أعلنت جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل عن مبادرة رائدة لدمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في حفظ وتوثيق المخطوطات العربية النادرة، وذلك في إطار فعاليات مبادرة “العربية: لغة وهوية وصناعة المستقبل”. يهدف هذا الجهد إلى تعزيز الحفاظ على التراث الثقافي الغني للمملكة العربية السعودية، وتسريع عملية الوصول إلى هذه المصادر التاريخية للباحثين والجمهور.
افتتح رئيس الجامعة، الدكتور فهد بن أحمد الحربي، الفعالية التي شهدت حضوراً واسعاً من القيادات الأكاديمية والخبراء في مجالات اللغة العربية والتكنولوجيا. تأتي هذه الخطوة في سياق رؤية المملكة 2030 التي تركز على الاستثمار في التراث الوطني والتحول الرقمي.
الذكاء الاصطناعي والمخطوطات العربية النادرة: شراكة نحو المستقبل
تعتبر المخطوطات العربية النادرة مصدراً حيوياً للمعرفة والتاريخ، حيث تحتفظ بإرث ثقافي وإسلامي عظيم يعود إلى قرون مضت. ومع ذلك، تواجه هذه المخطوطات تحديات كبيرة تتعلق بالحفظ والاستعادة، بالإضافة إلى صعوبة الوصول إليها وفهمها بسبب طبيعة الخطوط القديمة. هنا، يبرز دور الذكاء الاصطناعي كأداة قوية للتغلب على هذه العقبات.
تحديات الحفظ والرقمنة
تواجه عملية حفظ المخطوطات مشاكل مثل التدهور الطبيعي للمواد، والتلف بسبب العوامل البيئية، والضياع. كما أن عملية الرقمنة التقليدية للمخطوطات تستغرق وقتاً طويلاً وتتطلب جهداً بشرياً كبيراً. تهدف التقنيات الجديدة إلى تقليل هذه التحديات وزيادة الكفاءة.
تطبيقات الذكاء الاصطناعي في معالجة المخطوطات
تستخدم الجامعة الذكاء الاصطناعي لتطوير أدوات متخصصة في التعرف الضوئي على الحروف (OCR) للخطوط العربية المتنوعة، مما يسهل تحويل النصوص المكتوبة يدوياً إلى نصوص رقمية قابلة للبحث والتحليل. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام تقنيات معالجة اللغات الطبيعية (NLP) لفهم وتحليل محتوى المخطوطات، وتحديد الموضوعات الرئيسية، واستخراج المعلومات الهامة.
أهمية المبادرة في سياق رؤية 2030
تتماشى هذه المبادرة بشكل وثيق مع أهداف رؤية المملكة 2030، والتي تولي اهتماماً كبيراً بالحفاظ على التراث الوطني وتعزيز الهوية الثقافية. كما تدعم الرؤية تطوير قطاع المعرفة والابتكار، وتشجيع البحث العلمي في المجالات ذات الأهمية الاستراتيجية. وبحسب تصريحات من كلية الآداب بالجامعة، فإن هذه الخطوة تساهم في بناء مستقبل قائم على المعرفة والتكنولوجيا.
بالإضافة إلى الحفظ والرقمنة، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في ترميم المخطوطات التالفة، وإعادة بناء الأجزاء المفقودة باستخدام خوارزميات متقدمة. هذا يفتح آفاقاً جديدة لإحياء النصوص التاريخية وإتاحتها للأجيال القادمة.
المعرض المصاحب والفعاليات الثقافية
تضمنت الفعالية معرضاً فنياً يجمع بين جماليات اللغة العربية والتراث الثقافي، واستشرف آفاقها المستقبلية في ظل التقنيات الحديثة. عرضت اللوحات الفنية والخطوط العربية المبتكرة تعبيراً عن الفخر باللغة وهيّة الوطن. كما تم عرض المخطوطات الأصلية النادرة، مما أتاح للزوار فرصة التعرف على كنوز التراث العربي.
وعقدت الجامعة أيضاً فعاليات ثقافية وورش عمل حول أهمية اللغة العربية ودورها في تطوير المجتمع، بالإضافة إلى مسابقات للإبداع الأدبي. وقد فاز إبراهيم محمد اليوسف في مسابقة الشعر الفصيح، وفازت الطالبة سمية عبدالله جلال في مسابقة التأليف المسرحي.
ويأمل القائمون على المبادرة أن تساهم في تعزيز مكانة اللغة العربية كلغة عالمية، وأن تشجع الباحثين والطلاب على دراسة التراث العربي والإسلامي. كما تعزيز التعاون مع المؤسسات البحثية والأكاديمية المحلية والدولية في مجال حفظ المخطوطات واستعادتها.
من المتوقع أن تعلن الجامعة عن المرحلة الثانية من المبادرة في الربع الأول من عام 2026، والتي ستركز على تطوير منصة رقمية شاملة للمخطوطات العربية النادرة، وإتاحتها للباحثين والجمهور من جميع أنحاء العالم. سيعتمد نجاح هذه المرحلة على توفير التمويل اللازم، وتطوير البنية التحتية التكنولوجية، وتعزيز التعاون مع الخبراء والمتخصصين.