عاد الهدوء الهش إلى محافظة حمص بوسط سوريا يوم الاثنين مع تمديد السلطات حظر التجول والتواجد الأمني المكثف بعد يوم من الاضطرابات العنيفة الناجمة عن مقتل زوجين من قبيلة بدوية في بلدة زيدل.
وأعلنت قيادة الأمن الداخلي في حمص عبر تطبيق تليغرام، استمرار حظر التجوال في جنوب المحافظة حتى الساعة الخامسة مساءً بالتوقيت المحلي، ليشمل أحياء العباسية والأرمنية والمهاجرين والزهراء والنزهة وعكرمة والنزهين والعشيرة وزيدل وكرم الزيتون وكرم اللوز وحي الورود وسكن الشرطة.
ماذا حدثفرضت السلطات الأمنية، الأحد، حظر التجوال من الساعة الخامسة عصراً حتى الخامسة صباحاً في عموم المحافظة بعد سلسلة هجمات استهدفت مناطق ذات أغلبية علوية في جنوب حمص.
وجاءت أعمال العنف بعد وقت قصير من العثور على رجل وامرأة من قبيلة بني خالد البدوية مقتولين داخل منزلهما في زيدال جنوب حمص. وبحسب ما ورد تم حرق جثة المرأة وعثر على كتابات طائفية في مكان الحادث فيما قالت وزارة الداخلية إنها محاولة لزرع الفتنة الطائفية.
وتم التعرف على الرجل بأنه عبد الله العبود الناصر الخالدي، وهو إمام بحسب عدة تقارير، فيما لم يتم الكشف عن هوية زوجته.
وأدانت الوزارة في بيان لها “الجريمة النكراء”، قائلة إنه تم فتح تحقيق على الفور، وأنها تبذل كل ما في وسعها لحماية المدنيين وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
ودعت الوزارة إلى ضبط النفس وحثت السكان على الامتناع عن أي أعمال انتقامية.
لكن في غضون ساعات، اقتحم أفراد مسلحون من قبيلة بني خالد أحياء الباسل والمهاجرين ذات الأغلبية العلوية، وقاموا بتخريب الممتلكات الخاصة والمركبات وإشعال النار فيها. كما أطلقوا النار على المنازل والمتاجر. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن إطلاق نار عشوائي سمع أيضا في الشوارع.
عدسة #المرصد_السوري: جانب من التحالفات على ثروات أبناء حي الأرمن في #حمص التي نفذها خالد مسلحون من عشيرة بني pic.twitter.com/x7MYrlOy40
— المرصد السوري لحقوق الإنسان (@syriahr) 24 نوفمبر 2025
وامتدت أعمال العنف إلى أحياء أخرى بالمحافظة حيث شوهدت عشرات السيارات والدراجات النارية تقل مسلحين في السبيل والزهراء والعباسية وهم يهتفون مطالبين بالانتقام.
وفرضت وزارة الداخلية حظر التجول ونشرت قوات الأمن في أنحاء المحافظة وأقامت نقاط تفتيش وقامت بدوريات.
وأعلنت السلطات الصحية في حمص يوم الاثنين أن 18 شخصا على الأقل أصيبوا في أعمال العنف التي وقعت يوم الأحد.
وقال المجلس الإسلامي العلوي العلوي في سوريا والمهجر إن الاعتداءات والهجمات التي شنها أفراد عشيرة بدوية أدت إلى مقتل شخصين.
وقال المجلس في بيان له، الأحد، إن “عدم قدرة سلطات الأمر الواقع على وقف هذه الهجمات الطائفية الواضحة واستمرار مثل هذه الانتهاكات والاعتداءات منذ ما يقرب من عام، يعرض حياة المدنيين من الطائفة العلوية في حمص وغيرها من المناطق المهددة لخطر داهم”.
ردود الفعل: قال المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا في وقت متأخر من يوم الأحد إنه لا يوجد دليل مادي على دوافع القتل. وقال بابا في تصريحات لقناة الإخبارية في وقت متأخر من مساء الأحد، إن جريمة القتل والاضطرابات التي تلتها تم استغلالها لإثارة الفتنة الطائفية.
