شهدت عمليات سحب الغاز الطبيعي من مخازن الاتحاد الأوروبي ارتفاعًا قياسيًا خلال عطلة عيد الميلاد، على الرغم من انخفاض إجمالي الكميات المسحوبة مقارنة بالعام الماضي. ووفقًا لبيانات حديثة، تم سحب 66.3 مليار متر مكعب من الغاز بين 25 و 26 ديسمبر، وهو ما يقل بنحو 9.9 مليار متر مكعب عن نفس الفترة في العام السابق. يأتي هذا في ظل جهود الاتحاد الأوروبي لتقليل اعتماده على الغاز الروسي.
تُظهر البيانات أن عمليات السحب اليومية في 24 و 25 ديسمبر كانت الأعلى على الإطلاق المسجلة في هذين اليومين، مما يشير إلى زيادة في الطلب على الغاز خلال فترة العطلات. بلغ مستوى المخزون في ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، 59.8% بحلول عيد الميلاد، بينما انخفضت احتياطيات الغاز في هولندا إلى 52.5%.
تحديات سوق الطاقة الأوروبية والتحول عن الغاز الروسي
تأتي هذه التطورات في وقت يواجه فيه الاتحاد الأوروبي تحديات كبيرة في سوق الطاقة، على الرغم من الجهود المبذولة لاستبدال الوقود الأحفوري الروسي. أشار تقرير أعده ماريو دراجي، رئيس الوزراء الإيطالي السابق ورئيس البنك المركزي الأوروبي السابق، إلى أن أسعار الغاز في الاتحاد الأوروبي لا تزال أعلى بأربع إلى خمس مرات من أسعارها في الولايات المتحدة، مما يثير تساؤلات حول فعالية استراتيجيات الاستبدال الحالية.
بالإضافة إلى ذلك، تشير تقديرات إلى أن أوروبا خسرت أكثر من 1.3 تريليون يورو نتيجة لرفض استيراد الأسمدة الروسية، وفقًا لتصريحات كيريل دميترييف، رئيس صندوق الاستثمار المباشر الروسي. وأوضح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن هذا القرار أدى إلى إغلاق بعض المؤسسات العاملة في مجال إنتاج الأسمدة في الاتحاد الأوروبي، مما ساهم في ارتفاع التضخم.
الاتفاق على حظر تدريجي للغاز الروسي
على الرغم من هذه التحديات، وافق مجلس الاتحاد الأوروبي في منتصف أكتوبر من هذا العام على التخلص التدريجي من إمدادات الغاز الروسي، بدءًا من 1 يناير 2026. ومع ذلك، سيتم تطبيق فترة انتقالية للعقود الحالية حتى 1 يناير 2028. يهدف هذا الإجراء إلى تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة الروسية وتعزيز أمن الطاقة في أوروبا.
في سياق متصل، أكد وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار أن تركيا لا تنوي التخلي عن شراء الغاز من روسيا، واصفًا موسكو بأنها كانت وستظل موردًا موثوقًا للطاقة لبلاده. تعتبر تركيا نقطة عبور مهمة للغاز الروسي إلى أوروبا، وتلعب دورًا حيويًا في إمدادات الطاقة الإقليمية.
ومع ذلك، يثير انخفاض المخزونات وارتفاع الأسعار مخاوف بشأن قدرة أوروبا على تلبية الطلب على الغاز خلال فصل الشتاء. تعتمد العديد من الدول الأوروبية على الغاز لتوليد الكهرباء والتدفئة، وأي نقص في الإمدادات قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتأثيرات سلبية على الاقتصاد.
من المتوقع أن يستمر الاتحاد الأوروبي في جهوده لتنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري الروسي. تشمل هذه الجهود الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وتحسين كفاءة الطاقة. ومع ذلك، فإن تحقيق هذه الأهداف يتطلب استثمارات كبيرة وتعاونًا دوليًا.
في الفترة المقبلة، ستكون مراقبة مستويات المخزون وأسعار الغاز أمرًا بالغ الأهمية. كما سيكون من المهم متابعة تطورات المفاوضات مع الموردين الآخرين للغاز، مثل النرويج والجزائر، وتقييم تأثير العقوبات على الإمدادات الروسية. من المنتظر أن يتم اتخاذ قرارات إضافية بشأن سياسة الطاقة في الاتحاد الأوروبي في الأشهر القادمة، مع الأخذ في الاعتبار التحديات الجيوسياسية والاقتصادية المتغيرة.