أعلنت الهيئة الاتحادية للضرائب (FTA) في دولة الإمارات العربية المتحدة عن تغييرات جذرية في طريقة احتساب ضريبة القيمة المضافة على المشروبات المحلاة، والتي ستدخل حيز التنفيذ اعتبارًا من الأول من يناير 2026. سيتم تطبيق “نموذج حجمي متدرج” لـ ضريبة المشروبات المحلاة، حيث سترتبط قيمة الضريبة لكل لتر بكمية السكر والمحليات الأخرى الموجودة في المشروب. يهدف هذا التعديل إلى تعزيز الصحة العامة وتشجيع المستهلكين على اختيار بدائل أقل سكرًا.
ينطبق هذا القرار على جميع المشروبات المحلاة المنتجة داخل الدولة أو المستوردة إليها، سواء كانت غازية أو غير غازية، وعصائر، ومشروبات الطاقة، وغيرها. تأتي هذه الخطوة في إطار جهود الحكومة المستمرة لمكافحة الأمراض المزمنة المرتبطة باستهلاك السكر المفرط، مثل السمنة والسكري وأمراض القلب. ستؤثر هذه التغييرات على الشركات المصنعة والموزعين وتجار التجزئة، بالإضافة إلى المستهلكين.
تغييرات كبيرة في نظام ضريبة المشروبات المحلاة
وفقًا للهيئة الاتحادية للضرائب، فإن النموذج الجديد يختلف عن النظام الحالي الذي يفرض رسومًا ثابتة على المشروبات المحلاة بغض النظر عن محتواها من السكر. الآن، سيتم تحديد الضريبة بناءً على كمية السكر والمحليات الأخرى لكل 100 ملليلتر من المشروب. هذا يعني أن المشروبات التي تحتوي على نسبة سكر أعلى ستخضع لضريبة أعلى، بينما ستكون المشروبات الأقل سكرًا أقل تكلفة.
كيف سيعمل النموذج الحجمي المتدرج؟
لم تكشف الهيئة الاتحادية للضرائب عن التفاصيل الدقيقة لشرائح الضريبة، ولكنها أوضحت أن النظام سيشمل مستويات مختلفة من الرسوم بناءً على كمية السكر. من المتوقع أن يتم الإعلان عن هذه الشرائح في وقت لاحق، مما يتيح للشركات الوقت الكافي للتكيف مع التغييرات. سيشمل التقييم جميع أنواع السكر المضاف، بما في ذلك السكر العادي والشراب عالي الفركتوز والمحليات الصناعية.
يهدف هذا التغيير إلى جعل المستهلكين أكثر وعيًا بمحتوى السكر في المشروبات التي يشترونها. من خلال زيادة تكلفة المشروبات عالية السكر، تأمل الحكومة في تقليل استهلاكها وتشجيع الناس على اختيار بدائل صحية أكثر. قد يشمل ذلك المياه، والشاي غير المحلى، والقهوة السوداء، والعصائر الطبيعية.
بالإضافة إلى ذلك، قد يحفز هذا النظام الشركات المصنعة على تقليل كمية السكر في منتجاتها لتجنب ارتفاع الضرائب. وهذا يمكن أن يؤدي إلى توفر المزيد من الخيارات الصحية للمستهلكين في السوق. تعتبر هذه الاستراتيجية جزءًا من اتجاه عالمي متزايد نحو فرض ضرائب على المشروبات السكرية كأداة للصحة العامة.
تأتي هذه الخطوة بعد دراسة متأنية لتجارب دول أخرى قامت بتطبيق ضرائب مماثلة على المشروبات المحلاة. أظهرت الدراسات في هذه الدول انخفاضًا في استهلاك المشروبات السكرية وتحسنًا في المؤشرات الصحية. تعتبر هذه النتائج مشجعة للحكومة الإماراتية، التي تسعى إلى تحسين صحة ورفاهية مواطنيها ومقيميها. تعتبر الضرائب الانتقائية على المشروبات المحلاة جزءًا من حزمة أوسع من السياسات الصحية.
من المهم ملاحظة أن هذا التغيير لا يؤثر فقط على المشروبات الغازية التقليدية. يشمل أيضًا مجموعة واسعة من المشروبات الأخرى التي تحتوي على السكر المضاف، مثل مشروبات الفاكهة، ومشروبات الطاقة، والمشروبات الرياضية، وحتى بعض أنواع المياه المنكهة. لذلك، يجب على الشركات المصنعة والموزعين مراجعة جميع منتجاتها لضمان الامتثال للنظام الجديد.
تعتبر الصحة العامة أولوية قصوى للحكومة الإماراتية، وتعتبر هذه الخطوة جزءًا من رؤية شاملة لتعزيز نمط حياة صحي. بالإضافة إلى فرض الضرائب على المشروبات المحلاة، تستثمر الحكومة أيضًا في برامج التوعية الصحية وتشجع على ممارسة الرياضة وتناول الأطعمة الصحية. تتكامل هذه الجهود معًا لخلق بيئة تدعم الصحة والرفاهية.
في المقابل، قد يثير هذا التغيير بعض التحديات للشركات المصنعة والموزعين، خاصةً تلك التي تعتمد بشكل كبير على مبيعات المشروبات المحلاة. سيتعين على هذه الشركات التكيف مع النظام الجديد من خلال إعادة صياغة منتجاتها أو البحث عن أسواق جديدة. قد تحتاج أيضًا إلى الاستثمار في التكنولوجيا والتدريب لضمان الامتثال للوائح الجديدة. من المتوقع أن يكون هناك تأثير على أسعار المشروبات.
من المقرر أن تبدأ الهيئة الاتحادية للضرائب في تقديم المزيد من التفاصيل حول النظام الجديد في الأشهر المقبلة، بما في ذلك شرائح الضريبة والإجراءات اللازمة للامتثال. من المتوقع أيضًا أن تنشر الهيئة إرشادات للمساعدة الشركات والمستهلكين على فهم التغييرات. يجب على جميع الأطراف المعنية متابعة هذه التطورات عن كثب لضمان الاستعداد الكامل للتطبيق في يناير 2026.
في الختام، يمثل تطبيق النموذج الحجمي المتدرج لضريبة المشروبات المحلاة خطوة مهمة نحو تعزيز الصحة العامة في دولة الإمارات العربية المتحدة. من المتوقع أن يكون لهذا التغيير تأثير كبير على الشركات والمستهلكين على حد سواء. ستكون الفترة القادمة حاسمة في تحديد التفاصيل النهائية للنظام وكيفية تنفيذه، وسيتعين على جميع الأطراف المعنية التكيف مع هذه التغييرات لضمان الامتثال والنجاح.