القاهرة
لفت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الانتباه يوم الثلاثاء إلى عمق الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه مصر، داعيا إلى وعي وطني أكبر وإحساس جماعي بالمسؤولية في الوقت الذي تواجه فيه البلاد تصاعد الديون وارتفاع تكاليف الدعم وضغط الإصلاحات الهيكلية التي طال انتظارها.
وفي حديثه أمام طلاب أكاديمية الشرطة المحتملين، قال السيسي إن أهداف مصر التنموية وآمالها في التعافي الاقتصادي تعتمد على ترسيخ أخلاقيات عمل أقوى وفهم عام أكثر وضوحًا لقيود الدولة.
وقال: “إذا ترسخت فكرة العمل فينا، وعملنا بالجهد المطلوب، سنضمن الجودة العالية في مختلف القطاعات، سواء في الدولة أو القطاع الخاص، لتحقيق ما نطمح إليه لمصرنا”.
وأضاف أن الوعي الوطني ليس مسألة شعارات بل هو الاعتراف بحقائق البلاد والضغوطات المصاحبة لها.
وتتبع السيسي مسار ديون مصر إلى فترة ما بعد عام 1967، قائلا إن التحديات المالية التي تواجهها اليوم تتطلب فهما عاما واسع النطاق وقبولا لخيارات السياسة الصعبة. وحذر من أن فاتورة الدعم السنوية للدولة، التي تغطي الوقود والخبز والكهرباء وغيرها من الخدمات الأساسية، ارتفعت إلى 600 مليار جنيه مصري، مما يفرض ضغوطا شديدة على الميزانية.
وقال إن خفض دعم الوقود لا يهدف إلى رفع الأسعار بل إلى إبطاء نمو الدين العام.
وقال: “أعرف أن الحل قاس ومؤلم، لكنه دواء صعب للغاية، ولا يوجد حل آخر”، مضيفا أن مصر ستحتاج إلى ما يصل إلى 50 تريليون جنيه سنويا لتمويل الخدمات بشكل كاف دون الاقتراض.
وبالانتقال إلى السياسة الانتخابية، حث السيسي المواطنين على مقاومة شراء الأصوات واختيار ممثلين قادرين على تعزيز المصلحة الوطنية. وقال إن تكلفة انتخاب مرشح غير مؤهل تفوق بكثير أي فائدة فورية قد يحصل عليها الناخبون، محذرا من أن الاختيارات السيئة يمكن أن تؤثر على مستقبل أكثر من 120 مليون مصري.
وقال: “مهما كانت الأموال أو الإمدادات التي قد تتلقاها مقابل التصويت لشخص غير مناسب، فهي لا شيء … مقارنة بخطورة تمكين شخص لا يستحق أن يكون صوتك”.
وشدد السيسي أيضًا على الحاجة إلى تطوير قوة عاملة قادرة على المنافسة ومجهزة للاقتصاد الرقمي سريع التقدم. وأوجز برنامجًا من ثلاثة مستويات، يتراوح من دورة تمهيدية قصيرة إلى مسار متقدم مدته عامين، يهدف إلى إعداد الشباب المصريين لوظائف عالية المهارات في مجال الرقمنة والذكاء الاصطناعي.
وقال إن جذب حتى عشرة بالمائة من طلاب المدارس الثانوية إلى التدريب على البرمجة والتكنولوجيا سيمثل “قفزة حقيقية” للقدرات الرقمية للبلاد.
وفيما يتعلق بالسياحة، وهي قطاع أساسي لعائدات مصر من العملات الأجنبية، قال السيسي إن الاستقرار الدائم وتحسن الظروف الأمنية يظلان شرطين أساسيين لتحقيق توسع حقيقي. وقال إن البلاد لديها القدرة على جذب 60 مليون سائح سنويا، أي أكثر بكثير من ما يقرب من 13 إلى 14 مليون سائح تستقبلها حاليا، وتوقع أن يصل عدد الزوار إلى 28 مليون إذا استمر المسار الحالي.
وقال إن المتحف المصري الكبير الذي طال انتظاره ليس سوى “محطة صغيرة” في استراتيجية أوسع تعتمد على معالجة التحديات الهيكلية التي حددها.