ابتكر أربعة طلاب إماراتيين من المرحلة الثانوية تطبيقاً ذكياً يعتمد على الذكاء الاصطناعي بهدف الحفاظ على التراث البحري الغني لدولة الإمارات العربية المتحدة. يتيح التطبيق الجديد، الذي يحمل اسم “صنارة”، للمستخدمين استكشاف تاريخ وأهمية أدوات الصيد التقليدية والأصداف البحرية من خلال مسحها بالكاميرا. يأتي هذا الابتكار في وقت يشهد فيه هذا التراث تراجعاً مع فقدان الذاكرة الجماعية للأجيال القديمة.
جاء الإعلان عن التطبيق من مدينة أبوظبي، حيث يدرس الطلاب في ثانوية التكنولوجيا التطبيقية. وقد استغرق تطوير “صنارة” لنظام iOS حوالي عامين من العمل الجاد والتعلم الذاتي، مما يعكس اهتماماً متزايداً بالحفاظ على الهوية الثقافية الإماراتية من خلال التكنولوجيا الحديثة. يُعد هذا المشروع نموذجاً للطاقات الشبابية الإماراتية القادرة على دمج التقاليد مع الابتكار.
أهمية الحفاظ على التراث البحري الإماراتي
لطالما شكل البحر جزءاً لا يتجزأ من الحياة في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث كان المصدر الرئيسي للرزق والتجارة والثقافة لقرون. تعتبر مهن الصيد والغوص على اللؤلؤ جزءاً أساسياً من الهوية الوطنية، وقد تركت بصمات عميقة في الأدب والموسيقى والفنون الشعبية. ومع التحولات الاجتماعية والاقتصادية السريعة، يواجه هذا التراث تحديات كبيرة في الحفاظ عليه.
تلاشي المعرفة التقليدية
أحد أبرز هذه التحديات هو انتقال المعرفة التقليدية المتعلقة بالبحر والصيد من جيل إلى جيل. مع انخراط الشباب بشكل متزايد في قطاعات أخرى، تتضاءل فرص تعلمهم عن أساليب الصيد القديمة، وأنواع القوارب التقليدية، وأهمية الأصداف البحرية في الحياة اليومية. هذا الفقدان للمعرفة يهدد بضياع جزء هام من التراث الثقافي.
دور التكنولوجيا في الحفاظ على التراث
يأتي تطبيق “صنارة” كحل مبتكر لمواجهة هذا التحدي. من خلال استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، يتيح التطبيق للمستخدمين الوصول إلى معلومات قيمة حول التراث البحري بطريقة تفاعلية وسهلة الاستخدام. يعمل التطبيق عن طريق مسح الأشياء المتعلقة بالبحر، مثل قوارب الداو والقرقور، ثم عرض معلومات تاريخية وثقافية حولها.
كيف يعمل تطبيق “صنارة”؟
يعتمد التطبيق على تقنية التعرف على الصور المدعومة بالذكاء الاصطناعي. قام الطلاب بتدريب النموذج على مجموعة كبيرة من الصور لأدوات الصيد والقوارب والأصداف البحرية، مما يسمح له بتحديد هذه الأشياء بدقة عند مسحها بالكاميرا. وبحسب ما ذكره الطلاب لصحيفة “خليج تايمز”، فإن تطوير ماسح الذكاء الاصطناعي كان التحدي الأكبر في المشروع، حيث استغرق الأمر أسابيع من التجربة والخطأ لتحقيق النتائج المرجوة.
يُطلق اسم “صنارة” على التطبيق تيمناً بالأداة التقليدية المستخدمة في الصيد، وهو ما يعكس الهدف الرئيسي للمشروع وهو ربط الأجيال الشابة بتراثهم البحري. بالإضافة إلى ذلك، يوفر التطبيق معلومات حول المصطلحات البحرية الإماراتية القديمة، مما يساعد على إحياء اللغة والثقافة المحلية. يعتبر هذا الجانب مهماً بشكل خاص في سياق الحفاظ على الهوية الإماراتية.
على الرغم من أن الطلاب لم يكن لديهم خبرة سابقة في لغة البرمجة “سويفت”، إلا أنهم تمكنوا من تعلمها من الصفر أثناء تطوير التطبيق. يعكس هذا الإصرار والقدرة على التعلم الذاتي الروح الريادية التي يتمتع بها الشباب الإماراتي. كما يوضح أهمية توفير الفرص التعليمية والتدريبية للطلاب في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM).
يُعد هذا التطبيق إضافة قيمة إلى الجهود المبذولة للحفاظ على الثقافة الإماراتية. وتشير التقارير إلى أن هناك اهتماماً متزايداً من المؤسسات الحكومية والخاصة بدعم مشاريع الحفاظ على التراث، وذلك من خلال توفير التمويل والموارد اللازمة. كما أن هناك مبادرات تهدف إلى تشجيع السياحة الثقافية، مما يساعد على زيادة الوعي بأهمية التراث البحري.
من المتوقع أن يتم عرض تطبيق “صنارة” على نطاق أوسع في المعارض والمؤتمرات التعليمية والتكنولوجية القادمة. كما أن الطلاب يخططون لإضافة المزيد من الميزات إلى التطبيق، مثل دعم اللغات الأخرى وتوفير معلومات حول الحياة البحرية في دولة الإمارات. يبقى أن نرى ما إذا كان التطبيق سيتم اعتماده من قبل المؤسسات التعليمية أو السياحية، وما هو تأثيره النهائي على جهود الحفاظ على التراث البحري الإماراتي.