الأمم المتحدة
صوت مجلس الأمن الدولي الجمعة لصالح قرار يدعم خطة المغرب للحكم الذاتي في الصحراء الغربية باعتباره الحل “الأكثر جدوى” للإقليم المتنازع عليه، في تطور فاصل أشاد به العاهل المغربي الملك محمد السادس ووصفه بأنه “تاريخي”.
وقال القرار الذي تم تبنيه بأغلبية 11 صوتا مقابل صفر وامتناع ثلاثة أعضاء عن التصويت ورفض الجزائر المشاركة، إن الحكم الذاتي للصحراء الغربية تحت السيادة المغربية قد يكون الأساس للمفاوضات المستقبلية لحل الصراع المستمر منذ 50 عاما.
وجاء في قرار مجلس الأمن الدولي أن “الحكم الذاتي الحقيقي تحت السيادة المغربية يمكن أن يشكل الحل الأكثر جدوى”.
ويدعو النص الذي صاغته الولايات المتحدة الأطراف إلى المشاركة “دون شروط مسبقة” في مفاوضات على أساس خطة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب لأول مرة إلى الأمم المتحدة في عام 2007.
وفي خطاب للأمة، وصف العاهل المغربي الملك محمد السادس التصويت بأنه “تاريخي”، قائلا “إننا نفتح فصلا جديدا ومنتصرا في عملية تكريس الطابع المغربي للصحراء”.
وأكد أن هذه لحظة مفصلية ونقطة تحول حاسمة في تاريخ المغرب الحديث.
وأضاف: “هناك حقبة ما قبل 31 أكتوبر 2025، وما بعد 30 أكتوبر. لقد حان الوقت لأن يخرج مغرب موحد، من طنجة إلى الكويرة، مغرب لن ينتهك أحد حقوقه وحدوده التاريخية”.
وشدد على أن المغرب يسعى إلى حل مربح للجانبين و”يحفظ ماء الوجه” لجميع أطراف النزاع، وحث اللاجئين في مخيمات تندوف التي تديرها البوليساريو في جنوب غرب الجزائر على تأييد الحكم الذاتي والعودة إلى ديارهم.
كما جدد دعوته للحوار مع القيادة الجزائرية.
وقال: “أدعو أخي فخامة الرئيس عبد المجيد تبون، إلى إطلاق حوار أخوي صادق بين المغرب والجزائر، من أجل تجاوز الخلافات وبناء علاقات جديدة مبنية على الثقة والأواصر الأخوية وحسن الجوار”.
وأضاف “أجدد أيضا تعهدي بمواصلة العمل من أجل إحياء الاتحاد المغاربي على أساس الاحترام المتبادل والتعاون والتكامل بين الدول المغاربية الخمس”.
وسيؤدي الحكم الذاتي للمغرب إلى إنشاء سلطة تشريعية وتنفيذية وقضائية محلية للصحراء الغربية ينتخبها سكانها، بينما تحتفظ الرباط بالولاية القضائية على الدفاع والشؤون الخارجية والشؤون الدينية.
وتتحدى جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر السيادة المغربية على الإقليم وتدعو إلى إجراء استفتاء مع خيار “الاستقلال”. وقد فشل موقفها في اكتساب الزخم.
وقال السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة مايك والتز للمجلس بعد التصويت: “نحث جميع الأطراف على استغلال الأسابيع المقبلة للجلوس إلى الطاولة والدخول في مناقشات جادة”. وأضاف: “نعتقد أن السلام الإقليمي ممكن هذا العام، وسنبذل كل جهد لتسهيل التقدم”.
وامتنعت روسيا والصين وباكستان عن التصويت أثناء التصويت. وصوت بقية أعضاء المجلس لصالح القرار الذي مدد أيضا لمدة عام ولاية قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الصحراء الغربية، المعروفة باسم مينورسو. الجزائر لم تصوت.
رحب مبعوث الأمم المتحدة للصحراء الغربية، ستافان دي ميستورا، بالجهود الأمريكية لحل القضية بينما سعى لمزيد من التفاصيل حول خطة الحكم الذاتي المغربية.
وقال العاهل المغربي في كلمته، “على ضوء هذا القرار الأممي، سيقوم المغرب بتحديث وتفصيل مبادرته للحكم الذاتي، ثم رفعها إلى الأمم المتحدة لتكون الأساس الوحيد للتفاوض، باعتبار أنها الحل الواقعي الوحيد القابل للتطبيق”.
ويدعو القرار الذي تم تبنيه يوم الجمعة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ودي ميستورا إلى إجراء مفاوضات على أساس الخطة للتوصل إلى اتفاق مقبول للطرفين.
كما يطلب القرار من الأمين العام للأمم المتحدة أن يقدم في غضون ستة أشهر “مراجعة استراتيجية بشأن ولاية بعثة المينورسو في المستقبل، مع الأخذ في الاعتبار نتائج المفاوضات”.
وفي العاصمة المغربية الرباط، رقص آلاف الأشخاص وغنوا احتفالاً بالتصويت.
“الصحراء مغربية وكانت كذلك دائما!” وهتفت الحشود المبتهجة، متناوبة الإيقاع مع النشيد الوطني والأغاني الوطنية الأخرى.
وفي السمارة، وهي مدينة في المنطقة المتنازع عليها، أطلق السكان الألعاب النارية فور إعلان التصويت.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أكد مجددا دعمه لسيادة المغرب على الصحراء الغربية في يوليو/تموز، قائلا إن خطة الحكم الذاتي المغربية في المنطقة هي الحل الوحيد.
وخلال ولايته الأولى في منصبه، اعترف الرئيس الأمريكي في عام 2020 بمطالبة المغرب بالسيادة على الصحراء الغربية. واتخذت فرنسا خطوة مماثلة، فاعترفت بسيادة الرباط على المنطقة ومنحت الضوء الأخضر للاستثمارات هناك. وفي يونيو/حزيران، أصبحت بريطانيا ثالث عضو في مجلس الأمن يدعم الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
كما دعمت إسبانيا موقف الرباط، إلى جانب عدد متزايد من الدول الأوروبية، مما يشير إلى تحول في السياسة الخارجية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بشأن هذه القضية.
ويبقى أن نرى كيف ستتطور العلاقات الممزقة بين الجزائر والرباط خلال الفترة المقبلة بعد دعوة الملك محمد السادس للحوار. وكان مبعوث ترامب، ستيف ويتكوف، قال إن الولايات المتحدة تعمل على التوصل إلى اتفاق سلام بين الجزائر والمغرب خلال الأسابيع المقبلة.
ولا تزال الجزائر متمسكة بموقفها القديم في النزاع رغم خسارتها الدعم الدولي. وقال سفير الجزائر لدى الأمم المتحدة عمار بن جامع للمجلس بعد التصويت: “القرار النهائي بشأن المستقبل لا يمكن، ولا ينبغي، أن ينتمي إلى أي شخص آخر غير الشعب الواقع تحت السيطرة الاستعمارية”. وأضاف أن “هذا النص يتجاهل مقترحات جبهة البوليساريو”.
وأصدرت جبهة البوليساريو بيانا قالت فيه إنها لن تشارك في “أي عملية سلام أو مفاوضات بناء على مقترحات تهدف إلى شرعنة الاحتلال العسكري المغربي”.