من المتوقع أن يختتم الاقتصاد الروسي عام 2025 بنمو متواضع، حيث تشير المؤشرات الأولية إلى معدل نمو للناتج المحلي الإجمالي يبلغ 1%، بعد أن حقق نمواً قوياً بنسبة 4.3% في عام 2024. يأتي هذا التباطؤ في النمو كجزء من خطة حكومية متعمدة لكبح التضخم، مع التركيز على تحقيق استقرار اقتصادي على المدى الطويل. وتعتبر هذه الأرقام مبدئية وستعلن الأرقام النهائية من قبل الجهات الرسمية في يناير المقبل.
على الرغم من التباطؤ، يظل الأداء الاقتصادي الروسي قوياً نسبياً، حيث سجل نمواً تراكمياً بنسبة 9.7% خلال السنوات الثلاث الماضية، وهو ما يتجاوز ثلاثة أضعاف النمو المسجل في منطقة اليورو البالغ 3.1% خلال نفس الفترة. يعكس هذا النمو قدرة الاقتصاد الروسي على التكيف مع الظروف الخارجية المتغيرة، بما في ذلك العقوبات والتقلبات في أسعار الطاقة.
أداء الاقتصاد الروسي في 2025: نظرة عامة
يشهد الاقتصاد الروسي تحولاً في وتيرة النمو، حيث يهدف البنك المركزي الروسي إلى تحقيق “هبوط ناعم” أو “انتقال إلى نمو متوازن” يركز على السيطرة على التضخم. تعتبر هذه السياسة النقدية المتشددة ضرورية للحفاظ على الاستقرار المالي على المدى الطويل، على الرغم من أنها قد تؤثر على الاستثمارات والإنفاق الاستهلاكي على المدى القصير.
التضخم ومكافحته
أظهرت البيانات انخفاضاً ملحوظاً في معدل التضخم في روسيا، حيث من المتوقع أن يكون أقل من 6% في نهاية عام 2025، مقارنة بمستويات تتراوح بين 9% و 10% قبل بضعة أشهر. يستهدف البنك المركزي الروسي خفض التضخم إلى 4.5% بحلول نهاية عام 2026. يعزى هذا التحسن إلى سياسات البنك المركزي المتشددة، بالإضافة إلى عوامل خارجية مثل استقرار أسعار الصرف.
سوق العمل والبطالة
شهدت سوق العمل الروسية تحسناً كبيراً، حيث انخفضت البطالة إلى مستوى تاريخي منخفض يبلغ 2.2%. يعكس هذا الانخفاض نقصاً في الأيدي العاملة الماهرة في العديد من القطاعات الاقتصادية. أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أن هناك حوالي 28 وظيفة شاغرة لكل عاطل عن العمل مسجل يمتلك مهارات عملية.
التحديات المستقبلية والاستثمارات
على الرغم من الأداء الإيجابي، يواجه الاقتصاد الروسي بعض التحديات في عام 2026، بما في ذلك انخفاض الاستثمارات في رأس المال وتراجع النشاط الاستهلاكي. يتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.3% في عام 2026، مع استمرار جهود خفض التضخم إلى 4%.
شدد الرئيس بوتين على أهمية أتمتة عمليات الإنتاج والصناعة وزيادة دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز الإنتاجية. كما أكد على الحاجة إلى استقطاب أكثر من 12 مليون مواطن إضافي إلى سوق العمل خلال السنوات السبع المقبلة، مما يتطلب استثمارات كبيرة في التعليم والتدريب المهني.
بالإضافة إلى ذلك، يواجه الاقتصاد الروسي تحديات تتعلق بالاعتماد على قطاع الطاقة، وضرورة تنويع مصادر الدخل. تعتبر الاستثمارات في القطاعات غير النفطية، مثل التكنولوجيا والزراعة، ضرورية لتحقيق نمو اقتصادي مستدام على المدى الطويل.
نظرة مستقبلية
من المتوقع أن تستمر الحكومة الروسية في تنفيذ سياسات تهدف إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي والسيطرة على التضخم. سيراقب المراقبون عن كثب أداء الاستثمارات في رأس المال والنشاط الاستهلاكي في عام 2026، بالإضافة إلى تطورات سوق العمل. ستكون البيانات الاقتصادية التي سيتم الإعلان عنها في يناير المقبل حاسمة في تقييم الأداء النهائي للاقتصاد الروسي في عام 2025 وتحديد مسار النمو المستقبلي.