بقلم سيدا كاجلايان
سانليورفا (تركيا) (رويترز) – كشفت تركيا النقاب عن عشرات الاكتشافات الجديدة في موقع أثري كبير بجنوب شرق تركيا يوم الأربعاء مما يعطي فكرة جديدة عن منطقة ينظر إليها على أنها تظهر تحول البشرية من مجتمعات تعتمد على الصيد وجمع الثمار إلى مجتمعات مستقرة قبل أكثر من 11 ألف عام.
على هضبة تطل على السهول الخصبة لما يسمى غالبا “مهد الحضارة”، يعمل موقع غوبيكليتيبي المدرج على قائمة التراث العالمي لليونسكو ومنطقة كاراهانتيبي القريبة على تغيير فهم علماء الآثار لعصور ما قبل التاريخ.
ومن بين أحدث الاكتشافات في مقاطعة سانليورفا، تمثال ذو تعبيرات وجه تذكرنا بشخص متوفى. وقال علماء الآثار إنه اكتشاف فريد من نوعه من حيث طقوس الموت والتعبير الرمزي بين مجتمعات العصر الحجري الحديث.
وكانت واحدة من حوالي 30 قطعة أثرية تم الكشف عنها يوم الأربعاء، بما في ذلك تماثيل بشرية وحيوانية وتماثيل صغيرة وأواني ولوحات وقلائد وخرز بما في ذلك قطعة على شكل إنسان.
وقال وزير الثقافة والسياحة محمد نوري إرسوي لرويترز “ما يجعل هذه المواقع الأثرية فريدة من نوعها هو الطريقة التي تعيد بها تشكيل معرفتنا بتاريخ العصر الحجري الحديث وكذلك الانتقال إلى الحياة المستقرة”.
وقال إن المواقع، التي أطلقت عليها تركيا اسم “مشروع التلال الحجرية”، تظهر أن الإنسانية لديها مستوى أعلى بكثير من الوعي فيما يتعلق بالمعتقدات والطقوس والتنظيم الاجتماعي والإنتاج الثقافي مما كان يفترض في السابق.
وأضاف أنه من المتوقع أن يجذب غوبيكليتيبي حوالي 800 ألف زائر هذا العام، مما يدل على الاعتراف المتزايد بأهمية الموقع.
يشمل المشروع الذي تقوده الوزارة 12 موقعًا من العصر الحجري الحديث للمجتمعات المستقرة في سانليورفا يعود تاريخها إلى 9500 قبل الميلاد، حيث تضم غوبيكليتيبي وكارهانتبه أقدم الهياكل في العالم المستخدمة في طقوس التجمع والأداء.
ومن بين أبرز المعالم في المواقع الهياكل الأثرية ذات الشكل البيضاوي التي يصل قطرها إلى 28 مترًا، والمحاطة بأعمدة من الحجر الجيري على شكل حرف T، والتي تعتبر تمثيلاً للبشر، مع نقوش بارزة لحيوانات مصورة على بعضها.
يقول علماء الآثار إن إحدى عمليات التنقيب الأخيرة في كاراهانتيبي كشفت عن عمود على شكل حرف T ذو وجه بشري، وهو ما يمثل أول تصوير معروف لوجه بشري على مثل هذا العمود.
وقال نجمي كارول، رئيس فريق التنقيب، واصفا بناة الهياكل بأنهم حرفيين ماهرين: “من التغذية إلى الهندسة المعمارية، ومن العالم الرمزي إلى الطقوس، فإن التنوع الكبير في الأدلة التي تم الحصول عليها هنا يجعلنا قريبين بشكل لا يصدق من مجتمعات ما قبل التاريخ”.
وقال إنه حتى وقت قريب كان من المفترض أن الحياة المستقرة بدأت بالزراعة وتربية الحيوانات، لكن المشروع أشار إلى أن هؤلاء الناس ما زالوا يعتمدون على الصيد وجمع الثمار ولكنهم استقروا.
(كتابة سيدا كاجلايان؛ تحرير دارين بتلر وأليسون ويليامز)