طرابلس/بنغازي
اعتقلت السلطات الليبية في طرابلس عددا من الشخصيات المحلية البارزة من مدينة ترهونة عقب زيارتهم إلى بنغازي، حيث التقوا قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، بحسب مصادر مطلعة.
واستهدفت الاعتقالات، التي نفذها عناصر من اللواء 444 التابع لحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها، شخصيات من بينهم عبد السلام جمعة فرجاني، والنجاح العزيبي، وعبد الرزاق عبد الله الحمودي، وراسم الزغوزي. ويقول مراقبون إن هذه الخطوة تمثل تصعيدًا في الانقسامات السياسية والعسكرية القائمة منذ فترة طويلة بين طرابلس وبنغازي، والتي استمرت منذ عام 2014.
وأدانت الحكومة الليبية المدعومة من البرلمان، في بيان شديد اللهجة، ما وصفته بالاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري والترهيب لسكان ترهونة الذين شاركوا في الملتقى الوطني ببنغازي. واتهمت الحكومة الجماعات المسلحة التابعة للواء 444 بالتصرف خارج الأطر القانونية وتنفيذ أعمال انتقامية ممنهجة ضد كبار السن وقادة المجتمع والأكاديميين والرياضيين الذين يدعمون المصالحة والوحدة الوطنية.
كما انتقدت حكومة رئيس الوزراء أسامة حماد بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (UNSMIL) لتقاعسها الواضح، قائلة إن الصمت المتكرر يظهر التحيز والتواطؤ غير المباشر مع الجماعات المسلحة، متجاهلة مسؤولياتها القانونية والأخلاقية لحماية المدنيين.
وبحسب حكومة حماد، يواصل اللواء 444 المتمركز في ترهونة، ارتكاب انتهاكات ممنهجة بما في ذلك عمليات الاختطاف والاختفاء القسري وترهيب العائلات.
ودعت الحكومة إلى المحاسبة القانونية الفورية، وحثت النائب العام على فتح تحقيق عاجل وشامل وملاحقة كافة الجناة. كما ناشدت المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان والجهات المعنية التدخل لوقف الهجمات على المدنيين ومحاسبة الجماعات المسلحة ومن يوفر لهم الحماية بما في ذلك بعثة الأمم المتحدة.
كما أعرب المجلس البلدي لترهونة عن قلقه البالغ إزاء الاعتقالات، وأدانها ووصفها بأنها انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، ودعا إلى الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين. وأشاد المجلس بالمبادرات الوطنية الهادفة إلى تعزيز الوحدة والحوار، مشيراً إلى الدعم المحلي القوي للمنتدى الوطني لحفتر وتفاعله مع الشيوخ والشباب وقيادات البلديات.
دعا حفتر، خلال اجتماعه مع ممثلي ترهونة في 2 تشرين الثاني/نوفمبر، الليبيين إلى الانخراط في عمل مدني سلمي ومنظم لتحديد مستقبلهم. وحذر من أن استمرار التأخير لم يعد مقبولا بعد سنوات من المحاولات الفاشلة لحل أزمة البلاد، قائلا: “إما الدولة وإما الفوضى، وإما السيادة وإما التبعية، وإما التقدم وإما التخلف. إن القيادة العامة للجيش لا تتخذ القرارات الحاسمة لمستقبل البلاد، بل الشعب الليبي نفسه هو الذي يتخذها”.
وتبقى ترهونة، الواقعة على بعد 85 كلم جنوب شرق طرابلس، نقطة محورية في التوازنات الاجتماعية والسياسية في ليبيا. وكانت في السابق تحت سيطرة الجيش الوطني الليبي قبل أن تسيطر عليها الميليشيات المتحالفة مع حكومة الوفاق الوطني في 5 يونيو 2020، بدعم مباشر من القوات الجوية التركية.
ويشير المراقبون إلى أن اعتقال شخصيات مؤثرة في ترهونة من قبل الميليشيات الموالية لإدارة عبد الحميد الدبيبة أمر محفوف بالمخاطر سياسيا واجتماعيا، مما يعكس قلق سلطات طرابلس بشأن التعبئة الشعبية المحتملة على نطاق أوسع، وهي الحركة ذاتها التي يواصل حفتر الدعوة إليها.
وقال نائب وزير الخارجية السابق حسن الصغير إن الدبيبة ادعى منذ فترة طويلة أنه قادر على حماية الديمقراطية وإدارة الانتخابات الوطنية، مؤكدا التسامح مع وجهات النظر المختلفة. وأضاف الصغير أن “كل هذه الادعاءات انهارت في أعقاب لقاء واحد في 2 تشرين الثاني/نوفمبر في بنغازي”.