أظهرت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Nutrients أن مركبات البوليفينولات، الموجودة بوفرة في النباتات، قد تلعب دورًا وقائيًا ضد مجموعة من أمراض العين المزمنة. تشير النتائج إلى أن هذه المواد النشطة بيولوجيًا يمكن أن تساعد في مكافحة المشكلات المرتبطة بالإجهاد التأكسدي والالتهابات، مما يفتح آفاقًا جديدة لدعم صحة العين.
ركزت الدراسة، التي أجراها باحثون من مختلف المؤسسات، على تأثير أنواع محددة من البوليفينولات مثل الأنثوسيانين والكركمين والريسفيراترول والكيرسيتين وحمض الفيروليك. وتشير النتائج الأولية إلى إمكانية هذه المركبات في الحفاظ على وظائف العين وتقليل خطر الإصابة بأمراض شائعة.
البوليفينولات وصحة العين: نظرة أعمق
تعتبر أمراض العين من المشكلات الصحية العالمية المتزايدة، خاصة مع ارتفاع معدلات الشيخوخة وزيادة انتشار الأمراض المزمنة مثل السكري. الإجهاد التأكسدي والالتهابات المزمنة يلعبان دورًا رئيسيًا في تطور العديد من هذه الأمراض، بما في ذلك الجلوكوما والتنكس البقعي المرتبط بالعمر وإعتام عدسة العين.
وفقًا للدراسة، تعمل البوليفينولات على عدة آليات لحماية العين. فهي قادرة على تقليل تلف خلايا الشبكية والعصب البصري، وهي مكونات حيوية للرؤية. بالإضافة إلى ذلك، تساهم في تقليل الالتهابات ودعم أنظمة مضادات الأكسدة الطبيعية في العين، مما يعزز قدرتها على مكافحة الجذور الحرة الضارة.
تأثير البوليفينولات على أمراض العين الشائعة
أظهرت الأبحاث أن البوليفينولات قد تكون مفيدة بشكل خاص في حالات مثل اعتلال الشبكية السكري، وهو أحد المضاعفات الرئيسية لمرض السكري الذي يؤثر على الأوعية الدموية في العين. كما أنها قد تساعد في إبطاء تقدم التنكس البقعي المرتبط بالعمر، وهو السبب الرئيسي لفقدان البصر لدى كبار السن.
بالإضافة إلى ذلك، تشير بعض الدراسات إلى أن البوليفينولات قد تقلل من خطر الإصابة بالجلوكوما، وهو مرض يتميز بتلف العصب البصري وفقدان الرؤية التدريجي. ومع ذلك، يجب التأكيد على أن هذه النتائج لا تزال أولية وتتطلب المزيد من التحقق.
ومع ذلك، يشدد الباحثون على أن معظم هذه النتائج جاءت من دراسات معملية أجريت على الخلايا والحيوانات، وهي لا تعكس بالضرورة التأثيرات التي قد تحدث لدى البشر. لذلك، هناك حاجة ماسة لإجراء تجارب سريرية واسعة النطاق لتقييم فعالية وسلامة البوليفينولات في الوقاية من أمراض العين وعلاجها.
مصادر البوليفينولات وأهمية التغذية
تتوفر البوليفينولات في مجموعة متنوعة من الأطعمة النباتية، بما في ذلك الفواكه والخضروات والمكسرات والبذور والشاي والقهوة. التغذية الصحية الغنية بهذه المركبات قد تساهم في الحفاظ على صحة العين بشكل عام.
تشير بعض الدراسات إلى أن التوت الأزرق والسبانخ والشوكولاتة الداكنة (باعتدال) هي مصادر جيدة للبوليفينولات. بالإضافة إلى ذلك، يمكن الحصول عليها من بعض الأعشاب والتوابل مثل الكركم والزنجبيل. التنوع في النظام الغذائي هو المفتاح لضمان الحصول على مجموعة واسعة من هذه المركبات المفيدة.
يؤكد العلماء على أن البوليفينولات يجب أن تُعتبر مكملات غذائية داعمة لصحة العين، وليست بدائل للعلاج الدوائي التقليدي. ففي حالة الإصابة بمرض في العين، من الضروري استشارة الطبيب واتباع العلاج الموصوف. يمكن أن تكون البوليفينولات إضافة قيمة لنمط حياة صحي يهدف إلى الحفاظ على الرؤية الجيدة.
يُذكر أن هذه الدراسة تثير اهتمامًا متزايدًا بدور التغذية في الوقاية من أمراض العين والحفاظ عليها. ومن المتوقع أن تشهد السنوات القادمة مزيدًا من الأبحاث في هذا المجال، بهدف تحديد الجرعات المثلى من البوليفينولات وتطوير استراتيجيات غذائية فعالة لحماية البصر.
المصدر: لينتا.رو
