تونس
في ظل الجبال حيث لا تزال ينابيع زغوان القديمة تهمس بالإيمان والاستمرارية، هناك جهد جديد يبث الحياة في أحد أعز التقاليد التونسية. إن “خرجة سيدي علي عزوز”، وهي موكب روحي سار عبر قرون من التفاني، يجري الآن توثيقها رسميًا، وهي خطوة نحو إدراجها في القائمة الوطنية التونسية للتراث الثقافي غير المادي.
وتجمع المبادرة، التي أطلقتها جمعية مهرجان النصري، مركز الفنون والثقافة والآداب “القصر السعيد” والمندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بزغوان ومنظمات المجتمع المدني المحلية. مهمتهم المشتركة: حماية التراث المادي وغير المادي للمدينة والاحتفال به، ونقل روحها الحية إلى الأجيال القادمة.
في قلب هذا المسعى الثقافي، توجد سوسن لانجليز، وهي مسؤولة عن الحفاظ على التراث، وتشرف على عملية جرد تستقطب أصوات المجتمع، من جمعية الحفاظ على المدينة إلى “مستقبل زغوان” وشيوخ وشيوخ الطريقة العزوقية الصوفية، بما في ذلك رياض ملف ومعاذ شطيبة وبشير بوواب.
تعود أصول خرجة سيدي علي عزوز إلى تعاليم سيدي علي عزوز، وهو قديس وفقيه مغربي المولد استقر في تونس خلال العصر المرادي. ويظل ضريحه، الذي يرقد بهدوء في زغوان، معلما مقدسا حيث يتشابك الإيمان والتاريخ.
مرتين في السنة، في ليلة السابع والعشرين من رمضان، ومرة أخرى في ليلة المولد النبوي، تضج المدينة بالترقب. من كل ركن من أركان البلاد، يصل الحجاج بالآلاف، وينضمون إلى المواكب التي تمزج الصلاة بالشعر، والروحانية بالموسيقى، والإيمان بالاحتفال. إنها لحظة تنبض فيها شوارع زغوان بالتفاني الجماعي، مرددة صدى تقليد يرفض التلاشي.
وكانت جمعية مهرجان النصري قد تقدمت بطلب رسمي للجرد في 1 نوفمبر 2024، مؤكدة من جديد التزامها بتكريم تراث زغوان الغني والطبقي. تشكل هذه المبادرة جزءا من حملة وطنية أوسع لتوثيق التقاليد الحية في تونس، وهو عمل حيوي للحفاظ على بلد تتنوع هويته الثقافية مثل مناظره الطبيعية.
في زغوان، تعتبر خارجة سيدي علي عزوز أكثر من مجرد احتفال سنوي. إنه جسر حي، بين المقدس والاجتماعي، بين الماضي والحاضر، لتذكير التونسيين بأن التراث، مثل الإيمان، يستمر من خلال أولئك الذين يختارون إبقائه حيا.