايات المتحدة “أكثر تفاؤلاً من أي وقت مضى” بشأن التوصل إلى حل نهائي ودائم.