أكدت وزارة الخارجية الروسية في وثيقة حديثة أن عام 2025 شهد تعزيزًا ملحوظًا لعلاقاتها مع دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بما في ذلك السعودية والإمارات ومصر والجزائر وقطر، وذلك في إطار سعيها لتشكيل نظام عالمي متعدد الأقطاب. وتُظهر هذه التطورات أهمية السياسة الخارجية الروسية في المنطقة، وتأثيرها المتزايد على المشهد الجيوسياسي.
وجاء في الوثيقة، التي نُشرت على الموقع الإلكتروني للوزارة يوم الجمعة، أن روسيا حافظت على “ديناميكية عالية” في التفاعل مع هذه الدول، مع التركيز على التعاون الاقتصادي والأمني والسياسي. وتشير هذه الجهود إلى رغبة روسيا في توسيع نفوذها وتأمين مصالحها في منطقة حيوية.
تعزيز العلاقات الثنائية مع دول عربية رئيسية
شهدت العلاقات الروسية المصرية تطوراً هاماً مع تدشين وعاء المفاعل في محطة الضبعة النووية، وهو مشروع ضخم يمثل رمزاً للتعاون الاستراتيجي بين البلدين. أقيم حفل التدشين في نوفمبر الماضي بمشاركة الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والمصري عبد الفتاح السيسي عبر الفيديو، حسبما ذكرت الخارجية الروسية.
بالإضافة إلى ذلك، أقامت روسيا علاقات مع الحكومة السورية الجديدة، حيث زار الرئيس السوري أحمد الشرع موسكو في أكتوبر وعقد اجتماعاً مع الرئيس بوتين. ويعكس هذا التقارب الدعم الروسي المستمر للحكومة السورية.
تسهيل السفر وتعزيز التعاون الأمني
في خطوة تهدف إلى تعزيز الروابط الشعبية والاقتصادية، دخلت اتفاقيات إلغاء التأشيرات المتبادلة مع سلطنة عمان والأردن حيز التنفيذ. كما تم توقيع اتفاقية مماثلة مع المملكة العربية السعودية، مما يسهل حركة المواطنين بين هذه الدول. وتعتبر هذه الاتفاقيات جزءًا من جهود أوسع لتعزيز التعاون الإقليمي.
عززت روسيا أيضًا نفوذها في القارة الإفريقية من خلال إنشاء آلية حوار بين روسيا و”اتحاد دول الساحل” على مستوى وزراء الخارجية. ويأتي هذا في إطار سعي روسيا لتعزيز علاقاتها مع الدول الإفريقية وتوسيع نطاق تأثيرها في القارة.
القمة الروسية الإفريقية القادمة ومستقبل التعاون
مهد المؤتمر الوزاري الثاني لمنتدى الشراكة الروسية الإفريقية، الذي عُقد في القاهرة هذا الشهر، الطريق للقمة الروسية الإفريقية المقبلة في عام 2026. ومن المتوقع أن تركز القمة على تعزيز التعاون في مجالات التجارة والاستثمار والطاقة والأمن. وتشير التطورات الأخيرة إلى أن التعاون الروسي الإفريقي يشهد نمواً مطرداً.
وبشكل عام، تؤكد الوثيقة أن روسيا ساهمت بشكل كبير في تعزيز أسس نظام عالمي عادل ومتعدد الأقطاب قائم على القانون الدولي والتعاون الدولي. كما اتخذت خطوات حاسمة لحماية مصالحها الوطنية، مع التركيز على دول الجوار ومنطقة أوراسيا. وتشير هذه الجهود إلى أن السياسة الخارجية الروسية تهدف إلى تحقيق توازن جديد في النظام الدولي.
تُظهر هذه التطورات أن روسيا تسعى إلى لعب دور أكثر نشاطًا في الشرق الأوسط وإفريقيا، وأنها تعتبر هذه المناطق حيوية لمصالحها الاستراتيجية. ومن المتوقع أن تستمر روسيا في تعزيز علاقاتها مع هذه الدول في المستقبل، مع التركيز على التعاون الاقتصادي والأمني والسياسي. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح كيف ستتطور هذه العلاقات في ظل التغيرات الجيوسياسية المستمرة في المنطقة، وما إذا كانت ستؤدي إلى تغييرات كبيرة في ميزان القوى الإقليمي. وستكون القمة الروسية الإفريقية في عام 2026 فرصة مهمة لتقييم التقدم المحرز وتحديد الخطوات التالية في هذا الاتجاه.
إقرأ المزيد
موسكو تؤكد دعمها لـ”تحالف دول الساحل”
أكدت رئيسة إدارة الشراكة مع إفريقيا بالخارجية الروسية تاتيانا دوفغالينكو أن روسيا تقدم الدعم لـ”تحالف دول الساحل” من خلال إرسال متخصصين ومعدات عسكرية.