كما رفضت عائلة الزوجين نسب الجريمة إلى أسباب طائفية، وأكدت دعمها لجهود السلطات في تقديم الجناة إلى العدالة، بحسب بيان صادر عن العائلة نقلته سانا.
وأصدر عدد من الشخصيات البارزة في حمص بياناً مشتركاً، الأحد، أدانوا فيه الجريمة وأعربوا عن دعمهم الكامل للسلطات.
بيان للعشائر حول الأحداث الأخيرة في محافظة #حمص pic.twitter.com/EBrOliH1WW
— المدن – المدن (@almodononline) 23 نوفمبر 2025
وفي مواجهة موجة الاضطرابات، استنكرت العشائر أي محاولات لاستغلال الجريمة لإثارة العنف الطائفي وخلق الانقسامات الاجتماعية. وأعربوا عن “دعمهم الكامل للدولة وإجراءاتها الأمنية، والتزامهم بتفادي أي محاولة لجر العشائر إلى صراع طائفي”، داعين كافة الأهالي في حمص إلى ضبط النفس والالتزام بالتوجيهات والإجراءات الأمنية الصادرة عن السلطات.
كما أصدرت قبيلة بني خالد بيانا استنكرت فيه الجريمة وأعمال العنف التي أعقبتها.
وقالت القبيلة في بيان نشرته سانا: “نحن عشيرة بني خالد نرفض رفضاً قاطعاً كافة أشكال التحريض والفتنة والطائفية ونؤكد أن مثل هذه الأعمال الإجرامية تستهدف السلم الأهلي ووحدة المجتمع ولن تخدم إلا أعداء الاستقرار”.
وجاء في البيان: “نعلن دعمنا الكامل للقوات الأمنية والجهات المعنية في كشف ملابسات هذه الجريمة في أسرع وقت ممكن”.
خلفية: حمص هي ثالث أكبر مدينة في سوريا ويبلغ عدد سكانها حوالي 1.8 مليون نسمة. ويشكل المسلمون السنة غالبية السكان، يليهم العلويون، الذين يتبعون فرعا من الإسلام الشيعي، فضلا عن المسيحيين والأقليات الأخرى.
ويتركز المجتمع العلوي بشكل رئيسي في المناطق الساحلية في سوريا. لقد كانت قاعدة دعم رئيسية للرئيس السابق بشار الأسد طوال الحرب الأهلية السورية.
لكن المجتمع يواجه هجمات منذ سقوط نظام الأسد في هجوم شنته المعارضة بقيادة جماعة هيئة تحرير الشام الإسلامية في ديسمبر الماضي. ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره لندن، ما لا يقل عن 381 حالة قتل انتقامي في حمص منذ بداية العام الحالي، بما في ذلك 240 حالة وصفها بأنها طائفية.
اعرف المزيد: يوم الثلاثاء الماضي، بدأت في حلب محاكمة المقاتلين الموالين للحكومة الذين قتلوا مئات العلويين في مارس/آذار.
وفي مارس/آذار، أسفرت الاشتباكات بين الميليشيات الموالية للأسد وقوات الأمن في اللاذقية وطرطوس عن مقتل أكثر من 1000 شخص، من بينهم 745 مدنياً. وأدى العنف إلى هجمات انتقامية ضد الطائفة العلوية.
منذ أن أصبح رئيساً مؤقتاً لسوريا في يناير/كانون الثاني الماضي، عمل أحمد الشرع على تعزيز سلطته وتقديم نفسه كزعيم موحد. ومع ذلك، واجهت جهوده تحديات كبيرة.
واندلعت اشتباكات طائفية بين مقاتلين سنة وسكان دروز في بلدة جرمانا بريف دمشق، مما أسفر عن مقتل العشرات في أبريل/نيسان.
وفي الآونة الأخيرة، شهدت محافظة السويداء الجنوبية اشتباكات دامية بين المقاتلين الدروز والبدو في تموز/يوليو الماضي، بعد سلسلة من عمليات الاختطاف من قبل المجموعتين. وانتشرت القوات الحكومية وسط أنباء عن عمليات إعدام وهجمات استهدفت المدنيين.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن 1339 شخصا قتلوا في القتال. ومن بين القتلى 196 شخصاً أعدمتهم القوات التابعة للحكومة وثلاثة أشخاص أعدمهم مقاتلون دروز.