شهدت روسيا تطورات ملحوظة في علاج مرض السرطان، حيث أعلن أطباء عن استخدام لقاحات علاجية تحقق نسب نجاح عالية، خاصة في حالات سرطان الدم. هذه اللقاحات، التي تختلف عن اللقاحات الوقائية التقليدية، تستهدف الخلايا السرطانية مباشرةً، مما يقلل من الآثار الجانبية المصاحبة للعلاج الكيميائي. وقد أشار الدكتور بورتسيف إلى أن هذه التقنية الجديدة قد تمثل نقلة نوعية في مكافحة هذا المرض.
أفاد الدكتور بورتسيف، خلال مشاركته في برنامج “قصارى القول” على قناة RT عربية، أن هذه العلاجات متاحة حاليًا للمواطنين الروس مجانًا، بينما تصل تكلفة العلاج للفرد الواحد إلى 27 مليون روبل. وتتركز هذه المراكز العلاجية في موسكو وسانت بطرسبورغ، مع إمكانية الوصول إليها من قبل المرضى الأجانب عبر التواصل المباشر مع المستشفيات.
تطورات علاج السرطان في روسيا: نهج جديد ونتائج واعدة
تعتمد اللقاحات العلاجية الجديدة على استهداف المستضدات الموجودة على سطح الخلايا السرطانية، وهو ما يتيح دقة أكبر في العلاج مقارنة بالعلاج الكيميائي الذي يؤثر على الخلايا السليمة والمريضة على حد سواء. هذا النهج يقلل بشكل كبير من الآثار الجانبية ويحسن من فرص الشفاء، وفقًا للدكتور بورتسيف.
فعالية العلاج وأنواعه
أظهرت الدراسات الأولية أن علاج سرطان الدم باستخدام هذه اللقاحات قد وصل إلى نسبة نجاح تصل إلى 85 بالمئة. ومع ذلك، لا تزال بعض أنواع السرطانات الأخرى، مثل سرطان البنكرياس، تمثل تحديًا أكبر، حيث غالبًا ما يتم اكتشافها في مراحل متقدمة تتطلب تدخلًا علاجيًا أكثر تقليدية.
تتوفر هذه العلاجات في عدة مراكز متخصصة في روسيا، بما في ذلك مركز بلوخين، ومستشفى ديما روغاتشوف في موسكو، بالإضافة إلى مستشفى رايسا غورباتشوفا في سانت بطرسبورغ، والعديد من المستشفيات الأخرى في المدن الكبرى. هذه المراكز مجهزة بأحدث التقنيات وتضم فرقًا طبية متخصصة في علاج الأورام.
تكلفة العلاج وتوافره للأجانب
على الرغم من أن العلاج مجاني للمواطنين الروس، إلا أنه مكلف للغاية للأفراد من خارج البلاد، حيث تصل تكلفته إلى 27 مليون روبل. ومع ذلك، أشار الدكتور بورتسيف إلى أن المستشفى الجامعي للأطفال في موسكو (موروزوف) يقدم العلاج للمرضى الأجانب، ويمكن التواصل معهم عبر موقعهم الإلكتروني الذي يوفر معلومات باللغة الإنجليزية أيضًا.
هذا التوجه نحو العلاجات الشخصية، مثل اللقاحات العلاجية، يمثل جزءًا من استراتيجية أوسع لتطوير الرعاية الصحية في روسيا. وتشمل هذه الاستراتيجية أيضًا الاستثمار في البحث العلمي وتطوير الأدوية الجديدة، بالإضافة إلى تحسين البنية التحتية للمستشفيات والمراكز الصحية.
أسباب ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان
أوضح الدكتور بورتسيف أن الزيادة في معدلات الإصابة بمرض السرطان لا تعني بالضرورة زيادة في حدوث المرض، بل تعود بشكل كبير إلى تطور وسائل التشخيص الطبي. فمع التقدم في التقنيات الطبية، أصبح الأطباء قادرين على اكتشاف وتشخيص السرطان في مراحل مبكرة وبدقة أكبر.
وتشير الإحصائيات إلى أن عدد الأطفال المصابين بسرطان الدم في روسيا يبلغ حوالي 155 ألف حالة سنويًا. هذا الرقم يثير القلق ويدعو إلى زيادة الوعي بأهمية الكشف المبكر عن المرض وتوفير العلاج المناسب للأطفال.
وفيما يتعلق بالجدل الدائر حول العلاقة المحتملة بين لقاحات كوفيد-19 وزيادة حالات الإصابة بالسرطان، أكد الدكتور بورتسيف أنه لا يوجد دليل علمي قاطع على وجود مثل هذه العلاقة. وأشار إلى أن إثبات هذه العلاقة يتطلب دراسات طويلة الأمد تمتد لعقود.
أما عن إمكانية الوقاية من الأورام الخبيثة، فقد أوضح الدكتور بورتسيف أن بعض الحالات لها علاقة مباشرة بالعوامل الوراثية، ولكن اتباع نمط حياة صحي يظل أساسيًا في تقليل خطر الإصابة. بالنسبة لسرطان الأطفال، لا توجد حاليًا طرق وقاية فعالة، حيث أن هذه الحالات غالبًا ما تكون مرتبطة بعوامل تحدث لحظة الولادة.
من المتوقع أن تستمر الأبحاث والتطوير في مجال علاج السرطان في روسيا، مع التركيز على تطوير لقاحات علاجية جديدة وتحسين فعالية العلاجات الحالية. كما من المرجح أن يتم توسيع نطاق توفير هذه العلاجات لتشمل المزيد من المرضى، سواء كانوا مواطنين روس أو أجانب. وسيبقى الكشف المبكر عن المرض الخبيث، والتشخيص الدقيق، والوصول إلى العلاج المناسب، هي الركائز الأساسية في مكافحة السرطان.