برزت دولة الإمارات العربية المتحدة كأكثر الأسواق ديناميكية ومرونة في مجال الدخل الثابت بدول مجلس التعاون الخليجي، وذلك وفقًا لتقرير حديث صادر عن كامكو إنفست. وقد عززت الإمارات مكانتها كمركز رئيسي لإصدارات السندات والديون خلال عام 2025، مسجلةً نموًا متواضعًا ولكنه ثابت في حجم الإصدارات. يشير هذا التطور إلى الدور المتزايد الذي تلعبه الإمارات في تشكيل ديناميكيات سوق الديون الإقليمية.
ووفقًا لتحديث سوق الدخل الثابت لدول مجلس التعاون الخليجي، بلغ إجمالي الإصدارات من الإمارات 64.9 مليار دولار أمريكي، وهو ما يمثل زيادة عن العام السابق. يعكس هذا النمو استمرار الثقة في الاقتصاد الإماراتي وقدرته على جذب الاستثمارات في أدوات الدخل الثابت. كما يبرز التقرير الدور المحوري الذي لعبه القطاع الخاص، وخاصة البنوك، في زيادة حجم الإصدارات.
الإمارات تقود سوق الدخل الثابت في الخليج
تعتبر الإمارات مركزًا ماليًا وتجاريًا رئيسيًا في المنطقة، وقد ساهمت هذه الميزة في تعزيز مكانتها في سوق الدخل الثابت. فقد شهدت الدولة إصدارات متنوعة من السندات والديون، تلبي احتياجات مختلف المقترضين والمستثمرين. بالإضافة إلى ذلك، فقد عززت الإمارات ريادتها في مجال التمويل المستدام، من خلال زيادة إصدارات السندات الخضراء.
دور القطاع الخاص في تعزيز الإصدارات
لعبت البنوك والشركات الإماراتية دورًا كبيرًا في زيادة حجم إصدارات الدخل الثابت. فقد قامت هذه المؤسسات بإصدار سندات لتمويل مشاريعها التوسعية، والاستفادة من أسعار الفائدة الجذابة. كما أن الطلب المتزايد على أدوات الدخل الثابت من قبل المستثمرين المحليين والأجانب ساهم في تعزيز هذا الاتجاه. وتشير البيانات إلى أن الشركات غير المالية ساهمت أيضًا بشكل ملحوظ في زيادة حجم الإصدارات.
التمويل الأخضر يكتسب زخمًا
تعتبر الإمارات من أوائل الدول في المنطقة التي تبنت مفهوم التمويل الأخضر، وشجعت على إصدار السندات الخضراء. وقد شهدت الدولة زيادة ملحوظة في حجم هذه الإصدارات خلال عام 2025، مما يعكس التزامها بتحقيق أهداف التنمية المستدامة. يساهم التمويل الأخضر في دعم المشاريع الصديقة للبيئة، وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام. وتعتبر هذه الخطوة جزءًا من رؤية الإمارات لتنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط.
يعزى هذا الأداء القوي للإمارات في سوق الدخل الثابت إلى عدة عوامل، منها الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي تتمتع به الدولة، بالإضافة إلى البنية التحتية المالية المتطورة. كما أن السياسات الحكومية الداعمة للاستثمار، والإجراءات التي اتخذتها لتسهيل إصدار السندات والديون، قد ساهمت في جذب المستثمرين. بالإضافة إلى ذلك، فإن تصنيف الإمارات الائتماني المرتفع يعزز الثقة في قدرتها على الوفاء بالتزاماتها المالية.
في المقابل، شهدت بعض الدول الأخرى في الخليج تباطؤًا في إصدارات الدخل الثابت. يعزى ذلك إلى عدة عوامل، منها تقلبات أسعار النفط، والظروف الاقتصادية العالمية، والتوترات الجيوسياسية. ومع ذلك، لا يزال سوق الدخل الثابت في دول مجلس التعاون الخليجي يتمتع بإمكانيات كبيرة، ومن المتوقع أن يشهد نموًا في السنوات القادمة. وتشير التوقعات إلى أن الطلب على أدوات الدخل الثابت سيستمر في الزيادة، مدفوعًا بالاحتياجات التمويلية المتزايدة للحكومات والشركات.
بالإضافة إلى ذلك، فإن التطورات في السوق المالية العالمية، مثل ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة وأوروبا، قد تؤثر على سوق الدخل الثابت في الخليج. ومع ذلك، فإن الإمارات تتمتع بميزة تنافسية، بفضل اقتصادها المتنوع، وسياستها المالية الحكيمة، وموقعها الاستراتيجي. وتعتبر السندات الحكومية والصادرة عن الشركات الإماراتية من بين الأكثر طلبًا في المنطقة، مما يعكس الثقة في قدرة الإمارات على تحقيق النمو المستدام.
من المتوقع أن يستمر التركيز على أدوات الاستثمار المستدامة، بما في ذلك السندات الخضراء، في المستقبل القريب. كما أن تطوير أسواق رأس المال المحلية، وتشجيع الشركات على إصدار السندات، سيساهم في تعزيز سيولة السوق وتنوعه. وتشير التقديرات إلى أن حجم إصدارات الدخل الثابت في الإمارات قد يشهد زيادة إضافية في عام 2026، مع استمرار الحكومة والقطاع الخاص في تنفيذ خطط التنمية الاقتصادية. ومع ذلك، فإن هذه التوقعات تعتمد على استقرار الأوضاع الاقتصادية والسياسية العالمية.
في الختام، تظل الإمارات في طليعة أسواق الدخل الثابت في منطقة الخليج، مع توقعات باستمرار هذا الاتجاه في المستقبل. سيراقب المستثمرون عن كثب التطورات الاقتصادية والسياسية في المنطقة، بالإضافة إلى السياسات المالية للحكومات والشركات، لتقييم المخاطر والفرص الاستثمارية. ومن المتوقع أن يتم الإعلان عن المزيد من الإصدارات من السندات والديون في الأشهر القادمة، مما سيعزز مكانة الإمارات كمركز مالي إقليمي.